استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

جدل العلمانية والدين في تركيا

الجمعة 6 أكتوبر 2023 03:30 ص

جدل العلمانية والدين في تركيا

نالت مناطق الدولة العثمانية نصيبها من الطغيان العلماني للحداثة، وكذلك الإسلام والمسلمون كان لهم نصيب من ذلك.

في عهد الجمهورية، بعد الحقبة العثمانية، فإنها قامت بإنشاء هيمنتها القمعية عبر تشكيل روح الإرادة التأسيسية والأيديولوجية الرسمية – المركزية.

أصبحت العلمانية بمثابة قاطع طريق فرضته الحداثة، وأدت إلى خلق العداوة وإفساد أو تحويل أو تدمير الدين والمعتقدات والطقوس وأنظمة الحياة الدينية.

كيف تم الوصول إلى مرحلة حل فيها محل العلمانية القمعية المناهضة للدين في القرن الماضي، ظهور أكبر للدين في الحياة والتعايش بين العلمانية والدين؟

كيف سيتم تعريف مرحلة تغيرت بالكامل مع حكومة العدالة والتنمية في الحقبة الجديدة؟ وهل سيتمركز الحزب عند مستوى نقاشات العلمانية والدين في العالم الجديد؟

تحولت العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة في عهد الدولة العثمانية إلى مشروع علمنة مع تطبيق العلمانية على أساس الثورات زمن الجمهورية، وتطور التحديث العثماني التركي الذي كان مستمرا لأكثر من 200 عام لمرحلة أخرى.

* * *

تعد قضية الدين والعلمانية في مقدمة القضايا التي يناقشها المثقفون والسياسيون في تركيا، كما هو الحال في بقية دول العالم، ورغم تطور الصراع بين الدين والعلمانية، الذي يناقشه العالم منذ 200 عام، إلى مرحلة مختلفة عن العالم الغربي الذي نشأ فيه، إلا أن الجدل ما زال مستمرا في العالم الإسلامي، على أساس العداء للدين الذي كان سائدا في القرن الماضي.

ومع وصول حزب الوطن الأم وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا، شهدت النقاشات حول العلمانية والإسلام تحولا كبيرا للغاية، فقد حلت محل العلمانية القمعية المناهضة للدين في القرن الماضي، ظهور أكبر للدين في الحياة والتعايش بين العلمانية والدين. والسؤال الذي يراود الكثيرين هو: كيف تم الوصول إلى هذه المرحلة؟

كان «الطغيان العلماني للحداثة»، من نتائج هيمنة وسطوة العقلانية من الناحية العلمية والوضعية في الغرب، التي شكلتها الإنسانوية المجسدة لعملية النهضة والإصلاح والتنوير بشعار «الله قد مات» وتعزز فهم «الإله المجسم».

وكذلك كان خطأ التنوير هو الافتراض بأن «المقدس ليس سوى وهم مؤقت، وأن الناس يمكن أن يعيشوا في عالم القيم العلمانية القائمة على العقل والمصلحة الذاتية». وأصبحت العلمانية بمثابة قاطع طريق فرضته الحداثة، وأدت إلى خلق العداوة وإفساد أو تحويل أو تدمير الدين والمعتقدات والطقوس وأنظمة الحياة الدينية.

لقد نالت مناطق الدولة العثمانية نصيبها من الطغيان العلماني للحداثة، وكذلك الإسلام والمسلمون كان لهم نصيب من ذلك، أما في عهد الجمهورية، أي ما بعد الحقبة العثمانية، فإنها قامت بإنشاء هيمنتها القمعية، من خلال تشكيل روح الإرادة التأسيسية والأيديولوجية الرسمية – المركزية.

وتحولت العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة في عهد الدولة العثمانية إلى مشروع علمنة مع تطبيق العلمانية على أساس الثورات في فترة الجمهورية، وتطور التحديث العثماني – التركي الذي كان مستمرا لأكثر من 200 عام إلى مرحلة أخرى.

وفي المرحلة الراهنة، يعد مصير ومسار العلمنة في المجتمع التركي الخاضع لممارسة علمانية مكثفة، موضوعا مهما للبحث والنقاش، فمع تبني مبدأ العلمانية القائمة على الفصل القانوني والبنيوي بين الدين وشؤون الدولة، وسيطرة الدولة على الدين عملياً، في السنوات الأولى للجمهورية، كان يُعتقد أن الدين سينسحب من الحياة الاجتماعية والسياسية، وسيبقى مقتصرا على الضمائر، ولن يكون مؤثرا في الحياة العامة.

لكن ذلك لم يتحقق، لأنه مع تولي حكومة الحزب الديمقراطي السلطة عام 1950، بدأت القيم والمناهج الدينية في المجتمع تؤثر في الحياة السياسية، وعاد الدين إلى واجهة الحياة الاجتماعية من جديد. ومع بدء عهد حزب الوطن الأم ومن ثم حزب العدالة والتنمية، أصبحت القيم الدينية أكثر وضوحا في كل جانب من جوانب المجتمع.

خلاصة الكلام؛ تعتبر مسألة الدستور الجديد على رأس القضايا التي ستطرح للنقاش في تركيا، بعد الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في شهر مارس المقبل. ومن أكثر القضايا التي ستثير الجدل في الدستور الجديد هي كيفية تعريف مفهومي الدين والعلمانية بما يتوافق مع العصر الجديد.

ونلاحظ بالفعل أن النقاشات قد اشتعلت من جديد حول هذه القضية بين الشرائح العلمانية والدينية في تركيا. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا شهدت حتى عام 2010 تطبيقا للعلمانية القائمة بشكل أساسي على القمع والإجبار والعقاب القانوني، كمشروع سياسي اجتماعي ذي نهج فوقاني، أي أنها في الوقت نفسه علمانية أيديولوجية.

كيف سيتم تعريف هذه المرحلة التي تغيرت بالكامل مع حكومة حزب العدالة والتنمية، في الحقبة الجديدة؟ وهل سيتمركز حزب العدالة والتنمية عند المستوى، الذي وصلت إليه نقاشات العلمانية والدين في العالم الجديد؟ يبدو أن هذا الملف سيكون الأهم في تركيا خلال الأيام المقبلة.

*توران قشلاقجي كاتب تركي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تركيا الجمهورية العلمانية المقدس الدستور الدين الانتخابات المحلية الحقبة العثمانية الطغيان العلماني للحداثة