استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العام الجديد: بين الماضي والمستقبل

الخميس 4 يناير 2024 05:49 ص

العام الجديد: بين الماضي والمستقبل

نحتاج لجهة بحثية وفكرية عربية تضع استراتيجية انتقال سلس وصادق من إشكالات الماضي لرحاب المستقبل الذي كُتب عنه الكثير بمناسبة العام الجديد.

أليس الحديث عن اتخاذ خطوات مستقبلية دون مواجهة خطوات ماضية سبقتها ثرثرة بلا معنى؟ حتى الحديث عن انتقال الوطن العربي إلى أن يكون جزءاً من نظام بريكس.

هل حقاً يمكن الحديث عن المستقبل بينما الماضي يشير لألف قيد ستفرضه أمريكا المعادية لبريكس وهي التي تتحكم بالحياة الاقتصادية والسياسية العربية بأشكال لا تعدّ ولا تحصى؟

هل ستنبري جهات مدنية عروبية أو عروبية -إسلامية، بعمل استراتيجية انتقال وطرحها على الأمة؟ فلعل المستقبل آنذاك يصبح الحديث عنه قابلا للتحقق، وليس رغائبيا لا يقدم ولا يؤخر.

هل يمكن الحديث عن مزيد من الاندماج والتوحيد الخليجي وأداء دور أكبر في الجامعة العربية بينما يعيش مجلس التعاون مشكلة تطبيع بعض دوله مع الكيان الصهيوني بينما تمتنع دول أخرى؟

* * *

كانت أغلب الكتابات أو الأحاديث التي قرأتها أو سمعتها، بمناسبة حلول العام الجديد، تركزّ على تمنيات واقتراحات بشأن التغييرات المطلوبة في شتّى الحقول الحياتية، من أجل خروج الوطن العربي من الحالات المأساوية التي يعيشها الآن.

لكن باعتقادي أنه يجب أن تسبق ذلك، كتابات وأحاديث بشأن ما يجب أن يراجع من ماضٍ، فإما أن يترك أو يعدل، قبل الانتقال إلى مرحلة تلك المقترحات المستقبلية. تفرض ضرورة تلك المعادلة عظم التغيرات التي رانت على المشهد العربي برمّته خلال السنوات القليلة الماضية.

فمثلاً أن السّقم الذي حلّ بإرادة وكفاءة وفاعلية الجامعة العربية، والذي حتماً يبرر الحديث عن إصلاحات جذرية في وظائفها وأساليب عملها وأسس علاقاتها مع أعضائها من الدول العربية القطرية، يحتاج أولاً الحديث عن الغياب الكارثي لأهم أعمدة تلك الجامعة التاريخية المتألقة مثل مصر والعراق وسوريا، وعن وسائل وإمكانيات رجوعهم الفاعل السابق.

هذا لا يعني التقليل من أهمية الأعضاء الباقين، وإنما التأكيد على أن الجامعة لن تستطيع الخروج من أوضاعها الحالية، بينما بعض من مكوناتها الأساسية الكبرى ذات الوزن التاريخي والالتزامي الكبير تعاني الأمراض والفواجع التي تعيشها.

...

فاذا أضفنا، مثلاً، الأسقام التي يعاني منها لبنان والسودان وليبيا واليمن، وأضفنا الإمكانيات الكبرى للتلاعب بقضية فلسطين وبوجود شعبها في الحياة العربية، نستطيع أن نرى أن الحديث عن المستقبل الكلي، سيصبح هذراً إذا لم يسبقه حديث عن تفاصيل الماضي القريب، الذي منه سيولد المستقبل.

ويمكن أن نأخذ كمثل ثان من أجل المزيد في توضيح الصورة حديث البعض عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي. فهل يمكن الحديث عن مزيد من خطوات الاندماج والتوحيد ولعب دور أكبر في الجامعة العربية بينما يعيش المجلس حالياً مشكلة قيام بعض دوله بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، بينما تمتنع بعض دوله الأخرى عن التطبيع.

فكيف الحديث عن تسهيل انتقال الأفراد ما بين أقطاره وتوحيد البطاقة الشخصية والاندماج الأقوى في اقتصاده وبناء منظومة أمنية متضامنة ما بين أقطاره، مع وجود حالة التطبيع تلك بكل ما تأتي به من تناقضات وتراجعات عن التزامات قومية، واستحالة وجود موقف واحد في السياسة الخارجية ومقاطعة اقتصادية، وفي التعاون مع هذا العدو أو ذاك للأمة العربية؟

باختصار، أليس الحديث عن أمنية اتخاذ خطوات مستقبلية، من دون مواجهة خطوات ماضية سبقتها هو ثرثرة لا معنى لها؟ حتى الحديث عن انتقال الوطن العربي إلى أن يكون جزءاً من نظام بريكس.

هل حقاً يمكن الحديث عن ذلك المستقبل بينما الماضي يشير إلى وجود ألف قيد ستفرضه دولة تعادي بريكس، هي الولايات المتحدة، التي تتحكم بالحياة الاقتصادية والسياسية العربية بأشكال لا تعدّ ولا تحصى؟

ما نريد أن نقوله أن هناك حاجة لجهة بحثية وفكرية عربية تضع استراتيجية انتقال بسلالة وصدق، وكأولويات متسلسلة، من إشكالات الماضي إلى رحاب المستقبل الذي كتب عنه الكثيرون بمناسبة العام الجديد.

سيكون من الأفضل لو أن الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أناطت تلك المهمة بجهة فكرية بحثية موضوعية صريحة لتقوم بذلك، إذا لم تقم مثل تلك الجهات بالمهمة فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنبري جهات مدنية شعبية، عروبية أو عروبية -إسلامية، بعمل تلك الاستراتيجية وطرحها على الأمة الرسمية والمدنية، فلعل المستقبل آنذاك يصبح الحديث عنه بشكل منطقي قابل للتحقق، وليس بشكل رغائبي لا يقدم ولا يؤخر.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الأمنيات الماضي المستقبل تطبيع الكيان الصهيوني الجامعة العربية بريكس العام الجديد مجلس التعاون الخليجي استراتيجية انتقال