إنهاء حرب غزة.. لماذا يصر الإعلام الأمريكي على إضاعة مفتاح وقف التصعيد بالشرق الأوسط؟

الجمعة 19 يناير 2024 04:28 م

كان من الغريب أن وسائل الإعلام الأمريكية والغربية تجاهلت ولا تزال مسألة الإشارة إلى أهمية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة كوسيلة ناجعة لوقف الحرب الإقليمية التي بدأت على استحياء في ميدان البحر الأحمر الذي تحول إلى ساحة حرب، ومضت لتروج إلى روايات الأحداث الميدانية في ذلك المكان وتأثيرها على حركة التجارة العالمية.

وينتقد بليز مالي، الصحفي والكاتب بموقع "ريسبونسبل ستيت كرافت" هذا التوجه، قائلا إن عدم القدرة على ربط تحركات الحوثيين بالحرب المستمرة في غزة هو سوء تقدير استراتيجي، وتوجيه قسري للوعي العام الأمريكي والغربي إلى روايات أخرى لا تعزز الحل وحرمانهم من معرفة أن هناك خيارا غير صعب لإنهاء كل ما يحدث بالشرق الأوسط الآن، إن تم نزع فتيل الحرب في غزة.

تجربة عملية

ويرى مالي أن هناك تجربة عملية تدلل على قوة الرابط بين حرب غزة والتصعيد في المنطقة برمتها، وهو توقف كافة الأعمال العدائية في البحر الأحمر والعراق ولبنان خلال فترة الهدنة المؤقتة التي تم التوصل إليها بين الاحتلال الإسرائيلي و"حماس" في غزة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي واستمرت لمدة أسبوع.

وينقل الكاتب عن تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي قولها: "خلال وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني، انخفضت هجماتهم بشكل كبير، مما يوفر درجة من الأدلة التجريبية على أن وقف إطلاق النار كان لديه احتمال قوي أن يكون خيارًا فعالًا لوقف الهجمات".

وضوح الحوثيين

ويقول الكاتب إن الحوثيون في اليمن كانوا واضحين في التأكيد على أنهم سيوقفون هجماتهم في البحر الأحمر بمجرد وقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة والسماح بوصول الغذاء والوقود إلى سكانها المحاصرين، وكان توقفهم خلال فترة الهدنة دليل على صدقهم.

لكن وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية ظلت تتجاهل هذا الرابط والحل، كما يشير الكاتب، رغم تسليطها الضوء على مساعي إدارة بايدن لعدم توسيع نطاق الحرب في غزة وضمان عدم تحولها إلى حرب إقليمية.

نظرة على المعالجات

وفي الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و14 يناير/كانون الثاني، نشرت صحف "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" أكثر من 60 مقالاً ركزت على بعض جوانب التهديد بالتصعيد في الشرق الأوسط، وركز 14 منهم على الأقل على عملية صنع القرار في إدارة بايدن.

لكن من بين تلك المقالات الـ 14، خمسة فقط تذكر مطالب خصوم الولايات المتحدة في المنطقة، وهي أن تسمح إسرائيل بدخول الغذاء والدواء إلى غزة وإنهاء حملة القصف، كما يقول مالي، رغم أن ذلك قد يشكل حلا ببساطة لكل ما يحدث.

وبدلاً من ذلك، وضعت المقالات في الغالب الخيارات على أنها الحفاظ على الوضع الراهن أو السعي إلى حل عسكري.

ازدواجية كبيرة

وحتى منتقدو إدارة بايدن فضلوا مساره الأكثر عدوانية إزاء الحوثيين في اليمن، وطالبوا بالمزيد من الضربات الانتقامية، وتجاهلوا تقارير الخبراء التي ظلت تشير إلى وقف إطلاق النار في غزة كخيار منذ أسابيع.

آراء الخبراء

وفي معرض طرح حجة لواشنطن لأخذ زمام المبادرة في الضغط من أجل إنهاء العنف، عرض ثلاثة زملاء في "مؤسسة القرن the Century Foundation" في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن وقف إطلاق النار من شأنه أن "يقلل من التوترات الإقليمية، ويقلل من خطر نشوب حرب أوسع نطاقًا - والتي تتزايد احتمالاتها يوميا الآن.

وقبل ساعات قليلة من الغارات على اليمن في 11 يناير/كانون الثاني الجاري، أوضح أليكس ستارك، الباحث في مؤسسة راند، أن الضغط من أجل إنهاء الحرب في غزة كان الطريقة الأكثر فعالية لواشنطن لتهدئة التوترات مع الحوثيين.

وكتبت في مجلة "فورين أفيرز": "سواء شئنا أم أبينا، ربط الحوثيون عدوانهم بالعمليات الإسرائيلية في غزة وحصلوا على دعم محلي وإقليمي للقيام بذلك".

وأضافت أن "إيجاد نهج مستدام وطويل الأجل لكلا الصراعين سيكون أمرًا بالغ الأهمية لتهدئة التوترات في جميع أنحاء المنطقة ودفع الحوثيين إلى إلغاء هجماتهم على السفن التجارية".

وفي أعقاب العمليات الأمريكية، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن دولًا مثل قطر وعمان "حذرت الولايات المتحدة من أن قصف الحوثيين قد يكون خطأً، خوفًا من أنه لن يفعل الكثير لردعهم وسيؤدي إلى تعميق التوترات الإقليمية".

لقد جادلوا بأن التركيز على التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يزيل الدافع المعلن للحوثيين للهجمات.

سوء تقدير استراتيجي

وقال الخبراء إن عدم القدرة على ربط عدوان الحوثيين بالحرب المستمرة هو سوء تقدير استراتيجي.

وكتبت مؤسسة "كارنيجي" إن "هذا الرفض لرؤية الرابط بين غزة والبحر الأحمر يعني أننا نفشل أيضًا في رؤية الضرورة الأمنية الاستراتيجية المهيمنة هنا: تجنب المزيد من التصعيد على المستوى الإقليمي، والتحرك نحو احتمالات مضادة للتصعيد".

المصدر | ريسبونسبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحوثيين البحر الاحمر غزة الشرق الاوسط

106 أيام من حرب غزة.. القصف متواصل رغم الإدانة الأممية واعتصام ذوي الأسرى

107 أيام من الحرب.. القصف على غزة يتواصل والغليان في تل أبيب يتصاعد

لا سلام إقليمي هذا العام.. حرب غزة ستحدد مصير برميل البارود

بيرني ساندرز يدعو إدارة بايدن للتحرك لإنهاء كارثة حرب غزة.. ماذا قال؟

ناشونال إنترست: الوقت ينفد لمنع حرب واسعة بالشرق الأوسط

وقائع صادمة.. 12 حقيقة تثبت انحياز البرامج الحوارية الأمريكية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر