أويل برايس: السعودية تخطط لتعزيز "طلب مصطنع" على النفط في أفريقيا وآسيا

الأربعاء 6 ديسمبر 2023 03:28 م

سلطت الكاتبة المتخصصة في الطاقة والمالية، فيليسيتي برادستوك، الضوء على خطة زعمت أن المملكة العربية السعودية تسعى من خلالها إلى "تعزيز الطلب على النفط بشكل مصطنع"، مشيرة إلى أن هذه الخطة تأتي رغم ترويج المملكة لإسناد المستهدف العالمي لمكافحة تغير المناخ.

وذكرت فيليسيتي، في مقال نشرته بموقع "أويل برايس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن معظم دول العالم سرعت خططها لـ "إزالة الكربون"، وتطوير قدرتها في مجال الطاقة المتجددة للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري، لكن أصبح من الواضح أن العديد من اللاعبين الرئيسيين في مجال النفط غير راغبين في اتباع هذه الاستراتيجية لمكافحة تغير المناخ.

ففي حين أعلنت دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عن خطط طموحة للطاقة الخضراء، فإنها لا تخفي حقيقة أنها ستستمر في دفع أجنداتها المتعلقة بالنفط والغاز لعقود قادمة.

وأظهر تحقيق حديث، أجراه مركز تقارير المناخ والقناة الرابعة في المملكة المتحدة، أن السعودية لديها خطط لزيادة الطلب العالمي على النفط بشكل مصطنع، مما يخلق مجموعة كاملة من الأسئلة الأخلاقية حول مستقبل الطاقة العالمية، بحسب فيليسيتي.

وأورد التحقيق أن مسؤولين من برنامج استدامة النفط في السعودية (OSP) يعترفون بأن حكومة المملكة تخطط لتعزيز الطلب في أفريقيا وآسيا على منتجات البنزين والنفط والديزل، كجزء من برنامج عام لوزارة الطاقة.

وفي أحد التسجيلات، سأل أحد مساهمي التحقيق مسؤولا سعوديا: "انطباعي هو أنه في ظل قضايا تغير المناخ، هناك خطر انخفاض الطلب على النفط، وبالتالي فقد تم إنشاء برنامج البيع الرسمي لتحفيز هذا الطلب بشكل مصطنع في بعض الأسواق الرئيسية؟ ليجيب المسؤول السعودي: نعم. إنه أحد الجوانب التي نحاول القيام بها، وأحد الأهداف الرئيسية التي نحاول تحقيقها".

ومضى المسؤول السعودية قائلاً إن الخطة تحظى بدعم ولي عهد المملكة الأمير، محمد بن سلمان، وتتضمن إنشاء أسطول من سفن محطات الطاقة قبالة سواحل أفريقيا، باستخدام الوقود الثقيل لتوليد الكهرباء.

 كما تهدف الخطة إلى تطوير تقنيات لإطلاق طيران تجاري "أسرع من الصوت"، ما سيتطلب حوالي 3 أضعاف الوقود الذي يتطلبه النقل الجوي التقليدي.

وتخطط السعودية أيضًا لزيادة عدد المركبات العاملة بالوقود الأحفوري في الأسواق الآسيوية والأفريقية لزيادة الطلب على النفط.

وفي الوقت نفسه، ذكر المسؤولون السعوديون أنهم يهدفون إلى مواجهة حوافز السوق ودعم السيارات الكهربائية على المستوى العالمي، للحفاظ على الاعتماد الدولي على الوقود الأحفوري، وخاصة في الأسواق الناشئة مثل أفريقيا.

ولم تخف السعودية حقيقة أنها تنوي الاستمرار في ضخ النفط الخام لأطول فترة ممكنة، طالما أن الطلب العالمي موجود، ومن المتوقع أن تعزز المملكة إنتاجها من النفط الخام بأكثر من مليون برميل يوميًا إلى أكثر من 13 مليون برميل يوميًا بحلول نهاية عام 2026 أو بداية عام 2027، حسبما أعلنت في مايو/أيار الماضي.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير، عبدالعزيز بن سلمان، إن المملكة تتوقع الحفاظ على هذا المستوى من الإنتاج إذا سمح الطلب.

والسعودية هي ثاني أكبر دولة عضو منتجة للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ولها دور رئيسي في تحديد إنتاج الخام العالمي وتسعيره.

وفي سبتمبر/أيلول من هذا العام، علقت أوبك لتوقعات وكالة الطاقة الدولية، التي أشارت إلى أن الطلب على الوقود الأحفوري سيصل إلى ذروته قبل نهاية العقد، بقولها إن هذا الطرح "بالغ الخطورة" و"غير عملي" و"مدفوع إيديولوجيا".

وأوضح الأمين العام للمنظمة، هيثم الغيص، في بيان، أنه "إدراكاً للتحدي الذي يواجه العالم للقضاء على فقر الطاقة، وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، وضمان الطاقة بأسعار معقولة مع خفض الانبعاثات، فإن أوبك لا تستبعد أي مصادر أو تقنيات للطاقة، وينبغي لجميع أصحاب المصلحة أن يفعلوا الشيء نفسه وأن يدركوا حقائق الطاقة على المدى القصير والطويل".

وعزز هذا البيان موقف أوبك بشأن الوقود الأحفوري، ما يشير إلى أنها تعتقد أن ضعف الطلب العالمي على النفط والغاز لا يزال بعيد المنال.

ورغم الطموحات الواضحة للسعودية ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) للحفاظ على إنتاج النفط، أو حتى زيادته ما دام الطلب موجودا، فإن الصياغة الأخيرة المتمثلة في خلق الطلب على النفط "بشكل مصطنع" أثارت انتقادات، خاصة أن الأنباء بشأنها جرى نشرها قبل أيام فقط من انطلاق قمة المناخ "كوب 28" في دبي.

وتعرضت القمة لانتقادات واسعة النطاق، مع مخاوف من أن أهداف التحول الأخضر التي يتم الترويج لها في القمة تتعارض مع أهداف دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط.

ويثير ذلك مجددا مسألة الحاجة إلى تمويل الدول النامية للمشاركة في التحول الأخضر، بحسب فيليسيتي، مشيرة إلى أن رئيس البنك الدولي، أجاي بانجا، أكد مؤخراً على ضرورة مساعدة البلدان والشركات الغنية للبلدان النامية على تحقيق قفزات فوق النمو الاقتصادي المعتمد على الوقود الأحفوري لصالح تنمية مواردها المتجددة.

وقال بانجا إن هذه هي الطريقة الوحيدة لتصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، بما يتماشى مع أهداف اتفاق باريس.

وفي الآونة الأخيرة، ساد قدر أكبر من التفاؤل بشأن تمويل المشروعات في البلدان النامية لدعم التحول الأخضر، إذ أعلنت إندونيسيا، في الأسبوع الماضي، عن خطة استثمارية بقيمة 20 مليار دولار لتطوير قدرتها في مجال الطاقة المتجددة بتمويل من المقرضين العالميين.

 وبعد فترة وجيزة، وافقت موزمبيق على استراتيجية تحول الطاقة بقيمة 80 مليار دولار، وناشدت الدول الغنية الحصول على التمويل.

وتعد موزمبيق موطنًا لواحد من أكبر احتياطيات الفحم غير المستغلة في العالم، فضلاً عن الكثير من الغاز الطبيعي البحري، والذي يمكن أن يظل غير مستغل إلى حد كبير إذا نجحت في تمويل قطاع الطاقة المتجددة لدعم النمو الاقتصادي.

وتخلص فيليسيتي إلى أن هكذا تمويل يمكن أن يساعد في مواجهة طموحات الدول الغنية بالنفط وشركات الوقود الأحفوري الكبرى للحفاظ على الطلب العالمي على الوقود الأحفوري من خلال دعم النمو الاقتصادي المعتمد على تطوير الموارد المتجددة في جميع أنحاء العالم.

المصدر | فيليسيتي برادستوك/أويل برايس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية النفط إزالة الكربون الطاقة المتجددة تغير المناخ كوب 28 اتفاق باريس