إنهاك وإحباط وتمرد.. إعلام عبري يكشف تفاصيل أزمات جنود جيش الاحتلال في غزة

الخميس 18 يناير 2024 06:57 م

الأعباء على عشرات آلاف جنود الاحتياط تحول إلى غير إنساني، على إثر استمرار الحرب على غزة لأكثر من 100 يوم، حيث يشعر قسم كبير من الجنود، خاصة الذين يشاركون بالعدوان في القطاع، بالإنهاك والإحباط، وبعضهم تسربوا من الخدمة العسكرية، وبعضهم رفضوا المشاركة في القتال.

هكذا نقلت وسائل إعلام عبرية، الأربعاء، لافتة إلى أن الأزمة لم تقف عند حد القتال، بل وصلت لجنود الاحتياط بعد تسريحهم لبيوتهم، خاصة أن قسم منهم مصابون جسديا ونفسيا.

ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، فإن "عدد الجنود الذين تسربوا من الخدمة في قسم من الوحدات القتالية، في أعقاب صعوبات ذهنية، أعلى أو يتساوى مع عدد الجرحى في المعارك".

ويلفت إلى أن عدد الجنود المصابون ليس واضحا.

وحسب معطيات الجيش الإسرائيلي الرسمية، عدد الجنود الجرحى منذ بداية الحرب، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، هو 2602.

لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" أفادت، بأن عدد الجنود الجرحى أعلى بكثير، استنادا إلى مصادر تعنى بالجنود الجرحى، وبينها المستشفيات وضباط الصحة في ميدان القتال ومصادر في منظمة معاقي الجيش الإسرائيلي، التي توقعت أن 12500 جندي سيُعترف بهم على أنهم معاقون، أي يعانون من إعاقة نسبتها 20% على الأقل، بسبب الحرب على غزة، وأن هذه "تقديرات محافظة وحذرة جدا".

ويشير هرئيل، إلى أن "استمرار القتال ترافقه مصاعب كثيرة. وهذا أحد أسباب تأييد هيئة الأركان العامة للانتقال إلى المرحلة الثالثة للحرب، والمرتبطة بتسريح قسم كبير من وحدات الاحتياط وتقليص القوات التي تعمل داخل القطاع".

وانسحبت الفرقة العسكرية 36 من وسط القطاع، بداية الأسبوع الحالي، وخرج جنودها من القطاع "لفترة راحة وإعادة تنظيم، وفيما هناك إمكانية مطالبتهم بالانتقال لاحقا إلى منطقة الحدود اللبنانية".

ووحدات الاحتياط منتشرة في شمال إسرائيل منذ أكثر من 3 أشهر، وجنودها يطالبون باستبدالهم.

ومارس رئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي، ضغوطا من أجل إخراج الفرقة العسكرية من القطاع أولا، وفقا لهرئيل.

ويضيف: "جزء من المشكلات ينبع من صعوبات في وصف المهمة، وفي معظم المناطق التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي في القطاع، القتال ليس شديدا"، في إشارة إلى توحل هذه القوات التي تحاول الكشف عن أنفاق ومخازن أسلحة ومكان تواجد قيادة حركة حماس وأسرى إسرائيليين.

ويتابع: "الخطر الأساسي يتعلق بخلايا صغيرة (للمقاومة الفلسطينية) التي تصعد من تحت الأرض وتهاجم بنيران قناصة وقذائف (RBG) أو تزره ألغاما".

ويلفت هرئيل إلى أن ادعاءات الجيش الإسرائيلي أن "جميع الضباط والجنود مستعدون للاستمرار بالحرب كلما تطلب الأمر ذلك، ليس دقيقا. وفعليا، يوجد تآكل تدريجي، طبيعي على ما يبدو، يتعلق بطبيعة المهمات".

ويشرح حديثه بالقول: "قسم من القوات في خان يونس ينفذ مهمات جانبية أكثر، وتجري ببطء فيما قيادة الفرقة العسكرية 98 متركزة على معركة الأدمغة مع زعيم حماس، يحيى السنوار".

وتابع أن "عدد الاشتباكات المسلحة قليل نسبيا، والأعباء على جنود الاحتياط، بشكل خاص، أخذت تُثقل عليهم على إثر متطلبات الحياة المدنية".

ويعتقد الجنود في سرايا وكتائب كثيرة أنهم نفذوا جيدا المطلوب منهم، وأنه لا يوجد مبرر حاليا لإبقائهم في القطاع أكثر من 100 يوم، والتوقع باستدعائهم مجددا للخدمة العسكرية بعد تسريحهم يشكل القلق المركزي في صفوفهم، وفق هرئيل.

ويشير إلى وجود ظاهرة "تغيب هادئ"، تتمثل بجنود يخرجون إلى إجازة خارج القطاع ولا يعودون إلى وحداتهم.

ويتابع: "يسهم في الإحباط انعدام المساواة في تحمل الأعباء"، وهو ليس مرتبطا بإعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية فقط، وإنما بتقليص حجم قوات الاحتياط أيضا، في العقد الأخير، "ويسود في قوات الاحتياط الشعور بانعدام مساواة متطرف في تحمل الأعباء".

ويزيد هرئيل: "المشاكل مختلفة في الوحدات النظامية، تتعلق بالأساس بصرامة مبالغ فيها من جانب قسم من الضباط الكبار بما يتعلق بالخروج إلى إجازة خارج القطاع من أجل الانتعاش وعلى خلفية العلاقة الواهنة مع عائلاتهم".

ويستطرد: "كما أن عائلات الجنود النظاميين عبروا عن تذمرهم من منع الجنود من الخروج إلى إجازة".

كما يلفت هرئيل إلى أنه "في الأسابيع الأخيرة، لا تُقدم بلاغات منظمة لذوي الجنود القلقين، ويكاد يكون الاتصال الهاتفي بين الجنود وذويهم معدوم ولا توجد إجازات".

من جانبها، أشارت "يديعوت أحرونوت"، إلى أن "الأعباء على عشرات آلاف جنود الاحتياط تحول إلى غير إنساني، بعد أن تلقى جنود، هذا الشهر، تسريحا إلى بيوتهم بعد 90 و100 يوم قتال متواصل ومنهك، واستدعوا مجددا لمدة 40 يوما آخر لمهمات عسكرية في غلاف غزة أو في الضفة الغربية، في الشهر المقبل".

وتضيف الصحيفة، أنه "في هذه الأثناء، الكثيرون من أصحاب المصالح التجارية الخاصة بين الجنود ينهارون بهدوء". ونقلت الصحيفة عن قائد لواء في قوات الاحتياط قوله إنه يتخوف من اندلاع "احتجاجات وإحباط في صفوف الجنود حول مسألة المساواة بالأعباء، وبين مهماتنا، مرافقة ودعم جنود الاحتياط بعد تسريحهم لبيوتهم، وقسم منهم مصابون جسديا ونفسيا".

وتكشف أنه "في لوائي وحده، يوجد 15 جنديا أصيبوا بردة فعل قتالية، ولم يعودوا إلى أنفسهم من الناحية النفسية".

وتتابع الصحيفة أن "ضائقة أخرى تتعلق بانعدام اليقين حيال السنة القريبة. وبسبب عدم وجود خطة لليوم التالي (بعد الحرب) في غزة وفي الجبهة الشمالية التي لا تزال مفتوحة، لا أحد يعلم متى وأين وكم من الوقت ستستمر الحرب".

أما إذاعة "كان ريشيت بيت" العبرية، فأفادت بأن حوالي نصف الجنود في كتيبة احتياط إسرائيلية رفضوا دخول قطاع غزة المحاصر والمشاركة في القتال هناك، بدعوى أنهم لم يتلقوا التدريب المناسب للقيام بذلك.

وتذكر الإذاعة أن "مقاتلي الاحتياط الذين تم استدعاؤهم للتدريب قبل إنشاء لواء جديد يحمل اسم: هشومير (يعني: الحارس) انتقدوا بشدة الفجوات الخطيرة في المعدات والكفاءة المهنية ونقص القوى البشرية".

وتضيف أن الجنود فوجئوا، في منتصف التدريب، بإبلاغهم بأنهم سيقاتلون، و"طلب منهم أن يدخلوا قطاع غزة دون إكمال التدريب"، وفقا لما أورده موقع "ميدل إيست مونيتور" وترجمه "الخليج الجديد".

ونتقل الإذاعة عن أحد جنود الكتيبة قوله: "لقد تلقينا أمر التجنيد [الشهر الماضي] واستجبنا له. قالوا لنا إن مهمتنا ستكون حماية البلدات الإسرائيلية بالقرب من غزة، وبعد حوالي أسبوع من التدريب المروع، من دون وجود ذخيرة أو ضباط، تم إبلاغنا فجأة بالدخول إلى قطاع غزة".

ويضيف: "نحن جميعا جنود مقاتلون. أنا شخصياً كنت في لواء ناحال، وباقي الجنود من ألوية مشاة سابقة، ولكننا لم نقم بمهام احتياط منذ سنوات".

ويشير إلى أن بعض جنود الاحتياط تدربوا بدون زي عسكري بينما لم يحصل آخرون على قمصان أو أحذية قتالية، معلقا: "من غير المفهوم كيف أرادوا إدخال مثل هذه القوة غير المؤهلة على الإطلاق إلى قطاع غزة".

وتنوه الإذاعة العبرية، إلى أن الجنود فوجئوا أيضا بأنه تقرّر إدخال الكتيبة إلى قطاع غزة من أجل القيام بعمليات "تطهير" للمنازل في عمق القطاع، من دون أي تدريب على هذا الأمر.

وتوضح أن قائد الكتيبة دخل مع عدد من الضباط إلى غزة من أجل التصديق على خطط مع قائد لواء هشومير الذي ستنضم إليه الكتيبة في القطاع، مبينة أن قائد اللواء المتواجد في القطاع فوجئ بحجم القوات الصغير ولكنه في نهاية المطاف صادق على الخطة.

ولاحقا، أثار إعلان قائد الكتيبة للمهمة في غزة بلبلة كبيرة بين الجنود، قرر على إثرها تسريح من يشعر بأنه غير مستعد للعملية، حسب الإذاعة العبرية.

وحتى الخميس، بلغت حصيلة قتلى جيش الاحتلال الإسرائيلي المعلنة منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الماضي، نحو 529 عسكريا، بينهم 193 منذ بدء عملية التوغل البري في القطاع في 27 من الشهر ذاته، وفق بيانات الجيش، بجانب 2630 مصاباً، بينهم 1178 منذ بدء العملية البرية.

فيما خلفت الحرب المدمرة على قطاع غزة، 24 ألفاً و620 شهيدا و61 ألفا و830 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى نزوح نحو 1.9 مليون فلسطيني، أي أكثر من 85% من سكان القطاع المحاصر منذ 17 عاماً.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جنود الاحتلال إنهاك إحباط تمرد إسرائيل حرب غزة غزة

غزة.. المقاومة تخوض معارك عنيفة وتقنص جنود وتفجر دبابات للاحتلال (فيديو)

إعلام عبري: غياب رؤية ما بعد الحرب تحول دون الانتصار على حماس