ترويج إسرائيلي لهجرة سكان غزة إلى الغرب كـ "حل إنساني"

الثلاثاء 14 نوفمبر 2023 01:07 م

دعا العضو البارز في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، داني دانون، الذي شغل منصب سفيرا لدى الأمم المتحدة (2015-2020)، وزميله عن حزب يش عتيد، رام بن باراك، الذي شغل منصب نائب مدير الموساد (2009-2011)، إلى اعتماد هجرة سكان غزة إلى بلدان الغرب كـ "حل إنساني" للحرب الدائرة حاليا في القطاع.

وذكر النائبان، في مقال نشراه بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن "أوروبا والولايات المتحدة استقبلتا الملايين الذين فروا من الحروب السابقة، ومع استمرار الحرب الحالية فإن قرارات الأمم المتحدة لا تفعل شيئا ملموسا لمساعدة سكان غزة. ومن الضروري أن يستكشف المجتمع الدولي الحلول الممكنة لمساعدة المدنيين العالقين في الأزمة".

وزعم دانون وبن باراك أن "إحدى الأفكار هي أن تقبل البلدان في جميع أنحاء العالم أعدادًا من الأسر الغزية التي أعربت عن رغبتها في الانتقال إلى مكان آخر".

وأشارا إلى أن "أوروبا تتمتع بتاريخ طويل في مساعدة اللاجئين الفارين من الصراعات. وقد أدت الحروب في يوغوسلافيا السابقة إلى نزوح الملايين، معظمهم من البوسنة والهرسك".

وركز المقال على ألمانيا والنمسا والسويد، مشيرا إلى أن الدول الثلاثة قبلت أعداداً كبيرة من المهاجرين عندما اندلعت حرب كوسوفو وفر مئات الآلاف من ألبان كوسوفو إلى ألبانيا المجاورة ومقدونيا الشمالية.

وتابع أن الدول الأوروبية وفرت ملجأ للسوريين منذ بدء الحرب الأهلية في عام 2011. وبين عامي 2015 و2016، استقبلت ألمانيا وحدها أكثر من 1.2 مليون لاجئ وطالب لجوء، ربعهم تقريبًا من السوريين.

وأضاف دانون وبن باراك أنه "بالنظر إلى هذه الأمثلة، ينبغي على البلدان في جميع أنحاء العالم أن توفر ملاذاً لسكان غزة الذين يسعون إلى إعادة التوطين. وبوسع البلدان أن تحقق هذه الغاية من خلال إنشاء برامج نقل جيدة التنظيم ومنسقة دولياً. ويمكن لأعضاء المجتمع الدولي أن يتعاونوا لتقديم حزم الدعم المالي لمرة واحدة لسكان غزة المهتمين بالانتقال للمساعدة في تكاليف النقل وتسهيل تأقلم اللاجئين مع مجتمعاتهم الجديدة".

وزاد دانون وبن باراك أنه "ينبغي للمنظمات العالمية ذات الخبرة في توطين اللاجئين أن تعمل على تسهيل نقل سكان غزة الذين يرغبون في الانتقال إلى بلدان مستعدة لاستقبالهم"، مضيفا: "نحن ببساطة بحاجة إلى حفنة من دول العالم لتقاسم مسؤولية استضافة سكان غزة. وحتى لو استقبلت كل دولة ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، فإن ذلك سيساعد في تخفيف الأزمة".

وختم دانون وبن باراك المقال بالزعم أن المجتمع الدولي لديه واجب أخلاقي وفرصة لإظهار التعاطف ومساعدة شعب غزة على التحرك نحو مستقبل أكثر ازدهارا و"العمل معا لتحقيق قدر أكبر من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".

وسارع وزير المالية الإسرائيلي العنصري المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير، الثلاثاء، بـ "تهنئة" دانون وبن باراك على مقالهما، وعلى هذه "المبادرة الرائعة".

وكتب سموتريتش، عبر منصة إكس، إن "الهجرة الطوعية واستيعاب سكان غزة في دول العالم هو حل إنساني ينهي معاناة اليهود والعرب"، وفق مزاعمه.

وفي تدوينة مرفقة على حسابه على فيسبوك مضى في تحريضه على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وزعم قائلا: "أرحب بمبادرة الإجلاء الطوعي لعرب غزة إلى دول العالم، هذا هو الحل الإنساني الصحيح لسكان غزة والمنطقة بأكملها بعد 75 عاما من اللجوء والفقر والمخاطر".

وتابع: "معظم سكان غزة هم الجيل الرابع والخامس من لاجئي العام 48، الذين بدلا من إعادة تأهيلهم منذ فترة طويلة على أساس شخصي وإنساني مثل مئات الملايين من اللاجئين في جميع أنحاء العالم، تم احتجازهم كرهائن في غزة في الفقر والاكتظاظ، وكانوا رمزا للرغبة في تدمير دولة إسرائيل وإعادة اللاجئين إلى يافا وحيفا وعكا وطبريا"، وفق لتعبيره.

وأردف: "هذا أيضا هو السبب وراء الكراهية الشديدة التي ينشأ عليها سكان غزة ويتعلمونها تجاه دولة إسرائيل واليهود".

واعتبر سموتريتش أن "أرضاً بمساحة صغيرة مثل قطاع غزة، بدون موارد طبيعية ومصادر رزق مستقلة، ليس لديها فرصة للوجود بشكل مستقل، اقتصاديا وسياسيا، بهذه الكثافة العالية لفترة طويلة".

وأضاف: "لهذا السبب، فإن قبول اللاجئين من قبل دول العالم التي تريد حقا مصالحهم الفضلى، بدعم ومساعدة مالية سخية من المجتمع الدولي، هو الحل الوحيد الذي سيضع حدا لمشكلة اللاجئين ومعاناة وألم اليهود والعرب على حد سواء".

وتابع الوزير الإسرائيلي: "لن تتمكن الدولة العبرية بعد الآن من التصالح مع وجود كيان مستقل في غزة".

كما أيّد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الدعوة إلى هجرة سكان غزة، وهو الذي يتزعم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف المنبثق عن حركة “كاخ” الإرهابية، والذي لطالما دعا إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم التاريخية.

وكتب بن غفير على منصة "إكس": "في لحظة الحقيقة، يتحدث الجميع بلسان القوة اليهودية"، وأرفق تغريدته بالمقال المشترك لدانون وبن باراك.

ويأتي هذا التصريح من الوزيرين المتطرفين، في سياق دعوات من العديد من المسؤولين الإسرائيليين لتهجير سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 2.3 مليون إنسان إلى شبه جزيرة سيناء، وأيضا تهجير أكثر من 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية إلى الأردن.

وبدأت إسرائيل بتنفيذ هذه المخططات من خلال إجبار الفلسطينيين في شمال قطاع غزة على النزوح إلى جنوب القطاع، وسط خشية من دفعهم لاحقا نحو الحدود المصرية.

وكشفت تسريبات من داخل الحكومة الإسرائيلية، عن ورقة مفاهيم لوزارة الاستخبارات أعدت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن هذه فعلا كانت خطط إسرائيل لطرد عشرات آلاف الفلسطينيين من غزة وإجبارهم على الرحيل إلى سيناء، بذريعة إقامة مؤقتة هناك.

وفي حديثه لإحدى القنوات التلفزيونية الإخبارية الرئيسية في إسرائيل، يوم السبت، قال آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي والمدير السابق لجهاز الشاباك، إن طبيعة القتال في شمال غزة تتطلب الإجلاء الجماعي، والطرد المحتمل للفلسطينيين المقيمين في مدينة غزة.

ورد على أحد المحاورين الذي استخدم مصطلح النكبة: "هذا سيؤدي إلى نوع من النكبة، هذه نكبة غزة 2023، هكذا ستنتهي".

وأثارت هذه الدعوات والخطط الإسرائيلية مخاوف عربية كبيرة لا سيما في مصر والأردن، حيث رفض الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قطعيا تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وأكد رئيس وزرائه مصطفى مدبولي أنهم "مستعدون للتضحية بملايين الأراوح مقابل كل حبة رمل في سيناء".

وكان الرد الأردني قويا، باعتباره أن التهجير خط أحمر، وقال رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، إن أي عملية تهجير قسرية للسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية أو حتى في قطاع غزة، سيتعامل الأردن معها باعتبارها "إعلان حرب".

يذكر أن الفلسطينيين هجروا من أراضيهم في عام 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية ودول الجوار، جراء "المجازر" التي نفذتها ضدهم عصابات صهيونية مسلحة أقامت عقبها “دولة إسرائيل” على تلك الأراضي المحتلة.

المصدر | الخليج الجديد + وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

إسرائيل غزة حماس الغرب اليهود

39 يوما من عدوان الاحتلال.. 11500 شهيد في غزة و196 بالضفة

جيش الاحتلال الإسرائيلي: نزوح مليون فلسطيني إلى جنوب غزة

سفير فلسطين بالدانمارك: الحضارة الغربية سقطت أخلاقيا.. والنظام العالمي عنصري