مع حرب إسرائيل على غزة.. كيف بات السودان مأساة منسية؟

الاثنين 25 ديسمبر 2023 01:06 م

مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يبدو أن مأساة الحرب الأهلية في السودان باتت أزمنة منسية، وفقا لكريس شتاين في تقرير بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian) ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ منتصف/ نيسان أبريل الماضي، يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حربا خلَّفت أكثر من 12 ألف قتيل وما يزيد عن 6 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

وقال شتاين إنه "بعيدا عن محاصرة المدنيين وتدمير البنية التحتية في بلد يعاني بالفعل من ارتفاع معدلات الفقر، اتهم المراقبون الدوليون كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب".

وأضاف أنه "بالنسبة للسودانيين في الشتات، فإن الصراع بين الفصيلين العسكريين هو أحدث تحول محبط للأحداث في بلد كان يبدو قبل بضع سنوات فقط على الطريق للتخلص من عقود من الدكتاتورية".

ولفت إلى أنه "في عام 2019، أطاحت قوات الجيش بالرئيس المستبد عمر البشير (1989-2019) بعد أشهر من الاحتجاجات في الشوارع، لكن تلك القوات نفسها قامت بانقلاب في عام 2021 أنهى الانتقال إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية".

مجاعة كارثية

"ولم يكن أحد يتوقع هذا.. لم يكون أحد مستعدا لذلك".. كم قال إبراهيم بابكر، وهو سوداني مقيم في ولاية فيرجينيا الأمريكية، وعضو في جماعة "قرفنا" المؤيدة للديمقراطية، التي تحول متطوعوها إلى توصيل الغذاء والإمدادات الطبية إلى المناطق المعزولة في الخرطوم وأماكن أخرى في السودان.

وفي وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن المناطق التي مزقتها الحرب قد تواجه "مجاعة كارثية" بحلول مايو/ أيار  المقبل، ما لم يصل إليها المزيد من المساعدات الغذائية.

وقال شتاين إن "السودان يواجه حروبا أهلية منذ استقلاله عام 1956، مما أدى إلى انفصال النصف الجنوبي منه (في عام 2011) ليشكل دولة جنوب السودان، لكن الحرب الراهنة فريدة من نوعها".

وأرجع ذلك إلى أن "إحدى ساحات القتال الرئيسية هي الخرطوم، عاصمة وقلب ولاية يقطنها نحو 9.4 مليون شخص، وخلّفت أشهر القتال جثثا متناثرة في شوارعها، ودمرت أحياء مكتظة بالسكان، وألحقت أضرارا بجسر مهم فوق نهر النيل".

غزة وأوكرانيا

لم يكن اندلاع القتال في الخرطوم، يوم 15 أبريل الماضي، مفاجأة كاملة لمحمد عيسى، طبيب الجهاز الهضمي الذي يعيش بمدينة بيتسبر في ولاية بنسيلفانيا الأمريكية، وعاد إلى السودان كي يدفن والده.

عيسى قال للصحيفة إنه رأى شاحنات صغيرة مليئة بالرجال المسلحين تجوب شوارع الخرطوم، وكان على علم بالتنافس بين الجيش ومجموعة "الدعم السريع" شبه العسكرية.

والسودان هو أكبر دولة في أفريقيا، ويقع على البحر الأحمر الاستراتيجي، ويشترك في الحدود مع دول مهمة للولايات المتحدة وحلفائها في الخليج وأوروبا، وجميعهم لاعبين يُتوقع منهم إنهاء الصدام بين الجماعات المسلحة، كما قال شتاين.

وتذكر عيسى قائلا: "لهذا اعتقدت أنه سيتم احتواء الأمر بسرعة كبيرة، نوعا ما دبلوماسيا، (من جانب) حلفاء السودان أو اللاعبين الكبار في المنطقة أو اللاعبين الكبار على المستوى الدولي، مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي".

وبعد فراره من الخرطوم برا، ثم ركوب قارب إلى السعودية، عاد عيسى إلى الولايات المتحدة، حيث يشغل منصب الأمين العام لجمعية الأطباء السودانيين الأمريكيين، وفقا لشتاين.

وأردف: "ونظرا لأن نظام الرعاية الصحية في السودان بالكاد قادر على التعامل مع آثار الحرب، تركز الجمعية الآن على توفير الإمدادات والأموال للعيادات والمستشفيات المحاصرة في الحرب أو المكتظة بالنازحين".

واستدرك: لكن بعد ستة أشهر من بدء القتال في السودان، خاضت إسرائيل و(حركة) حماس الحرب في قطاع غزة. وقال عيسى إن هذا الحدث تسبب في انخفاض في الاستجابة للصراع في بلاده من جانب الجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية.

ويعترف كل من المغتربين والجماعات الإنسانية الدولية بأن احتياجات السودان تتنافس مع الأزمات في غزة وأوكرانيا (تواجه غزوا روسيًا منذ 24 فبراير/ شباط 2022)، كما أضاف شتيان.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي؛ يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا وحشية مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء أمس الأحد 20 ألفا و424 شهيدا، و54 ألفا و36 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل هذه الحرب من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

المصدر | كريس شتاين/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد ​​​​​​​

  كلمات مفتاحية

حرب إسرائيل غزة السودان مأساة منسية الجيش الدعم السريع

كاتب بريطاني: ما يحدث بالسودان عواقبه كبيرة بالشرق الأوسط.. وانشغال بايدن بغزة خطأ استراتيجي

فورين بوليسي: المساعدات قبل المحادثات في السودان.. وإسهام السعودية والإمارات متواضع