لهذه الأسباب يتوقع الخبراء رفع أسعار الفائدة في مصر.. ما هي؟

الأحد 28 يناير 2024 11:31 ص

فى ضوء عوامل عدة مهمة، تتصدرها ترجيحات معدل التضخم والمتغيرات على الساحة الاقتصادية العالمية التى بدأت تشهد عودة الحديث عن استئناف سياسات التشديد النقدى، سيطرت توقعات رفع الفائدة على أغلب آراء المحللين والخبراء بشأن سيناريوهات أول اجتماعات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصري لعام 2024، والمقرر انعقاده الخميس، لبحث مستويات العائد على الجنيه.

واستندت توقعات المحللين، إلى موجة جديدة من التضخم قد تشهدها السوق المحلية خلال الأشهر المقبلة في ضوء تفاقم أسعار السلع حاليًا، على إثر صعود الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية للعملة، بالإضافة لاقتراب شهر رمضان الذى يشهد في العادة ارتفاعًا للأسعار مع تفاقم منحنى الاستهلاك من جانب المواطنين.

أغلب التوقعات تذهب إلى إمكانية تطبيق لجنة السياسة النقدية زيادة قوية فى أسعار الفائدة بين 0.5 وحتى 5% خلال الاجتماع المقبل، لكنها ربطت الوصول للحد الأقصى وهو 5% بالإعلان عن تحرير أسعار الجنيه في إطار المراجعات التي يجريها صندوق النقد الدولى حاليًا بالقاهرة.

ويستهدف ذلك التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة القرض الحالي إلى ما بين 8 و10 مليارات دولار، بالمقارنة مع 3 مليارات قيمة التمويل القائم الذي تم توقيعه العام قبل الماضي، ولم تُصرف منه سوى شريحة واحدة فقط بقيمة 347 مليون دولار.

وسبق زيارة وفد صندوق النقد الدولي، لقاء وفد حكومي مصري ضم محافظ البنك المركزي ووزيري المالية والتعاون الدولي، في 10 من الشهر الحالي مع وزيرة الخزانة الأمريكية ومدير عام صندوق النقد الدولى.

وبعده بأسبوع زار وفد برئاسة مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، القاهرة، والتقى مسؤولين حكوميين ورجال أعمال.

وتطرقت توقعات بعض المحللين، إلى إمكانية رفع البنك المركزي الاحتياطي الإلزامي المفروض على البنوك، بنسبة قد تصل إلى 6% كإحدى الأدوات المتاحة في يد السياسة النقدية لسحب السيولة، بهدف كبح التضخم.

والاحتياطي الإلزامي، إلى جانب دوره الرئيسي في استقرار النشاط المصرفي والحفاظ على ودائع العملاء، يعد إحدى الأدوات التي تلجأ البنوك المركزية استثنائياً إليها للتحكم في السيولة بالسوق، دون الحاجة لرفع أسعار الفائدة في حربها ضد التضخم.

ورفع المركزي المصري، نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي، على الودائع في البنوك 4% في سبتمبر/أيلول 2022، لتسجل 18% مقابل 14%.

وتوقعت 6 بنوك استثمارية من أصل 10 استطلع موقع "اقتصاد الشرق" آراءها، أن يتجه البنك المركزي المصري، إلى رفع أسعار الفائدة بما يتراوح بين 200 و300 نقطة أساس لكبح جماح التضخم.

وكان البنك المركزي رفع سعر الفائدة بمقدار 11 نقطة مئوية على مدى 6 مرات خلال آخر عامين، منها 8 نقاط مئوية على 4 مرات في 2022، قبل أن يرفعها 3 نقاط مئوية على مرتين في 2023، ليصل مستواها حالياً لدى البنك إلى 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض.

بينما يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر، أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم، سالب 14.45%، وفق أحدث البيانات المصرفية.

وتوقعت 6 بنوك استثمارية، أن يرفع "المركزي" أسعار الفائدة، فيما توقعت "إي إف جي القابضة"، و"إتش سي" و"الأهلي فاروس" و"العربي الأفريقي" الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.

بنوك الاستثمار التي شاركت في الاستطلاع هي: "إي إف جي القابضة"، و"إتش سي"، و"سي.آي كابيتال"، و"زيلا كابيتال"، و"نعيم المالية"، و"بلتون"، و"ثاندر"، و"الأهلي فاروس"، و"كايرو كابيتال"، و"العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية".

من جانبه، يتوقع رئيس قطاع البحوث لدى شركة "بلتون المالية القابضة" أحمد حافظ، أن تقرّ لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي زيادة أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس لمواجهة الضغوط التضخمية، بعد زيادة أسعار بعض السلع والخدمات مؤخراً، مثل الكهرباء والنقل وخدمات الهاتف المحمول والإنترنت.

وبدأ المسؤولون المصريون السنة الجديدة بزيادة أسعار عدد من الخدمات الرئيسية فرضت ضغوطاً إضافية على المستهلكين، وذلك في إطار سعي الحكومة إلى زيادة إيراداتها وتعظيم فرصة رفع قيمة حزمة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وارتفعت أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي بنسب تراوحت بين 16% و26%، وفقاً لشرائح الاستهلاك، بحسب جهاز تنظيم مرفق الكهرباء.

وقد رُفعت أسعار الكهرباء أيضاً على القطاع الصناعي بنسبة 20% تقريباً.

ومن المقرر أن ترتفع أسعار تذاكر المترو والسكة الحديد هي الأخرى، فيما ترفع الشركة "المصرية للاتصالات" التي تديرها الدولة أسعار باقات الإنترنت بنسبة تتجاوز 30%، مطلع الشهر المقبل.

وتأتي الزيادات بعد أقل من شهر على إجراء الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها عبدالفتاح السيسي بولاية رئاسية ثالثة وأخيرة، كاشفاً عن استعداد السلطات حالياً لتحمل بعض ردود الأفعال وهي تتقدم في تنفيذ إجراءات سوف تتسبب في المزيد من الضغوط المؤلمة على المستهلكين.

ويرى حافظ، أن "الأحداث المتسارعة في البحر الأحمر سيكون لها تأثير سلبي أيضاً على إيرادات قناة السويس، مما قد يزيد من الضغوط على الاقتصاد".

تعيش مصر أزمة اقتصادية صعبة، تفاقمها التوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلى جانب شح شديد في السيولة الدولارية لديها بسبب تراجع تحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، وقناة السويس، والصادرات.

ويبلغ سعر الصرف الرسمي 30.9 جنيه للدولار في البنوك، بينما تجاوز السعر في السوق السوداء مستوى 60 جنيهاً.

ويتفق معه رئيس إستراتيجيات الأسهم ووحدة البحوث بشركة "ثاندر" عمرو الألفي، الذي يتوقع إقرار الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية زيادة على أسعار عائد الجنيه بنسبة قد تصل إلى 2%، نظرًا للتوقعات باستئناف المنحنى الصعودي لمعدلات التضخم داخل السوق المحلية، خاصة بعد تضمين التعليم في مؤشر التضخم الأساسى بدءًا من فبراير/شباط المقبل.

ويوضح الألفي أن معدلات التضخم قد شهدت تباطؤًا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مدفوعة بتراجع الأسعار عالميًا واستقرار معاملات السوق الموازية للعملة، بينما الأوضاع الحالية تشير إلى موجة تضخم مرتقبة في ضوء وصول الدولار لمستويات غير مسبوقة أمام الجنيه في السوق السوداء، وعودة شبح التضخم عالميًا، ما يستدعي تحرك لجنة السياسة النقدية لمحاصرة الموجات المرتقبة.

وتؤكد لجنة السياسة النقدية، في بياناتها بشكل دائم، أن مسار أسعار العائد الأساسية للجنيه يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة، وليس معدلات التضخم السائدة، بجانب متابعة وتقييم التطورات الاقتصادية والمخاطر المحيطة بالتضخم.

كما يؤكد الخبير المصرفي محمد عبدالعال، أن البنك المركزى قد يتجه إلى رفع أسعار الفائدة بمعدل يتراوح من 1 إلى 2%، لكون معدل الفائدة الحقيقي لا يزال بالسالب، بالتزامن مع ارتفاع معدل التضخم عن معدلات الفائدة السائدة.

ويتابع أن ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة سيكون مرتبطا بصورة كبيرة بأسعار الصرف وليس بمصير أسعار الفائدة، ومن ثم يتجه معه البنك المركزي للرفع بهدف التحوط، مشيرا إلى تأثير الأحداث الجيوسياسية المندلعة بين غزة وإسرائيل على ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة.

فى حين، تتوقع رئيس قسم البحوث ببنك "الاستثمار زيلا كابيتال" آية زهير، أن يتجه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل بمعدل يتراوح بين 3% و5%.

وترجع توقعها إلى الفجوة الكبيرة بين سعر الصرف بالسوقين الموازية والرسمية، مشيرة إلى أنه من الممكن ألا تنتظر لجنة السياسة النقدية اجتماع أول فبراير/شباط، لحسم قرار الفائدة، وقد تحرك سعر الصرف خلال الأيام القليلة المقبلة.

وترى أن طرح شهادات بفائدة عالية 27% خلال الفترة الماضية من قبل بنكي الأهلي المصري ومصر (حكوميان)، كانت بغرض سحب السيولة وكبح جماح التضخم، متوقعة طرح شهادات إيداع أخرى بفائدة كبيرة خلال الفترة المقبلة كمحاولة لكبح معدلات التضخم المرتقب ارتفاعها خلال الفترة المقبلة.

وتعتبر أن قرار زيادة الحد الإلزامي للبنوك من قبل المركزي قد يتم اتخاذه في إطار استكمال سلسلة قرارات تهدف لتحجيم معدلات التضخم، وتأتي بالتوافق مع قرار زيادة أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة تماشيا أيضاً مع اتفاقيات الدولة مع صندوق النقد الدولي، التي تلزم معها اتباع سياسة تشددية.

ويوافقها الرأى الخبير المصرفي محمد بدرة، الذى يرجح رفع أسعار الفائدة بنسبة 2% على أقل تقدير خلال اجتماع البنك المركزي المقبل، وذلك لمواجهة الآثار التضخمية الناتجة من رفع أسعار بعض السلع المحددة إداريًا.

ويرى بدرة، أن رفع سعر "الكوريدور"، خلال الاجتماع المقبل أمر لا بد منه فى ظل عدم استقرار سعر الصرف في السوق الموازية، مع توقعات بارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، متوقعا أن يتم اتخاذ قرار التعويم من قبل البنك المركزي، خلال الاجتماع المقبل وربما قبله.

وقرر بنكا الأهلي المصري ومصر (حكوميان)، في 5 يناير/كانون الثاني الجاري، طرح شهادات بعائد مرتفع نسبته 27% سنويًّا تُصرف بنهاية مدتها، أو شهريًّا بعائد سنوى 23.5% وتبدأ فئاتها من 1000 جنيه ومضاعفاتها، وتصدر للأفراد الطبيعيين أو القصر من المصريين أو الأجانب، ويتم احتساب المدة اعتبارًا من يوم العمل التالي للشراء.

في المقابل، يتوقع كبير الاقتصاديين في "إي اف جي القابضة" محمد أبو باشا: "حتى الآن وفي ظل تراجع مستويات التضخم، يُرجّح الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيي في اجتماع المركزي المقبل".

ويضيف: "لكن في حالة توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فقد يعني ذلك رفع أسعار الفائدة بين 200 و300 نقطة أساس".

وسجل المعدل السنوي للتضخم رقماً قياسياً خلال العام الماضي، قبل أن يتباطأ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ليسجل 33.7% على مستوى المدن، ولكن لا يزال بعيداً عن مستهدفات البنك المركزي عند 7%، بزيادة 2% خلال الربع الأخير من 2024.

بينما ترى محللة الاقتصاد الكلي في شركة "الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية" سارة أحمد، أن "أي رفع لسعر الفائدة بالبنك المركزي مستقبلاً، مرهون بتحريك سعر الصرف في المقام الأول، وقد يفضل المركزي التثبيت حتى إشعار آخر مرتبط بسعر الصرف".

فيما تتوقع محلل الاقتصاد الكلى بشركة "إتش سى للأوراق المالية والاستثمار" هبة منير، أن تبقى لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة الحالية، دون تغيير خلال اجتماع البنك المركزى المقبل.

وتسند ذلك التوقع إلى عدم حدوث تغيير فى سعر الصرف الرسمي حتى نهاية يناير/كانون الثاني، فضلا عن تباطؤ معدل التضخم السنوي ليصل إلى 33.7%، في ديسمبر/كانون الأول، مقارنة بنسبته في نوفمبر/تشرين الثاني، التي سجلت 34.6% على أساس سنوى.

وتشير منير إلى أن المركزي المصري قد يتجه إلى رفع سعر الفائدة في حال تغير سعر الصرف الرسمي، مضيفة أن "هذه الخطوة قد تأتي بالتزامن مع الانتهاء من المراجعتين الأولى والثانية المؤجلتين لصندوق النقد الدولي، والتوصل إلى اتفاق بشأن مضاعفة قيمة (تسهيل الصندوق الممتد) والتي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أسعار الفائدة مصر التضخم الدولار صندوق النقد بنوك أزمة الدولار