ارتباك بين الجيش الإسرائيلي ونتنياهو.. هل تجمدت مفاوضات تبادل الأسرى واحتلال رفح؟

الاثنين 19 فبراير 2024 10:59 ص

بعد تعطيل إسرائيل لمفاوضات تبادل الأسرى، تتجه دولة الاحتلال لتجميد خطة احتلال رفح، التي يتحصن بها أكثر من مليون وربع المليون فلسطيني فروا من العملية العسكرية الإسرائيلية، حيث يبدو أن الجيش الإسرائيلي وحتى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو "غير متحمسان" للعملية.

ويذكر تقرير للمحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع، الإثنين، أن القيادة السياسية الإسرائيلية مقتنعة أن معظم الاسرى في قطاع غزة على قيد الحياة، وأن حالتهم الصحية جيدة نسبيا، لكن "المشكلة المثيرة للقلق هي حالتهم العاطفية والنفسية، بعد قرابة 140 يوما في الأسر، وبحالة هلع دائم، وأي يوم آخر يفاقم هذه المشكلة".

ووفقا لبرنياع، فإن التقارير حول المفاوضات مقابل "حماس" حول صفقة تبادل أسرى هي "أكاذيب يضلل مكتب نتنياهو، من خلالها الجمهور".

وعشية جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة، تراجع نتنياهو عن تعليمات سابقة وجهها لطاقم المفاوضات الإسرائيلي، دون توضيح سبب هذا التراجع.

ويرجح برنياع أن نتنياهو اعتقد أن "تشديدا تكتيكيا سيلين مواقف حماس أو بالعكس، وهلع من تقدم المفاوضات وعمل بشكل إستراتيجي من أجل إفشالها".

ويضيف: "إذا كان هذا قصده، فقد نجح، فلا توجد مفاوضات حاليا، ومحاولة رئيس الاستخبارات الأمريكية (سي آي ايه) وليام بيرنز، إخراج المفاوضات من السبات فشلت".

ويعتبر أن الوسطاء الأمريكيين والقطريين والمصريين يقدمون مقترحات ويهدرون طاقات كثيرة في المفاوضات، لكن حماس "لم تتجاوب ولم تهلع ولم تستسلم، كما أن المستوى السياسي الإسرائيلي لم يستجب للوسطاء، حيث يتحدث نتنياهو كثيرا حول العاطفة والأخلاق والأمن، لكنه يعمل بموجب اعتبارات سياسية داخلية".

ويضيف أن العملية العسكرية الإسرائيلية في خان يونس كشفت، حسب الكاتب الإسرائيلي، عن أن عددا كبيرا من الأسرى احتجزا قريبا من قيادة "حماس"، وأن ظروفهم كانت جيدة نسبيا.

ويشير إلى أن تقدم الجيش الإسرائيلي دفع قيادة حماس إلى الانتقال إلى مواقع أخرى، وأخذوا معهم المخطوفين إلى أماكن أقل أمانا، في منطقة رفح، وازدادت مخاطر إصابتهم بتبادل إطلاق نار، كما تزايدت المخاطر على صحتهم وطعامهم".

ويضيف أن عملية عسكرية في رفح الآن مشروطة بنقل حوالي 1.4 مليون نازح في المدينة إلى شمالها، وهذا يتطلب جهودا دبلوماسية ولوجستية طويلة ومعقدة.

ويفيد برنياع بأن "البيت الأبيض بلور حلا لهذا المأزق، وبدلا من صفقة صغير لتبادل الأسرى، اتجه إلى صفقة عملاقة، عبر تحرير الأسرى وإعادة إعمار القطاع، وترحيل حماس بصورة ناعمة، واندماج إسرائيل في حلف مع الدول العربية السنية، وعلى رأسه عقد دفاعي أمريكي – سعودي".

ويلفت إلى أن مثل هذه الصفقة الكبيرة، تمثل إنجازا لبايدن مقابل الجناح التقدمي في حزبه، وكذلك استئناف المفاوضات حول إقامة دولة فلسطينية.

ويضيف أنه "لا توجد صفقة صغيرة بدون الصفقة الكبيرة، ولا توجد صفقة كبيرة بدون الصفقة الصغيرة، والدولة الفلسطينية ما زالت بعيد، لكن بالإمكان المحاولة".

ويتابع أنه بحل كهذا حول الأمريكيون نتنياهو إلى "عدو تحرير الأسرى".

ومن وجهة نظر نتنياهو، فإن أي تقدم في المفاوضات يضع تهديدا فوريا على استمرار حكمه.

ويلفت إلى أن موافقته على إرسال الطاقم الإسرائيلي إلى القاهرة، جاء من أجل الحفاظ على مظهر فقط، ولكنه حيد الطاقم الإسرائيلي بكل ما يتعلق بالمفاوضات.

ويشير برنياع إلى أن "مركز الأحداث ينتقل من القاهرة إلى واشنطن، وسيحاول نتنياهو ومبعوثه، رون ديرمر، أن يتعاملا مع بايدن مثلما تعاملا مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وستكون هذه دراما رائعة، لكنها لن تعيد أي مخطوف إلى الديار".

أما الصحفي الإسرائيلي عاموس هاريل، في تحليل نشرته "هآرتس"، فيقول إن التحضيرات الجارية حالياً -لاقتحام مدينة رفح في غزة، تثير جدلا داخل المجتمع الإسرائيلي، "ويبدو أن هناك حالة ارتباك ما بين نتنياهو والجيش".

ويضيف: "تفاقم وضع الجيش في معاناته من نقص التوجيهات الواضحة من المسؤولين السياسيين، لأن الحكومة لا تقول للجيش ماذا تريد.. وهناك القليل من الناس، في إسرائيل وفي الساحة الدولية، يفهمون ما يهدف إليه نتنياهو".

ويتابع الكاتب في الصحيفة اليسارية، إنه من الواضح حاليا أن الجيش لا يضغط على الحكومة للتحرك نحو رفح، لأن الأجهزة الأمنية تركز على خان يونس، لمطاردة مسؤولي "حماس"، وعلى رأسهم يحيى السنوار، وهو ما يتطلب أسابيع وليس من المؤكد أن الأمر سينتهي بالقبض على السنوار أو غيره.

ويشير إلى أنه لا تزال هناك مخيمات للاجئين في وسط قطاع غزة، وهي مخيمات النصيرات ودير البلح، لم تعمل فيها إسرائيل بعد.

ويحذر هاريل إن كتيبتي "حماس" المتبقيتان هناك أقوى وأفضل تنظيما من الكتائب الأربع الموجودة في رفح، لافتا إلى أنه "لا تزال لدى المعسكرات المركزية بنية تحتية لإنتاج الأسلحة لم يتم ضربها بعد".

ويضيف أن نتنياهو يشدد موقفه في المفاوضات غير المباشرة لزيادة الضغط على "حماس"، وفي المقابل يضع إسماعيل هنية زعيم حماس، بدائل غير قابلة للتنفيذ، وهو ما يجعل فرص التوصل إلى اتفاق تتضاءل، وفق زعمه.

وطالب هنية بضرورة "وقف كامل للعدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة ورفع الحصار وعودة النازحين، والالتزام بإعادة بناء غزة".

ويرى الكاتب أنه أمام هذه المطالب، فإن الاتفاق يبدو بعيد المنال، مما يشكل خطرا واضحا على حياة الأسرى الإسرائيليين، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 32 من أصل 134 محتجزا في قطاع غزة.

ويشارك مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" و"الموساد" في إعداد الخطوط العريضة للمفاوضات حول إطلاق سراح الأسرى.

وقد عُرض ذلك على نتنياهو، لكنه رفضه.

ومن المعقول الافتراض أن الجيش سيدعم التوصل لصفقة حتى مع وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة، على أساس أن هذه المأساة تمزق المجتمع الإسرائيلي، وفق هاريل.

لكنه يرى أن رؤساء المؤسسة الأمنية لا يضغطون على نتنياهو بقوة للقبول بالصفقة، لأن وقف القتال سيسرع التحقيقات في الإخفاقات التي أدت إلى الحرب والاستقالات المتوقعة لكبار مسؤولي الدفاع.

ويشير إلى أنه ربما توجد مصلحة مشتركة لدى المؤسسة الأمنية ونتنياهو لمواصلة الحرب.

لكن حتى يتم اقتحام رفح سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى خطوتين تحضيريتين تتطلبان وقتاً، أولا: إخلاء معظم السكان، كما حدث في شمال قطاع غزة ولاحقاً في خان يونس.

أما ثاني الخطوات، فهي نشر المزيد من القوات المجندة وقوات الأمن وإعادة تعبئة الوحدات الاحتياطية، التي تم تسريح جميعها تقريبًا في الأسابيع الأخيرة، ولكنه يشير إلى أن "عودة السكان إلى مدينة غزة وخان يونس تعني العيش بين الأنقاض دون بنية تحتية".

ويرى الكاتب أن الحكومة الإسرائيلية ترفض وضع خطط واضحة فيما يتعلق بكيفية استمرار الحرب، بالإضافة إلى عدم جود ترتيبات خاصة باليوم الذي تنتهي فيه الحرب، وهو ما يصعب الأمر على المهنيين في المؤسسة الدفاعية، كما هو الحال بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين الذين هم على اتصال دائم مع إسرائيل.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، تقول إن أحد أهدافها هو القضاء على حركة "حماس"، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي المستمر لفلسطين منذ عقود.

وحتى الأحد، خلَّفت الحرب الإسرائيلية على غزة "28 ألفاً و985 شهيداً و68 ألفاً و883 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء"، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقاً للسلطات الفلسطينية.

وللمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، تخضع إسرائيل لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تبادل أسرى رفح إسرائيل نتنياهو جيش إسرائيل المقاومة حرب غزة غزة

معضلة نتنياهو بغزة.. شراء مزيد من الوقت على أمل تدمير حماس

قطر: تصريحات نتنياهو خاوية ولا تهدف إلا لإطالة أمد الحرب

أكسيوس: كبير مستشاري بايدن يزور مصر وإسرائيل مع تزايد المخاوف بشأن اجتياح رفح

تقديرات إسرائيلية بقرب انتهاء العمليات بخانيونس وحسم الموقف في رفح

قطر: جمود بمفاوضات وقف النار بغزة.. ونحذر من هجوم رفح

سموتريتش: إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة ليس الأمر الأكثر أهمية.. ولابيد يرد: عار