مع تأثر موقفه انتخابيا.. بايدن يكافح لإصلاح علاقاته بالعرب والمسلمين الأميركيين

الاثنين 30 أكتوبر 2023 07:32 ص

تحذيرات من وزارة الأمن القومي من تنامي التهديدات المحدقة بالعرب والمسلمين واليهود في الولايات المتحدة جراء ما يجري في المنطقة.

يوجه عرب ومسلمون أمريكيون وحلفاء لهم انتقادات حادة للرئيس الأمريكي جو بايدن، فيما يتعلق بموقفه من الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، ويطالبونه ببذل المزيد من الجهد لمنع أزمة إنسانية أكبر في قطاع غزة، وإلا سيخاطر بخسارة تأييدهم في انتخابات الرئاسة لعام 2024.

وشهدت الأيام الأخيرة موجة من الاحتجاجات والاعتراضات تمثلت في مظاهرات داعية لوقف إطلاق النار في غزة، واحتجاجات خطية على سياسة أمريكا وصلت إلى حد استقالة مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية بسبب ما وصفه بـ"سياسة الدعم الأعمى" لإسرائيل.

ومقابل هذه التحركات، تحذيرات من وزارة الأمن القومي من تنامي التهديدات المحدقة بالعرب والمسلمين واليهود في الولايات المتحدة جراء ما يجري في المنطقة.

ووفق مقال بصحيفة "واشنطن بوست"، وترجمه "الخليج الجديد"، فإن أحد الآثار المترتبة على الحرب بين إسرائيل وغزة هو الانهيار السريع للعلاقات بين بايدن وبعض ناخبيه الأكثر ولاء من المسلمين والعرب الأمريكيين.

وحاول البيت الأبيض احتواء ذلك من خلال جلسة استماع لموظفي الإدارة المنتمين لتلك المجتمعات المحبطين، وانتهاء باجتماع مثير للجدل بين الرئيس و5 شخصيات مسلمة اختارها البيت الأبيض.

يشار إلى أن هذه الشخصيات واجهت ضغوطا هائلة من الناشطين للتراجع عن المشاركة في الاجتماع.

وذكرت الصحيفة أن الازدراء الصريح تجاه بايدن من قبل كثيرين في كتلة "ديمقراطية" يمكن الاعتماد عليها هو من بين العلامات العديدة التي تشير إلى أن الصراع يعيد تشكيل السياسة الداخلية الأميركية بسرعة.

وتحدثت الصحيفة عن مقابلات مع عديد من المدافعين عن العرب الأمريكيين والمسلمين داخل الإدارة وخارجها، وجميعهم تقريبا تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، ليصفوا بصراحة تعاملاتهم مع البيت الأبيض.

وقال أحدهم إن مخاوف هذه المجموعات يمكن تلخيصها في سؤال بالغ الأهمية: "هل نحن نتعامل مع دعاة الحرب أم أننا نتعامل مع صانعي السلام؟".

وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة لعديد من المسلمين والعرب الأمريكيين، جاء الجواب الأربعاء، عندما شكك بايدن في عدد الضحايا الفلسطينيين، لأن الأرقام تأتي من مسؤولي الصحة الذين يرفعون تقاريرهم إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على غزة.

وتاريخيا، كانت هذه الأرقام دقيقة، وفقا لباحثين في الشرق الأوسط.

وقالت الصحيفة إن تصريحات بايدن، التي كررتها الإدارة لاحقا في بيانات رسمية، فسرها كثيرون على أنها وصف للفلسطينيين بالكاذبين، أو على أنها تشكك في المهنيين الطبيين المحاصرين في غزة.

وقال أحد كبار الموظفين العرب الأمريكيين في البيت الأبيض، الذي يشارك بشكل مباشر في التعامل مع المجتمعات العربية والمسلمة، إن الموظفين رفيعي المستوى يعقدون عدة اجتماعات مع الأمريكيين العرب والمسلمين والفلسطينيين لمناقشة رد البيت الأبيض.

ورفض الموظف التعليق على ما قيل في الاجتماعات، وعندما سُئل عما إذا كان أي شيء سيتغير في لهجة بايدن أو سياسته نتيجة للاجتماع، مشيرا إلى مؤتمر صحفي للرئيس الأمريكي في 20 أكتوبر/تشرين الأول، كرر فيه دعم الولايات المتحدة لحق تقرير المصير للفلسطينيين.

وقال بايدن حينها "لا يمكننا أن نتجاهل إنسانية الفلسطينيين الأبرياء الذين يريدون فقط العيش في سلام والحصول على فرصة".

وفي بيان الجمعة، استشهد المتحدث باسم البيت الأبيض روبين باترسون بهذه التعليقات، وقال إن الإدارة "تتواصل للاستماع مباشرة إلى أفراد الجاليات الأمريكية المسلمة والعرب الأمريكيين والفلسطينيين".

وأضاف: "سنواصل المشاركة في المحادثات مع هذه المجتمعات المهمة، وسنكون واضحين في إدانة الكراهية والتمييز ضدهم".

ووصفت جماعات الدفاع عن العرب والمسلمين الأميركيين الغاضبين هذا الأسبوع تصريحات بايدن عن عدد القتلى بأنها "خطيرة"، وتحدثت بعض الأصوات البارزة من تلك المجتمعات على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة إن الرئيس فقدهم وإنهم يفكرون في عدم المشاركة في انتخابات عام 2024.

وقالت "واشنطن بوست" إنه عندما انتشرت أنباء عن رغبة بايدن في مقابلة قادة المجتمع، القادة الذين وافق عليهم كبار الموظفين، بدأ النشطاء على الفور في الاتصال للضغط عليهم للرفض أو القبول فقط بشرط أن يجيب بايدن عن تصريحاته بشأن الوفيات الفلسطينية.

وعُقد الاجتماع في نهاية المطاف الخميس الماضي، بعد أسبوع من مناقشات تركت علاقات بايدن مع عديد من الأمريكيين العرب والمسلمين مجروحة بشدة.

وأعرب الأمريكيون العرب والمسلمون الذين أجرت صحيفة "واشنطن بوست" مقابلات معهم عن شعورهم بالعزلة، وأنهم انخرطوا في حزب كانوا يعدونه ملاذا من عداء الجمهوريين وزعيمهم دونالد ترامب تجاههم.

ونقلت الصحيفة عن الأمريكيين العرب، والأمريكيين الفلسطينيين، والناخبين الشباب، الذين أمضوا حياتهم في العمل من أجل السلام في المنطقة، "بأن هؤلاء جميعهم ناخبون لن ينسوا".

وأوضحت الصحيفة أن مجموعة صغيرة من ممثلي العرب والمسلمين اجتمعوا مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وقال أحد المشاركين إن المحادثة كانت "مكثفة، لكنها ظلت ودية".

وأوضحت "واشنطن بوست"، أن المشاركين وضعوا استراتيجية مسبقا لإبقاء المحادثة مركزة على المسائل القانونية المتعلقة بالدعم الأمريكي لما وصفته الأمم المتحدة ومراقبو حقوق الإنسان بالعقاب الجماعي الإسرائيلي لسكان غزة.

وتلخصت أهم الأسئلة تلك في ما يلي "هل نتبع القواعد الدولية أم لا؟، وهل نبتعد عن ذلك؟، ما السياسات التي تستند إليها القرارات؟".

وأبلغ أحد المشاركين الصحيفة أنه لم تحدث اختراقات، لكن الاجتماع ساعد الموجودين هناك على فهم أن إحجام الإدارة عن الحديث عن وقف إطلاق النار جاء من الإصرار على عدم بقاء الوضع الراهن لحكم حماس في غزة.

وقالت الصحيفة إن المشاركين اتفقوا في الاجتماع على هذه النقطة، وأنهم يرون حماس ليست وحدها الطرف السيئ.

وقالت الصحيفة كانت هناك محادثات منفصلة حاول فيها كبار مسؤولي البيت الأبيض طمأنة السياسيين المسلمين والعرب الأمريكيين في إدارات الحكومة.

وقدر أحد المشاركين العدد بنحو 70 شخصا من وكالات الاستخبارات، ووزارة الخارجية، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

وتحدث المشاركون، وبعضهم يبكي، عن تعرض أفراد أسرهم للخطر في الشرق الأوسط، وعن شعورهم بالعزلة والشكوك في وظائفهم الحكومية، والشعور بالتواطؤ في دعم الإدارة للحصار الإسرائيلي.

ولم يتوقع الحاضرون حدوث تحول في السياسة بعد الاجتماع، حسب الروايات، لكنهم شعروا بالثقة في أن مخاوفهم سيتم نقلها إلى بايدن، ليأخذها بعين الاعتبار في تصريحاته العلنية عن الفلسطينيين.

وبعد يومين، أدلى بايدن بتعليقاته المشككة في دقة الضحايا الفلسطينيين في الوقت الذي كانت فيه القنوات التلفزيونية الناطقة باللغة العربية تعرض لقطات متواصلة لأطفال قتلى يغطيهم الغبار ينتشلون من تحت الأنقاض بعد الضربات الإسرائيلية.

وقال أحد الأشخاص المشاركين: "كل ما قلناه في تلك الغرفة يجد آذانا صماء، لأنه لا يغير المضمون أو اللهجة، ناهيك عن عملية صنع السياسات".

وقالت الصحيفة إنه بعد تصريحات بايدن بشأن عدد الضحايا، بدأ بعض المعينين في الإدارة يفكرون في الاستقالة.

وضمت قائمة الضيوف المدعي العام في ولاية مينيسوتا كيث إليسون (ديمقراطي) وهو أول مسلم ينال عضوية الكونغرس، ورامي النشاشيبي وهو مسلم مقيم في شيكاغو، والإمام محمد ماجد رجل دين من منطقة واشنطن، ووائل الزيات من جماعة الضغط الإسلامية "إيمغيج"، وسوزان بركات المدافعة عن الرعاية الصحية.

وقال ناشطون آخرون إن المدعوين معروفين ومحترمين، إلا أن الكارثة الإنسانية في غزة تجعل هذا الوقت مناسبا للأصوات الفلسطينية.

وأضافوا أنهم يخشون أن تخرج الإدارة وتدعي أن بايدن التقى بالجالية العربية الأمريكية، وهذا ليس صحيحا.

وقال أحد المدعوين الخمسة، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن قرار الحضور كان من أصعب المعضلات التي واجهوها على الإطلاق.

وقال المدعو للصحيفة، إن أحد المخاوف الرئيسية هو أن يكون هناك أمريكي فلسطيني واحد فقط حاضرا.

وقد تمت دعوة أمريكي فلسطيني آخر، كان قد فقد العشرات من أقاربه في ضربات غزة، لكن تم إلغاء دعوته.

وذكرت "واشنطن بوست"، أن المجموعة قررت المشاركة في اللقاء وقول الحقيقة للسلطة، ولأقوى رجل مسؤول، نيابة عن الأطفال تحت الأنقاض والضغط على بايدن لوقف إطلاق النار.

وأضافت الصحيفة أن أحد المشاركين قال إن المجموعة كانت واضحة في ما يتعلق بأرقام الضحايا في غزة.

وفي اتصال مع صحيفة "واشنطن بوست"، قال أليسون إن قادة المجتمع المسلم أبلغوا بايدن أن معاناة سكان غزة الأبرياء زادت من احتمال وقوع هجمات معادية للإسلام في الولايات المتحدة.

وقال إن بايدن استمع لهم بعناية.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأمريكيين المسلمين والعرب يقولون إنهم يشعرون بالخيانة والغضب من البيت الأبيض، ويشعرون بأن حياة الفلسطينيين يتم تجاهلها ويتم دهس القانون والأعراف الدولية، وأن الحزب الديمقراطي دمر 20 عاما من حسن النية مع المسلمين والعرب في أسبوعين فقط، وخسر جيلا كاملا نشأ في التحالف التقدمي، ربما إلى الأبد.

المصدر | واشنطن بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بايدن العرب المسلمون انتخابات حرب غزة حماس إسرائيل دعم إسرائيل

تحذيرات متزايدة لبايدن.. رد إسرائيل على غزة يغضب ديمقراطيين

ذا هيل: حرب غزة وضعت بايدن في مأزق سياسي كبير يهدد إعادة انتخابه

بسبب موقفه من غزة.. مسلمو أمريكا يطلقون حملة مناهضة لبايدن

مسلمو أمريكا يطلقون حملة تخلي عن بايدن بسبب موقفه من غزة