كيف ستبدو غزة بعد عام من الآن؟.. 7 خبراء يروون توقعاتهم لفورين بوليسي

الجمعة 8 ديسمبر 2023 06:49 م

 كيف ستبدو غزة بعد عام من الآن؟.. ساقت مجلة "فورين بوليسي" هذا السؤال إلى مجموعة من الخبراء السياسيين والباحثين.

لماذا هذا السؤال بالتحديد؟.. تقول "فورين بوليسي" إن الحرب الحالية بين دولة الاحتلال وحركة "حماس" جعلت الحديث عن عمليات السلام والآمال في اتفاقيات الوضع النهائي يبدو أبعد من أي وقت مضى.

لكن التوقف القصير في القتال وتبادل الرهائن الناجح الذي تم بمساعدة قطر - إلى جانب مصر والولايات المتحدة - يشير إلى أن هناك مساحة للدبلوماسية حتى في خضم حرب وحشية، كما تقول.

وبدلاً من البحث عن مخططات أولية لاتفاق سلام دائم، وهو ما يبدو بعيد المنال نظراً للقيادة السياسية الإسرائيلية والفلسطينية الحالية، فضلت المجلة طرح سؤال أضيق نطاقا وأكثر منطقية، هو ما بدأ به التحليل.

تقلص قطاع غزة

ترى زها حسن، زميلة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن حرب إسرائيل على "حماس"، وحملتها الموازية ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في غزة، سوف تستمر لعدة أشهر، حيث تحاول تل أبيب إضعاف القدرات العسكرية لـ"حماس" ومتابعة خطة واضحة لدفع الفلسطينيين إلى جيوب أصغر في الجنوب.

وترى أنه واقعيا، سيبدو الأمر عملية ضم أكثر اتساعًا من "المناطق المقيدة الوصول" الموجودة سابقًا حول الحدود البرية لغزة مع الاحتلال ومنطقتها البحرية - والتي تبلغ مساحتها حوالي 24 ميلًا مربعًا.

وتقول الكاتبة إنه في أذهان الكثيرين في إسرائيل، فإن تقلص قطاع غزة سيسهل ظهور "الشرق الأوسط الجديد" الذي تحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو الشرق الذي يبدو أن الفلسطينيين وتطلعاتهم الوطنية لا وجود لهم فيه.

ومن المرجح أيضاً أن تتحرك إسرائيل، غير المنزعجة من الغضب الدولي، لتعزيز سيطرتها على الضفة الغربية وتهيئة الظروف هناك لتشجيع هروب السكان إلى الجيوب الحضرية المزدحمة أو إلى خارج الأراضي المحتلة تماماً، كما تقول الكاتبة.

وتتوقع الكاتبة أيضا أن يواجه حراك التطبيع بين إسرائيل ودول عربية تحديًا بسبب الدمار والقتل الناجم عن القصف الإسرائيلي ومنع الإمدادات الضرورية لاستمرار حياة الفلسطينيين في غزة.

وعلى الرغم من أن إسرائيل قد تعتمد على دول الخليج العربي ومصر والأمم المتحدة لإعادة ما تبقى من غزة مرة أخرى - كما كان الحال بعد القتال السابق بين إسرائيل و"حماس" - إلا أن هذا غير مرجح دون وجود هيئة حكم فلسطينية مستعدة لتولي الحكم في قطاع غزة، تقول الكاتبة.

وتضيف أن السلطة الفلسطينية تحتاج إلى مسار يؤدي إلى حل سياسي للتعامل مع غزة، ولكن في الوقت الحالي لن يؤيد أي ائتلاف إسرائيلي يمكن تصوره سيادة فلسطينية ذات معنى.

تجديد شروط محادثات السلام

من جهته، دانييل سي. كيرتزر، السفير الأمريكي السابق لدى كل من مصر وإسرائيل، إنه يتعين على إسرائيل أن تتبنى استراتيجية بديلة ضد "حماس"، بدلا من استراتيجية الأرض المحروقة.

ويضيف أنه يتعين على إسرائيل أيضاً أن تتوقف عن الوعد بأنها سوف تدمر "حماس".

إن هذا الإعلان الفارغ يضع إسرائيل في موقف حيث يتعين عليها إما أن تتراجع عن هدف معلن وتبدو ضعيفة نتيجة لذلك، أو يتعين عليها أن تحافظ على وجود لا ينتهي في غزة بحثاً عن آخر مقاتل بعيد المنال من "حماس"، يقول الكاتب.

ويرى أن إضعاف قدرة "حماس" إلى حد كبير على العمل من غزة يشكل هدفاً عسكرياً أكثر واقعية من الإعلان عن نية القضاء على المنظمة بالكامل.

ويقول إنه بعد انتهاء الحرب البرية، سيكون هناك في غزة مئات الآلاف من المدنيين المشردين والجياع والمرضى والجرحى الذين لن يعيشوا في ظل غياب الحكومة أو الأمن الداخلي، كما أنهم سيعيشون بلا أمل، وعلى استعداد للتجنيد في حركات المقاومة المسلحة، بما في ذلك نسخة جديدة من "حماس" أو حركة أكثر شراسة منها.

ويرى كيرتزر أن هناك عنصرين ضروريين على الأقل لتشكيل الأفق السياسي بعد توقف القتال، ويتعين على إسرائيل والمجتمع الدولي أن يبدأا التخطيط لهما على الفور.

أولاً، ينبغي تطوير عملية وجدول زمني يتناول متطلبات ما بعد الحرب المباشرة المتعلقة بخفض التصعيد، وتحقيق الاستقرار، والحكم المؤقت. ومن سيكون مسؤولا عن الأمن؟ ومن سيحكم على أساس مؤقت لتوفير الخدمات الأساسية وإدارة الأزمة الإنسانية؟ ومن سيدفع ويكون مسؤولاً عن إعادة الإعمار؟ وكيف ستساعد هذه المهام الأساسية في العمل ضد تكرار الحروب التي شهدناها في غزة منذ عام 2006؟

ثانيا: التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في تطوير عملية سياسية تهدف إلى تأمين إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقدرة الفلسطينيين على اختيار مستقبلهم من خلال تقرير المصير.

حكومة جديدة

أما إليوت أبرامز، الزميل البارز في دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، ففضل الحديث عن حتمية إيجاد حكومة فلسطينية جديدة يجب أن تكون قوية وقادرة على حكم الفلسطينيين، وفقا لتطلعاتهم، وقادرة على حماية أمن إسرائيل كذاك، كما يقول.

وفي هذا الإطار، ومع عدم نجاح محاولات إصلاح السلطة الفلسطينية وتطويرها، كما يقول، وعدم رغبة الأطراف الأخرى، مثل مصر والسعودية في حكم غزة، وعدم ثقة إسرائيل في الأمم المتحدة، يتوقع الكاتب أن تلعب إسرائيل الدور الأمني المركزي، لكن دون أن تحتل غزة وتراقب كل شارع، لكنها سوف تتدخل من الخارج في كثير من الأحيان لضرب "حماس" ومنع جهودها في إعادة البناء.

ويرى أن الجميع سوف يشتكي، ولن يتحمل أحد هذه المسؤولية سوى إسرائيل.

دفعة أمريكية للسلطة الفلسطينية

بدوره، يرى عمر الدجاني، المستشار القانوني السابق لفريق التفاوض الفلسطيني في محادثات السلام مع إسرائيل، أنه بعد عام من الآن سوف يظل مئات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون في الخيام مع اقتراب فصل الشتاء الثاني، غارقين في الفجوة بين النوايا الطيبة للمجتمع الدولي والشجاعة التي يفتقر إليها في مواجهة إسرائيل.

وانطلاقا من هذا التصور، يقول الكاتب إنه إذا كان للسلطة الفلسطينية أن تتولى على نحو ما رئاسة الحكومة في قطاع غزة في انتظار التوصل إلى تسوية سلمية، كما دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإنها لن تتمكن من القيام بذلك إلا إذا كانت شرعيتها مدعومة بعملية سلام تتم بوساطة دولية ويمكن للفلسطينيين أن يؤمنوا بها.

ويعتبر الدجاني أن مسؤولية الولايات المتحدة لتحقيق هذا الأمر محورية، مضيفا أن واشنطن لديها من الوسائل ما يمكن أن تشير بها إلى أنها جادة هذه المرة، وأبرزها تعديل الطريقة التي تستخدم بها حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

ويمكن لبايدن، بحسب الكاتب، إن كان جادا في وضع حل، أن يحجب "الفيتو" الذي يمكن إسرائيل من الإفلات من المساءلة في قضايا مثل وقف الأعمال التصعيدية الإسرائيلية وعنف المستوطنين، ومن أجل وضع حد للقيود على الحركة، وحتى من أجل وقف إطلاق النار.

أوقفوا تدليل إسرائيل

من جانبها، تتوقع ديانا بوتو، المحامية والمحللة المقيمة في حيفا والمستشارة القانونية السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، أنه في غضون عام واحد، ستبقى قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مع استمرار صدور تصريحات ما يسمى بالقلق البالغ والدعوات الخادعة لحل الدولتين من العواصم الدولية.

وتضيف: في نهاية هذه الحرب، يتعين على زعماء العالم أن يتخذوا أخيراً إجراءات ملموسة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الوحشي، حيث ساعدت عدة دول تل أبيب على أن تكون أكثر وحشية ورفضا للحق الفلسطيني، كما تقول.

وتمضي بالقول: يجب على إسرائيل أن تواجه عواقب صارمة على جرائم الحرب الصارخة والمستمرة التي ترتكبها، وفي غياب هذا القدر من التغيير السياسي، فإن العالم سوف يجد نفسه في نفس الموقف مرة أخرى.

وتردف: في نهاية هذه الحرب، يجب على بايدن وغيره من زعماء العالم اتخاذ إجراءات ملموسة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الوحشي.

إقامة دولة فلسطينية

أما بيتر ر. منصور، أستاذ التاريخ العسكري في جامعة ولاية أوهايو، فيبدو أكثر تشاؤما حيال مسألة وقف إطلاق النار، حيث يتوقع أن يستمر القصف الإسرائيلي على المباني الفلسطينية وما يزعم أنها أنفاق في محيطها.

ويضيف أنه إذا ما تمكنت إسرائيل من تدمير "حماس"، فإنها ستظل مضطرة للانخراط في عملية صعبة لمكافحة التمرد لإخضاع فلول المنظمات الفلسطينية المسلحة وسط سكان غاضبين غير متعاونين، على حد قوله، بينما ستحاول الحكومة الإسرائيلية العثور على شركاء دوليين لإدارة غزة أمنيا، مثل الأمم المتحدة أو الدول العربية المجاورة للقطاع.

ويرى الكاتب أن إعادة إعمار غزة لن يتأتى لها أن تتم إلا إذا وافقت إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية، ومواقة الفلسطينيين على وجود إسرائيل، والتخلي عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي تركوها منذ 1948.

ويمضي بالقول: يحتاج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أو خليفته) إلى البحث عن شركاء راغبين في السلام بين الشعب الفلسطيني والتفاوض على اتفاق سلام نهائي على أساس حل الدولتين، والتنازل عن القدس الشرقية لتصبح عاصمة للدولة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية، وتقديم تعويضات بدلاً من حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ما قبل عام 1948 في إسرائيل.

شراكة دولية لحلحلة الأزمة

ويرى دانييل ليفي، رئيس مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط والمفاوض الإسرائيلي السابق، أن غزة بعد عام من الآن ستواصل الترنح جراء الهجمات الإسرائيلية، لكنه يعترف بأن وجود المقاومة الفلسطينية سيستمر، لكن حوكمة "حماس" في غزة ستتأثر بشدة، على حد قوله.

ويقول الكاتب إن ما يحتاج الجميع إليه الآن هو بنية دولية جديدة يكون للدول العربية والقوى الإقليمية دو بارز فيها، وتكون مهمة هذه البنية محاولة معالجة الأزمة ووضع حلول مستدامة وقابلة للتنفيذ لمعالجة العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين.

ويضيف أنه يتعين على الساحة السياسية والعامة في إسرائيل أن تشعر بأن القرارات المتعلقة بموقفها تجاه الفلسطينيين لا يمكن تأجيلها إلى أجل غير مسمى وإخضاعها لأهواء المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية.

ويتطلب الوضع جدولاً زمنياً لاتخاذ القرارات، ولفرض العواقب، ولتحديد الخيارات بوضوح: إما معايير حل الدولتين على حدود عام 1967 (السيادة الحقيقية دون بقايا احتلال ومكونات البانتوستان) أو الاعتراف بأن دولة إسرائيلية ستحل محلها.

وهناك حاجة إلى إنشاء هيكل دولي قادر على المضي قدماً بهذا النهج الجديد. وسيشمل ذلك واشنطن والغرب. الدول العربية؛ وينبغي أن يشمل أيضاً الجنوب العالمي الأوسع، بقيادة البرازيل، على سبيل المثال، التي ستتولى رئاسة مجموعة العشرين المقبلة، إلى جانب جهات فاعلة أخرى ذات وزن كبير، مثل إندونيسيا وجنوب أفريقيا، يقول الكاتب.

ويردف: وبدلاً من استبعادها، ينبغي للصين أن تلعب دوراً مركزياً.

المصدر | فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غزة الحرب على غزة حماس السلطة الفلسطينية الدولة الفلسطينية حل الدولتين مستقبل غزة

ف. تايمز: إطالة أمد الحرب في غزة رغبة إسرائيلية.. وأمريكا تحاول تجنب الكارثة