بغياب التاريخ والرؤية.. إرث حرب أكتوبر يتلاشى في مصر السيسي

الخميس 5 أكتوبر 2023 11:33 ص

سلط الزميل ببرنامج دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في "مجلس العلاقات الخارجية"، ستيفن كوك، الضوء على إرث مصر من حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، واصفا إياه بأنه "يتلاشي".

وذكر كوك، في تحليل نشره بموقع المجلس وترجمه "الخليج الجديد"، أن الآثار السياسية الداخلية للحرب كانت مهمة في كل من مصر وإسرائيل، إذ خضعت الدولة العبرية لحساب سياسي لأن رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقادة الجيش استهانوا بالتهديد المصري، ما أدى إلى استقالة رئيسة الوزراء، جولدا مائير، في الربيع التالي للحرب وسقوط حكومتها.

أما في مصر، فقد كان للحرب تأثير معاكس، بحسب كوك، إذ وصل الرئيس، أنور السادات، إلى السلطة عام 1970 بعد وفاة سلفه، جمال عبد الناصر، ووجد نفسه على الفور في صراع سياسي مع أنصار عبد الناصر الذين ظلوا في مناصب مؤثرة داخل القوات المسلحة والحزب السياسي الوحيد في مصر، الاتحاد الاشتراكي العربي.

وتفوق السادات على مراكز القوة هذه في عام 1971، لكنه اضطر إلى مواجهة تحديات سياسية أخرى، ففي أوائل عام 1972، نظم طلاب الجامعات في القاهرة والإسكندرية وأسيوط والمنصورة احتجاجات كبيرة ضد الرئيس المصري، ويرجع ذلك إلى تردده الواضح في شن حرب ضد إسرائيل، التي كانت بحلول هذا الوقت متحكمة بقوة في الضفة الشرقية لقناة السويس.

وعندما اندلعت الحرب في العام التالي، ومع النجاح المذهل الذي حققه التوغل المصري الأولي في سيناء وعجز إسرائيل عن دفع القوات المصرية إلى الجانب الغربي من القناة، تمكن السادات أخيرًا من تعزيز سلطته، وبعد ذلك تولى زمام الأمور.

واشتعلت معارضة حكم السادات أولاً في يناير/كانون الثاني 1977، عندما اندلعت المظاهرات في مصر احتجاجاً على خطة أوصى بها صندوق النقد الدولي، والتي دعت البلاد إلى تقليص دعم المواد الغذائية، ثم عادت إلى الظهور في صيف عام 1981، عندما انخرط السادات في حملة قمع جماعية لخصومه.

لكن بعد حرب أكتوبر، لم تكن سلطة السادات الرئاسية محل نزاع أو مساءلة، بحسب كوك، مشيرا إلى أن اغتيال الرئيس المصري في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1981، بينما كان يستعرض عرضاً عسكرياً، دفع خليفته، حسني مبارك، إلى سلوك طريق وسط بين الحماسة القومية التي تبناها عبد الناصر وأيدولوجية السادات.

وبينما سعى إلى "عدم تسييس مصر" من خلال التركيز على "الاستقرار من أجل التنمية"، اعتمد مبارك، الذي كان يقود القوات الجوية المصرية خلال حرب أكتوبر 1973، على دوره في الحرب باعتباره أحد ركائز شرعيته.

ولطالما وظفت الحكومة المصرية وحزب مبارك (الوطني الديمقراطي، المنحل الآن) حرب أكتوبر/تشرين الأول دعائيا، وربطا بوضوح بين الرئيس والنصر العسكري الذي حققته مصر، وجرى تصويره على أنه اليد الثابتة التي ستوجه "عبور مصر إلى المستقبل".

ومع مرور الوقت ووفاة العديد من قادة الجيش المصري، كانت العوائد السياسية للدور في حرب أكتوبر آخذة في التضاؤل، إذ لم يتمكن مبارك من استحضار هذا التاريخ المجيد لتثبيت حكمه في عام 2011، عندما انتفض المصريون ضده، وأجبروا الجيش على خلعه من السلطة.

ويقر كوك بأن عبور الجيش المصري لقناة السويس يظل علامة مهمة في تاريخ مصر الحديث، لكن الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، الذي كان قائدا عسكريا قبل تولي السلطة في انقلاب عسكري عام 2013 على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر (محمد مرسي)، يبعد جيلين عن عمر الضباط الذين أنجزوا العبور.

وفي الوقت الذي تواجه فيه مصر أزمة اقتصادية متصاعدة تركت البلاد مثقلة بالديون، ويواجه المصريون مستويات قياسية من التضخم، لا يستطيع السيسي استحضار حرب أكتوبر للمساعدة في الحفاظ على حكمه، حسبما يرى الزميل في مجلس العلاقات الخارجية.

وفي حين أن ذلك قد لا يكون نقطة ضعف قاتلة أمام استمرار قيادته، إلا أن السيسي "محروم من تاريخ شخصي مجيد ورؤية إيجابية للمستقبل"، بحسب كوك، مشيرا إلى أن نتائج الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول المقبل، ليست موضع شك، لكن غياب التاريخ والرؤية يساهم في ضعفه السياسي.

المصدر | ستيفن كوك/مجلس العلاقات الخارجية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ستيفن كوك مصر إسرائيل حرب أكتوبر جولدا مائير السادات جمال عبدالناصر حسني مبارك

ن. تايمز: السيسي مصمم على ولاية جديدة وصوت المعارضة ضده يرتفع

"رسالة ردع".. مصر تكشف عن وثائق نادرة بحرب أكتوبر 1973

مصر تكشف وثائق سرية عن جرائم إسرائيلية بحرب أكتوبر 1973.. لماذا الآن؟