رسالة خاطئة في الوقت الخطأ.. إدانة حقوقية لتقديم بايدن مساعدات عسكرية لمصر

السبت 16 سبتمبر 2023 09:54 ص

انتقدت منظمات حقوقية دولية ومصرية، قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالموافقة على أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، بحجة أن الأموال لن تؤدي إلا إلى تشجيع الرئيس عبدالفتاح السيسي وسط حملة قمع مكثفة على المجتمع المدني.

والأربعاء أفادت تقارير أن واشنطن تعتزم حجب مساعدات عسكرية كانت مخصصة لمصر بقيمة 85 مليون دولار بسبب قضية السجناء السياسيين وقضايا أخرى في البلاد، وبدلا من الذهاب إلى القاهرة، سيتم إعادة توجيه هذه الأموال إلى تايوان ولبنان.

وفي الوقت نفسه، وافقت إدارة بادين على مساعدات بقيمة 235 مليون دولار للدولة الواقعة في شمال إفريقيا، والتي طالما طالبت جماعات حقوق الإنسان والمشرعون بحجبها.

وأوضح مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، أن القرار "لا يقلل بأي حال من الأحوال من التزام الولايات المتحدة بتعزيز حقوق الإنسان في مصر، وفي جميع أنحاء العالم".

يأتي ذلك في وقت تواجه الحكومة المصرية انتقادات بسبب أوضاع حقوق الإنسان، وآخرها إعلان المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة حقوقية بارزة) تعليق مشاركتها في الحوار الوطني الذي يتم بدعوة من السيسي، وتشارك فيه مجموعات من المعارضة المصرية.

القرار الأمريكي اعتبره بيان موقع من 16 منظمة حقوقية بأنه "رسالة خاطئة في الوقت الخطأ"، وفق ما ذكر تقرير لموقع "ميدل إيست آي"، وترجمه "الخليج الجديد".

وأضاف البيان: "في الوقت الذي سعت فيه إدارة بادين إلى إقناع العالم بأن الولايات المتحدة ملتزمة بنظام قائم على القواعد يفصل رؤيتها عن رؤية القوى المنافسة، فإن تجاهل الشركاء الذين ينتهكون القواعد يعكس معيارا مزدوجا للالتزام بالقواعد التي تدعي الولايات المتحدة أنها تدافع عنها وتقدرها".

ورحبت الجماعات الحقوقية بقرار الإدارة بحجب مبلغ 85 مليون دولار، لكنها قالت إنه من خلال تزويد الحكومة المصرية بأكثر من 1.2 مليار دولار من المساعدات العسكرية، فإن إدارة بايدن "تتناقض مع التزاماتها المتكررة بوضع حقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية".

ومن بين المنظمات الموقعة على البيان: الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، وبيت الحرية، ومبادرة الحرية، ومشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، ومعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط.

ويرى الحقوقي المصري جمال عيد، أن استمرار تعليق جزء من المساعدات "يعد إشارة من حليف لمصر، بأن هناك مشكلة تصل حد الكارثة، فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في مصر".

ويضيف: "نحن هنا لا نتحدث عن معارضين أو مؤسسات حقوقية مستقلة تنتقد الأوضاع، لكن من الواضح أن حلفاء هذا النظام لديهم ملاحظات، ومشكلة مع الأوضاع السيئة".

وكان عيد قد أعلن مطلع العام الماضي، تعليق عمل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي منظمة يديرها وأسسها عام 2004، مرجعًا ذلك إلى "غياب الحد الأدنى من سيادة القانوني واحترام حقوق الإنسان".

فيما نقلت وكالة "رويترز"، الأربعاء، عن المسؤول في منظمة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط سيث بيندر، قوله إن "مبلغ 85 مليون دولار الذي حُجب، يمثل تراجعا مهما عن العام الماضي".

وأضاف: "لكن إذا حجبت الإدارة (مبلغا) أقل مما حجبته في العامين الماضيين، فإنها في واقع الأمر تقول للسيسي إنها تعتقد أن الحكومة المصرية قامت بتحسين سجلها الحقوقي، وهذا غير صحيح".

يشار إلى أن المبلغ الذي حجبه بايدن عن مصر، أقل مما كان عليه في السنوات السابقة.

ففي عام 2021، حجبت واشنطن 130 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي لمصر، وقالت الإدارة الأمريكية حينها إنها لن تفرج عن الأموال، إلا إذا نفذت حكومة السيسي مجموعة من مطالب حقوق الإنسان.

ومع ذلك، فحتى إجمالي 320 مليون دولار الذي تطالب الجماعات الحقوقية والمشرعون بحجبه لا يمثل سوى ربع المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لمصر البالغة 1.3 مليار دولار.

وتعد القاهرة ثاني أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية، بعد إسرائيل.

وأشار مسؤولون بالخارجية الأمريكية، إلى أن القرار بشأن المساعدات "يعكس دور مصر، التي تقدم مساهمة محددة ومستمرة في أولويات الأمن القومي الأمريكي، وكشريك استراتيجي للولايات المتحدة، حيث لها صوت حاسم وجهود لتعزيز السلام والأمن الإقليميين".

وعلى الرغم من الدعوات المتكررة لتقليص جزء من المساعدات العسكرية الأمريكية للبلاد، واصلت واشنطن مكافأة القاهرة بمبيعات الأسلحة، بما في ذلك بيع 2.5 مليار دولار في عام 2022.

وفي السنوات الأخيرة، أعلنت الحكومة المصرية عن جهودها الرامية إلى خفض عدد نزلاء السجون، وأطلقت العام الماضي سراح 895 سجينًا سياسيًا، وفقًا لمنظمة "العفو الدولية".

ومع ذلك، قال خبراء حقوقيون إن المحاولات الواضحة لتخفيف حملة القمع على المجتمع المدني جاءت في نفس الوقت الذي قامت فيه حكومة السيسي بمزيد من الاعتقالات واستهداف المنتقدين.

ومنذ أبريل/نيسان 2022، عندما دعا السيسي إلى الحوار الوطني، تم اعتقال 4590 شخصًا بينما تم إطلاق سراح 1716 شخصًا من السجون، وفقًا لـ"مبادرة الحرية".

وفي الفترة نفسها، توفي 86 شخصاً أثناء الاحتجاز بسبب الإهمال الطبي من قبل السلطات.

وفي هذا العام وحده، أطلقت السلطات المصرية سراح 627 شخصًا، لكنها ألقت القبض على 2028 شخصًا إضافيًا.

وأمام ذلك، يقول مراقبون إن استمرار جلسات الحوار الوطني، وتشكيل لجنة للعفو الرئاسي والإفراج عن العديد من النشطاء السياسيين، ما هي إلى "إجراءات شكلية لتجميل صورة النظام".

ويلفت المرقبون إلى أنه لكن ليست هناك إرادة سياسية لاحترام سيادة القانون وقيم العدالة، وهي الكارثة الأساسية والرئيسية في مصر.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تسربت لقطات فيديو من داخل سجن بدر (شمال شرق القاهرة)، كشفت المخاوف التي تنتاب الناشطين المصريين، منذ تحرك السيسي لإنشاء سجون جديدة قبل بضع سنوات.

وقالت منظمة "حتى آخر سجين"، في بيان: "لا يزال السجناء في بدر محتجزين في ظروف قاسية وغير إنسانية وعقابية".

والمبادرة هي حملة يقودها مدافعون عن حقوق الإنسان وأسر المعتقلين، تطالب بالإفراج عن السجناء السياسيين في مصر.

ومنذ نقل السجناء إلى سجن بدر، ظلت الرسائل والمناشدات تسلط الضوء باستمرار على ظروف الاحتجاز المزرية، بما في ذلك التعذيب الجماعي الممنهج.

وتقدر منظمات حقوقية مستقلة عدد السجناء والمحبوسين احتياطياً في مصر بنحو 120 ألف سجين، من بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وبإجمالي 82 ألف سجين محكوم عليهم، و37 ألف محبوس احتياطي.

كما تتصاعد حدة الانتهاكات داخل السجون ومقار الاحتجاز، لاسيما ضد المعتقلين على خلفية سياسية، وفي ظل تزايد أعداد الوفيات بين السجناء من جراء الإهمال الطبي المتعمد، وتجاهل السلطات مطالب المحتجزين واستغاثات ذويهم حيال ضرورة تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة، فضلاً عن تكدس أعداد كبيرة من المحتجزين داخل زنازين ضيقة.

وينفي "السيسي" وجود سجناء سياسيين في مصر، ويقول إن الاستقرار والأمن لهما الأهمية القصوى، وإن السلطات تعمل على تعزيز الحقوق من خلال محاولة توفير الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن.

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر حقوق الإنسان السيسي إدارة بايدن مساعدات أمريكية مساعدات عسكرية

الحكم بحبس المعارض المصري هشام قاسم.. ماذا يعني؟

عضو بارز بالكونجرس يطالب بتعليق مساعدات عسكرية لمصر

في السنة المالية الجديدة.. هل تعصف رياح الكونجرس بمساعدات مصر؟