نيويورك تايمز: هجوم حماس يدخل إسرائيل فصلا جديدا بمعضلتها الوجودية

الثلاثاء 10 أكتوبر 2023 03:14 م

اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن هجوم "طوفان الأقصى" الذي تشنه حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، منذ فجر السبت الماضي، يجبر إسرائيل على الدخول في فصل جديد من معضلتها الأزلية؛ وهي "وجودها" الذي تطارده منذ إعلان قيام دولتها في عام 1948، وذلك مهما كانت نتيجة الحرب التي بدأت للتو.

ونقلت الصحيفة عن يوفال شاني، أستاذ القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس، قوله: "لقد اهتز الإسرائيليون حتى النخاع.. هناك غضب ضد حماس، لكن أيضاً ضد القيادة السياسية والعسكرية التي سمحت بحدوث ذلك".

وأضاف: "كنت تتوقع من دولة بهذه القوة أن تمنع مثل هذه الأمور، لكن برغم مرور 75 عاماً على إنشاء إسرائيل، فشلت الحكومة في الاضطلاع بمسؤوليتها الرئيسية؛ وهي حماية حياة مواطنيها".

ورأت الصحيفة أن إسرائيل منذ قيامها لم تتحرك إلى ما هو أبعد من الصراع مع الفلسطينيين للسيطرة على نفس الشريط الضيق من الأرض الواقع بين البحر المتوسط ​​ونهر الأردن.

ورغم محاولاتها للاندماج مع المنطقة والتطبيع مع الحكومات العربية وترويجها لـ"الشراكات الناشئة المزدهرة" معها، لا يمكن لإسرائيل أن تخفي إلى الأبد عدم الاستقرار المترسخ الذي تعاني منه منذ إنشائها.

 اضطرابات عميقة

كما رأت الصحيفة أن الهجوم أصاب إسرائيل وحلفائها بصدمة كبيرة، وزعزع صورتها إلى الحد الذي قد يجعل تل أبيب تدخل في فترة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية العميقة.

وبحسب شاني، فإن "الحكومة كانت مهووسة بخطة لا علاقة لها بالأمن القومي. وهناك صلة واضحة بين ذلك والأداء الإسرائيلي السيئ في الأحداث الأخيرة. ولا يبدو الأمر جيداً بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

ومع ذلك، فإنَّ حرب أكتوبر 1973 -أو ما يسميها الإسرائيليون "يوم الغفران"- التي شكَّلت صدمة نفسية عميقة بنفس القدر لإسرائيل، لم تقلب السياسة الوطنية رأساً على عقب على الفور.

لكن في غضون أربع سنوات، في عام 1977، هُزِمَت حكومة حزب العمل التي حكمت إسرائيل منذ تأسيسها، واستولت حكومة الليكود اليمينية على السلطة بانتصار ساحق، وبالكاد استطاع حزب العمل التعافي من آثارها خلال العقود الخمسة الماضية.

وقالت ديانا بوتو، وهي محامية فلسطينية تعيش في حيفا للصحيفة الأمريكية: "إن فلسطينيي الداخل، الذين يشكلون أكثر من 20% من سكان إسرائيل، اندهشوا مما حدث وشعروا بالقلق بشأن المستقبل، لكن كان هناك أيضاً شعور بالفخر لأن الأشخاص الواقعين تحت أشد الحصار تمكنوا من اختراقه".

وفي رسالة مسجلة، وصف محمد ضيف، قائد الجناح العسكري لحركة حماس، هدف "العملية" بأنه ضمان "أن يفهم العدو أن زمن جنونهم دون محاسبة قد انتهى". ومن الواضح أن القصد من هذا البيان هو إيقاظ الفلسطينيين من إذعانهم وعجزهم في غزة والضفة الغربية.

ورأى شاني أن "هجوم طوفان الأقصى المباغت والأوسع نطاقا على إسرائيل منذ عقود، سيكون له تأثيرات خارجية أيضا؛ إذ أنه أثار شكوكا غربية حول قدرات الجيش الإسرائيلي وأجهزة استخباراتها وحكومتها وقدرتها على السيطرة على ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في وسطها".

خيارات صعبة

وبينت الصحيفة أن حكومة نتنياهو المتطرفة تواجه قرارات مؤلمة بشأن مدى شمول الانتقام الإسرائيلي في قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس، ويعاني منذ فترة طويلة من تراكم الفقر والاستياء، في ظل حصار إسرائيلي مستمر منذ 16 عاماً.

وتوعد نتنياهو بـ"حرب طويلة وصعبة تدخل الآن مرحلة هجومية، التي ستستمر بلا قيود وبلا فترة راحة حتى تحقيق الأهداف".

وقد استشهد بالفعل أكثر من 830 فلسطيني.

ويبدو أن إسرائيل تشعر بالإغراء الشديد لشن هجوم كاسح للتأكد من أن حماس لن تكون قادرة على تنفيذ مثل هذه العملية مرة أخرى.

ومن الأمثلة على ذلك الهجوم الضخم الذي وقع في جنوب لبنان عام 2006؛ ومنذ ذلك الحين ظلت الحدود هادئة نسبياً رغم أن "حزب الله" أطلق قذائف مدفعية يوم الأحد 8 أكتوبر/تشرين الأول، على ثلاثة مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها.

لكن في غزة، يُشكِّل وجود العشرات وربما المئات من الرهائن الإسرائيليين لدى حماس عاملاً معقداً للغاية.

فمن شأن أية احتمالية لإعدام الرهائن رداً على هجوم إسرائيلي أن تتحول لقضية سياسية داخلية متفجرة؛ لذا يواجه نتنياهو واحداً من أكثر التحديات حساسية.

وقال شاني عن الهجوم الإسرائيلي الوشيك رداً على ما حدث، في إشارة إلى القيود القانونية المفروضة على استخدام القوة العسكرية: "من المؤكد أن جدلاً سيُثار حول قضايا القانون الدولي فيما يتعلق بتناسب رد الفعل والأضرار الجانبية.  لكن الاهتمام السياسي بضبط النفس محدود للغاية. وسيكون هذا اختباراً جدياً لإسرائيل".

المصدر | الخليج الجديد+ وسائل إعلام

  كلمات مفتاحية

طوفان الأقصى إسرائيل وجود إسرائيل حماس

أمريكا تعرض مساعدة إسرائيل استخباراتيا لاستعادة رهائنها