ترقب وانتقادات.. ردود فعل دولية إزاء قرار مجلس الأمن بشأن مساعدات غزة

السبت 23 ديسمبر 2023 10:29 ص

تباينت ردود الأفعال، الجمعة، على قرار مجلس الأمن، على مبادرة مخففة لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

وتبنى مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار تقدمت به الإمارات، يطالب بـ"خلق الظروف المواتية لوقف القتالية تماماً"، وفتح المنافذ لوصول المساعدات الإنسانية.

ووافق على القرار 13 عضواً بمجلس الأمن، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، ولكنها لم تعارضه، كما امتنعت روسيا هي الأخرى عن التصويت.

ويطلب مشروع القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين "كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار يكون مسؤولاً في غزة عن تيسير وتنسيق ورصد جميع شحنات الإغاثة الإنسانية المتجهة إلى غزة والواردة من الدول التي ليست أطرافا في النزاع، والتحقّق من طابعها الإنساني".

كما يدين مشروع القرار كل الهجمات العشوائية على المدنيين، ويدعو إلى إطلاق سراح الأسرى.

وتأجل التصويت على القرار أكثر من مرة، بسبب مخاوف من استخدام الولايات المتحدة لحق النقض "الفيتو"، إذ كان مقرراً أن يتم التصويت على القرار الثلاثاء الماضي.

يأتي ذلك فيما استخدمت الولايات المتحدة، "الفيتو" ضد محاولة روسية لإضافة دعوة "لوقف عاجل ومستدام للأعمال القتالية"، لمسودة قرار بمجلس الأمن الدولي بشأن غزة.

ونالت مسودة مشروع القرار رضا الولايات المتحدة، بعد أن أصبحت مغايرة للنسخة الأصلية التي وضعتها المجموعة العربية، على طاولة مجلس الأمن الأحد الماضي.

ورفضت الولايات المتحدة الصيغة حينها، وهددت باستخدام حق "النقض" لمنع إقرارها.

وتحت هذا التهديد جرت مفاوضات شاقة أسفرت عن إجراء تعديلات جوهرية أضعفت المشروع إلى حد كبير، وفق مراقبين.

وأُسقطت الدعوة إلى وقف عاجل ودائم للأعمال العدائية، كما أسقط تعديل لاحق يدعو لتعليق عاجل للأعمال العدائية، واستبدلتها الولايات المتحدة بالدعوة لتهيئة الظروف لوقف دائم للأعمال العدائية.

وفيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، فإن مشروع القرار دعا لإنشاء آلية مراقبة تقيد أطراف النزاع بتسهيل دخول المساعدات الى القطاع.

وقد عدلت هذه الفقرة أيضًا إلى الدعوة لاتخاذ إجراءات عاجلة من شأنها أن تسمح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية.

أما التعديل اللافت للنظر الذي أجرته واشنطن على مشروع القرار، فهو المتعلق بالطلب من أطراف النزاع الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وقد حذفته الولايات المتحدة من مشروع القرار.

وهكذا ميعت واشنطن المشروع بعد أن هددت بأن يلقى مصير سابقه، فلا دعوة لوقف القتال ولا لإنشاء آلية مراقبة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة ولا للالتزام بالقانون الإنساني الدولي.

وتراقب إسرائيل حاليا المساعدات الإنسانية المحدودة وشحنات الوقود إلى غزة، عبر معبر رفح من مصر، ومعبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه تل أبيب.

ومع خطوة مجلس الأمن، وصفت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، القرار بأنه "خطوة غير كافية، ولا تلبي متطلبات الحالة الكارثية في القطاع".

وعبرت الحركة، في بيان، عن استيائها لعدم صدور قرار عن المجلس "بوقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع".

وأشارت إلى أن القرار، "لم يتضمّن قرارا دوليا بوقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال (الإسرائيلي) الإرهابي على شعبنا الفلسطيني في غزة".

واتهمت "حماس"، الولايات المتحدة "بالعمل على تفريغ هذا القرار من جوهره وإخراجه بهذه الصيغة الهزيلة، التي تسمح للاحتلال باستكمال مهمة التدمير والقتل والإرهاب في غزة".

واعتبرت أنه من واجب "مجلس الأمن إلزام الاحتلال بإدخال المساعدات بكميات كافية، إلى جميع مناطق القطاع خصوصا في شمال غزة، الذي يتعرّض إلى جانب المجازر اليومية، لحصار وسياسة تجويع مستمرة".

واتفقت معها حركة "الجهاد الإسلامي"، التي قالت إن "القرار لا يرقى إلى مستوى وضع حد للجرائم التي يرتكبها الكيان المجرم بحق شعبنا، ولا يلبي الحد الأدنى من المستلزمات التي يحتاجها شعبنا في قطاع غزة".

وأضافت أن القرار "يسجل فشلاً مدوياً لمجلس الأمن في وضع حد لحرب الإبادة الأمريكية بأياد صهيونية".

ولفتت إلى أن "القرار البائس يمنح الكيان فرصة للتحكم باحتياجات غزة وأهلها، ضارباً عرض الحائط القوانين والأعراف الدولية التي يزعم المجلس حمايتها".

أما السلطة الفلسطينية، فرحبت بقرار مجلس الأمن وقالت إنه "خطوة نحو إنهاء العدوان" على القطاع.

ولفت بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية، إلى ترحيبها بـ"الجهود الدؤوبة للدول الشقيقة والصديقة من أجل تحمل مجلس الأمن الدولي لمسؤولياته في حماية المدنيين الفلسطينيين، ووقف العدوان (الإسرائيلي)، وإطلاق النار، وتأمين وصول المساعدات كافة إلى أبناء شعبنا، ورفض التهجير القسري".

واعتبرت الوزارة أن القرار "خطوة قد تساهم في تخفيف معاناة شعبنا في قطاع غزة، وفي استكمال الضغط على تلك الدول التي عمدت إلى تعطيل أو تأجيل اعتماده كما كان في صيغته الأولى، لوقف إطلاق النار".

وتابعت أن "القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، رغم تأخرها، من أجل الوصول إلى وقف العدوان ووقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي تمارسها آلة القتل الإسرائيلية بشكل يومي ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة".

وطالبت الوزارة بـ"ضرورة الإسراع في تنفيذ هذا القرار (...) رغم أنه لا يرقى لتطلعاتنا وتطلعات جميع الدول في وقف إطلاق النار".

في المقابل، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، أن إسرائيل ستواصل فحص المساعدات الإنسانية القادمة إلى قطاع غزة، بعد تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وموافقته على قرار يطالب بزيادة المساعدات.

وقال كوهين في تغريدة على منصة "إكس": "ستواصل إسرائيل التصرف وفقًا للقانون الدولي، لكنها ستواصل لأسباب أمنية فحص كافة المساعدات في جميع المساعدات الإنسانية المقدمة لغزة".

كما انتقد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة غلعاد إردان، مجلس الأمن الدولي، زاعما أن المجلس لا يبدي اهتماما بالمحتجزين الإسرائيليين في غزة.

وقال: "تركيز الأمم المتحدة فقط على آليات المساعدات لغزة غير ضروري ومنفصل عن الواقع.. تسمح إسرائيل بالفعل بتسليم المساعدات بالمستوى المطلوب.. كان ينبغي للأمم المتحدة أن تركز على الأزمة الإنسانية للأسرى".

وعلى الرغم من اعتراض إسرائيل على القرار، وامتناع واشنطن عن التوصيت عليه، إلا أن الولايات المتحدة، قالت على لسان نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ناثان تك، إن بلاده تدعم قرار مجلس الأمن الدولي الداعي لاتخاذ خطوات عاجلة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، و"تهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال القتالية".

وأرجع تك سبب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت إلى "عدم تنديد" القرار بهجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقال: "لا نفهم لماذا رفض بعض أعضاء مجلس الأمن ذكر طريقة (حماس) باستهدافها المتعمد وقتلها للإسرائيليين وهم نساء وأطفال ومدنيين"، على حد قوله.

أما روسيا، فاتهمت الولايات المتحدة باستخدام الذرائع والابتزاز، لوضع قرار يرضيها بخصوص غزة

وقال مندوب روسيا بمجلس الأمن، إنه تم إفراغ نص مشروع القرار المتعلق بغزة من جوهره بسبب ضغوط الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة أدرجت عنصرا خطيرا في مشروع القرار يسمح لتل أبيب بتطهير قطاع غزة.

في غضون ذلك، رحبت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، بإنشاء آلية أممية لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتعيين منسق أممي رفيع المستوى لتسهيل دخول وتنسيق ومراقبة والتحقق من المساعدات.

واعتبر البيان، اعتماد قرار مجلس الأمن "خطوة إيجابية على مسار التخفيف من حدة المعاناة الإنسانية التي تطال المدنيين الفلسطينيين ومنظومة الخدمات الأساسية في القطاع".

ولفت إلى أنها "خطوة غير كافية لكون القرار لم يتضمن المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، باعتباره الضمانة لتوفير البيئة المواتية لتنفيذ مجمل بنود القرار، والسبيل الوحيد لوقف نزيف الدماء في غزة".

واتفقت معها، سلطنة عمان، حين قالت إن قرار مجلس الأمن، بشأن قطاع غزة، يشكل تقدمًا مُرحبًا به، لكنه لا يلبي الإجماع الدولي الواسع النطاق الداعي لوقف إطلاق النار.

وأشارت الخارجية العمانية، في بيان، إلى ضرورة ضمان التدفق المستمر والفعال للمساعدات إلى قطاع غزة بأكمله، وجددت سلطنة عمان، دعوتها لمجلس الأمن للقيام بمسؤولياته في تنفيذ جميع القرارات المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي، وذلك لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم.

وأوضحت سلطنة عمان، أن السلام يقوم على أساس حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي العربية.

 

الأمر ذاته، ذكرته وزارة الخارجية الإيرانية، على لسان المتحدث باسمها ناصر كنعاني، حين قال إن "تبني قرار مجلس الأمن رقم 2720، المتضمن إرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة، خطوة إيجابية لكنها غير كافية".

وأضاف كنعاني، أن "تبني هذا القرار لا يقلل من مسؤوليات مجلس الأمن، في وقت لا تزال فيه حكومة الولايات المتحدة مسؤولة بشكل أساسي عن استمرار الهجمات الوحشية وجرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية".

أما الإمارات، فاعتبر على لسان مستشار الرئيس السياسي أنور قرقاش، أن بلاده حققت اختراقا تاريخيا باعتماد مجلس الأمن القرار 2720 والذي يعزز الوضع الانساني في غزة.

وقال "قرقاش" في حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "حققت الإمارات اختراقا تاريخيا باعتماد مجلس الأمن القرار، والذي يعزز الوضع الانساني في غزة، خطوة مهمة للغاية في ظروف دولية صعبة".

وأضاف: "في عالم تفرض القوة شروطها تغدو السياسة فن التفاوض لتحقيق الممكن، كل التقدير للشيخ عبدالله بن زايد وفريقنا الدبلوماسي علي جلدهم و مثابرتهم".

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فأكد دعم منظمته لكل ما يؤدي إلى تحسين إيصال المساعدات إلى غزة.

لكنه قال إن أكبر عائق أمام إيصال المساعدات الإنسانية إلى أهالي غزة هو "طريقة الهجوم الإسرائيلي"، مؤكدا أنه "لا مكان آمن في القطاع".

وأشار غوتيريش في مؤتمر صحفي، الجمعة عقب قرار مجلس الأمن، إلى ضرورة النظر لنصف الكأس الممتلئ، فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن الجمعة بشأن غزة.

كما أكد أن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ضروري لإيصال المساعدات بشكل فاعل إلى غزة.

وزاد: "هناك قرار، لكننا ندرك أن وقف إطلاق النار الإنساني ضروري حقا إذا أردنا إيصال المساعدات الإنسانية (إلى غزة) بشكل فاعل".

ولفت إلى أن الحرب على غزة لم تشهد أي تغيير يستحق الذكر في الآونة الأخيرة، مع عدم توفير الحماية اللازمة للمدنيين وسط استمرار الهجمات الإسرائيلية المكثفة.

وأشار إلى مقتل أكثر من 20 ألفا من أهالي غزة، أغلبهم نساء وأطفال، وتهجير 1.9 مليون شخص من ديارهم.

ولفت إلى تدمير قطاع الصحة في غزة، وأن مستشفيات جنوبي القطاع تضم الآن 3 أضعاف طاقتها الاستيعابية، بينما نظيراتها في الشمال عاجزة عن تقديم أي خدمات.

وأكد أن استمرار القصف الإسرائيلي الكثيف والاشتباكات في المناطق المكتظة بالسكان يعرض للخطر حياة كل من المدنيين وموظفي إيصال المساعدات الغذائية.

وبيّن غوتيريش أن "136 من زملائنا قُتلوا في غزة خلال 75 يوما، وهذا أمر لم نشاهده من قبل في تاريخ الأمم المتحدة، ولا مكان آمن في غزة".

وشدد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام المستدام بالمنطقة في إطار قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات الدولية.

فيما قالت المدير الإقليمي لمنظمة "أوكسفام" للشرق الأوسط وشمال أفريقيا سالي أبي خليل، إن "الفشل في الدعوة إلى وقف إطلاق النار بعد خمسة أيام من التأخير والتخفيف المتعمد للقرار هو أمر غير مفهوم وقاسٍ تماماً".

وأضافت: "إنه تقصير كبير في أداء الواجب من جانب منظمة أنشئت لدعم ميثاق الأمم المتحدة للحفاظ على السلام وحماية الأرواح".

وشددت على أنّ هذه المنظمة "تحرم أكثر من مليوني فلسطيني، - العديد منهم يتضورون جوعاً الآن، مع وجود خطر المجاعة الذي يلوح في الأفق - من الراحة من القصف والحصار المتواصلين الذين عانوا منه منذ ما يقرب من شهرين ونصف".

ورأت المسؤولة الإقليمية أنّ وقف إطلاق النار الفوري والدائم "هو السبيل الوحيد لتقديم المساعدات الإنسانية بالحجم والسرعة المطلوبين بشكل عاجل، وضمان العودة الآمنة للأسرى".

كما قالت إنّ موقف الولايات المتحدة الداعم لاستمرار الحرب "يُظهر مدى ابتعاد سياساتها عن الإلحاح والإرهاب الذي يعيشه الفلسطينيون"، مشيرةً إلى أنّ "تصرفات واشنطن في مجلس الأمن تُظهر عزلة الولايات المتحدة المتزايدة عن الإجماع العالمي".

ويقول برنامج الأغذية العالمي إن نصف سكان غزة يعانون من المجاعة، وإن 10% فقط من الغذاء المطلوب دخل إلى غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وفشل مجلس الأمن مرات عدة في تمرير مشاريع قرارات مختلفة، إما بسبب استخدام "الفيتو"، من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، أو بسبب عدم حصولها على الأصوات الكافية لإقرارها.

ويحتاج أي قرار إلى ما لا يقل عن 9 أصوات، مع عدم استخدام "الفيتو".

وسقط المشروع الأخير في 8 ديسمبر/كانون الأول الحالي بـ"الفيتو" الأمريكي.

ولاحقا، طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، إذ صوتت 153 دولة لصالح الخطوة التي استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضدها في مجلس الأمن.

وانتهت الهدنة السابقة، التي استمرت 7 أيام، في مطلع ديسمبر/كانون الأول.

وخلال تلك الفترة، أطلقت "حماس" سراح عدد من الأسرى، وتم إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وكانت هناك زيادة في وصول المساعدات إلى غزة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مجلس الأمن مساعدات غزة حرب غزة وقف الحرب الأمم المتحدة

الآباء تبيع ممتلكاتها لشراء الغذاء.. الصحة العالمية ويونيسيف تحذران من مجاعة في غزة

وزيرا خارجية تركيا والإمارات يبحثان تطورات الأوضاع في غزة

تفويض لقتل الفلسطينيين.. هكذا منحته أمريكا لإسرائيل في مجلس الأمن