أجواء الاضطراب السياسي تخيم على سماء الكويت

السبت 20 سبتمبر 2014 01:09 ص

تموج سماء الساحة السياسية الكويتية بعواصف هوجاء توشك أن تمطر مزيدا من الاحتجاجات من قبل المعارضة، بعدما زادت مساحة الصدام بين المعارضة والحكومة أثر سلسلة من قرارات سحب الجنسية من 15 من المعارضين واعتقال آخرين أو التمهيد لمحاكمتهم بسبب هجومهم علي الأسرة الحاكمة واعتبارهم أن الكويت تسمي «دولة الكويت» لا «دولة الصباح» وليس من حق أحد سحب جنسية كويتي أو اعتقاله ، فضلا عن تأييد محكمة التمييز حكما مؤخرا بسجن «الطبطبائي» وآخرين مع وقف التنفيذ في قضية تظاهر منسوبة إليهم .

وكانت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية قد أعلنت سحب الجنسية من خمسة أشخاص في 21 يونيو/حزيران 2014، هم : «أحمد جابر الشمري» مالك محطة تليفزيون «العالم» المستقلة، وصحيفة «اليوم»، الذين أمرت محاكم كويتية بناء على طلب من وزير الإعلام بالإغلاق المؤقت لهما ثلاث مرات في مايو/أيار، ويونيو/حزيران، لتحديهما التعتيم الإعلامي الذي أمرت به النيابة العامة في التحقيقات في مؤامرة مزعومة من قبل مسئولين كبار للإطاحة بالحكومة.

والأربعة الآخرون الذين تم تجريدهم من الجنسية، هم: «عبد الله البرغش»، القيادي السابق في كتلة المعارضة بالبرلمان، وثلاثة من إخوته هم «سعد»، و«نصر»، و«نورا البرغش»، وبررت الحكومة قرارها باتهامهم بتزوير السجلات عند التقدم بطلب الحصول على الجنسية.

وقبل ذلك بأسبوع دعا مجلس الوزراء الكويتي السلطات المعنية إلى اتخاذ إجراءات مشددة ضد أولئك الذين يرتكبون «أي أعمال وتصرفات ومظاهر تستهدف تقويض الأمن في البلاد والاستقرار فيها وتمسّ بمؤسساتها».

وأعقب هذا قرار بسحب الجنسية الكويتية من الداعية «نبيل العوضي» رئيس رابطة دعاة الكويت وتسعة أشخاص آخرين، ما أثار ردودَ فعل مندّدة وغاضبة على موقع التواصل الاجتماعي وتحذيرات غاضبة من رموز المعارضة، واعتقال «حجاج العجمي»، بعد إيقافه في مطار الكويت الدولي عند عودته من قطر لعدة ساعات ثم إطلاق سراحه.

وكان أكثر هؤلاء المعارضين شراسة لهذه الإجراءات النائب السابق «مسلم البراك» المعرض بدوره للسجن، بعدما أجّلت محكمة الجنح الكويتية جلسة محاكمته بتهمة الإساءة لرئيس «مجلس القضاء الأعلى» المستشار «فيصل المرشد»، إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول.

وكانت محكمة كويتية أمرت في 7 يوليو/تموز الماضي بالإفراج عن «البراك» بكفالة قدرها 5 آلاف دينار «17800 دولار أمريكي»، وذلك بعد 6 أيام أمضاها في الحبس الاحتياطي بتهمة الإساءة للقضاء، وبعد 5 ليال من المواجهات في الشارع بين محتجين معارضين والشرطة على خلفية توقيف البراك.

ويحاكم «البراك» بتهمة الإساءة إلى القضاء وإلى رئيس «المجلس الأعلى للقضاء» «فيصل المرشد»، على خلفية خطاب ألقاه أمام تجمع للمعارضة في 10 يونيو/حزيران الماضي، اتهمه فيه بتلقي رشاوى.

هذه المرة قال «البراك» أن قرارات الحكومة الكويتية بسحب الجنسية أو الاعتقال أصبحت مصدر شكّ، ومبنية على سلوك «الانتقام والانتقائية»، على حدّ قوله، وانتقد «مسلسل سحب الجناسي» من «غير وعاظ السلاطين ومشايخهم»، وأخرهم جنسية الشيخ «نبيل العوضي».

وقد شهدت عدة ميادين عودة لظاهرة الاعتصامات حيث اعتصم العشرات من الكويتيين في ساحة الإرادة بينهم النائب السابق «مسلم البراك» تضامنًا مع معتقلي الرأي من نشطاء الحراك السياسي، مطالبين بالإفراج الفوري عنهم وإسقاط التهم الموجه ضدهم، حاملين اللافتات التي تعبّر عن رفضهم لسياسة الاعتقال التعسفي تجاه المعارضين.

ووجه المعارض السياسي الأبرز النائب السابق «مسلم البراك»، رسالة عنيفة مباشرة إلى الأسرة الحاكمة قائلًا: «هل تعتقدون أن الكويت لكم، هل تعتقدون أن الكويت هي ملكية لكم كي تفعلون ما تشاؤون وتسحبون الجنسيات، بل الكويت للجميع..اسمها دولة الكويت وليس دولة الصباح».

وأضاف «البراك» مستنكرًا الاعتقالات وسحب الجنسيات وترويع الناس، قائلًا: «الناس لم يختلفوا معكم حتى تصلوا لهذه المرحلة، لم يطالب أحد إسقاط النظام»، واعتبر «البراك» أن حرية التعبير تم ضربها عرض الحائط في الكويت، وأن تعامل السلطة تجاه معارضيها مثل هذه الأساليب هي مؤشر ضعف وليس قوة، ولفت البراك أن الكويتيين في السابق كانوا يفخرون في المؤتمرات بالتعبير عن آرائهم دون خوف إلا أن الوضع في الوقت الراهن اختلف تمامًا.

كما طالب «البراك» بضرورة الإصلاح السياسي الشامل، مشيرًا أن الإصلاح لن يتم إلا بحكومة منتخبة عن طريق صناديق الاقتراع، محذرًا من دخول البلاد من «مرحلة الضياع واللاعودة».

 

كويت جيت

وسبق أن كشف المعارض الكويتي البارز «مسلم البراك» عن تحويلات وإيداعات مليونية لحسابات في بنوك مختلفة، بالإضافة إلى بنوك «إسرائيلية»، خلال التجمع الذي أقامته حركة العمل الشعبي في الكويت «حشد) » في يونيو/حزيران الماضي بساحة الإرادة بمشاركة المعارضة الكويتية، وذلك فى فضيحة سميت «KUWAIT GATE كويت-غيت» وقعت في الكويت بين عامي 2009 و 2014 «ولازالت مستمرة» بعد الكشف عن بيانات مصرفية خارجية وتحويلات بنكية مدفوعة في معظمها إلى شخصيات ذات تأثير سياسي اما كرشاوى أو عمولات أو أنشطة غسيل الأموال.

واعتبر مراقبون أن ما كشفه «البراك» هو أخطر من أن ينتهي بسهولة بعدما دخلت المعارضة الكويتية معركة مفتوحة ضد الفساد الذي بلغت قيمته 50 مليار دولار تم تهريبها، وكشفت في وثائق أن مسئولين سابقين مارسوا الفساد المالي في الدولة.

ولم يقتصر الأمر علي موظفين عموميين ولكنه طال مسئولين سابقين في الكويت بالاستيلاء على 50 مليار دولار وبإيداعها في مصارف أجنبية بما في ذلك في «إسرائيل»، و«كافة مؤسسات الدولة وسلطاتها» كما قال النائب «البراك، الذي اتهم أشخاصا «في مناصب ومواقع مهمة وحساسة بتلقي رشي بملايين الدنانير».

وشهدت الكويت أسوأ موجة من الأزمات السياسية في تاريخها بين منتصف 2006 و2013 إذ استقالت حوالي 12 حكومة وتم حل البرلمان ست مرات، وطالبت مجموعات معارضة في أبريل بإصلاحات ديمقراطية غير مسبوقة، بما في ذلك إرساء نظام أحزاب وحكومة منتخبة للحد من صلاحيات أسرة آل الصباح التي تحكم البلاد.

ويقول مراقبون أن الكويتيون بهذا التجمع الحاشد في 10 يونيو/حزيران وما تبعه من تداعيات واعتقالات وسحب جنسيات، قد دشنوا أولى خطواتهم على طريق محاربة جذور الفساد واحتكار الثروة المستشري فى بلدان الخليج العربي عموما والكويت خصوصا، عبر قوانين مفصلة كي تستخدم لأهداف سياسية، وسلطة تنفيذية غير كفئة وتُدار بسلطة لها مآرب خفية لمص أموال شعبها.

واعتبروا هذا التحرك المعارض في الكويت قد يكون بدايات إرهاصات ربيع خليجي خاص لا ينادي بالضرورة بإسقاط أنظمة الحكم كما جري في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، ولكنه ربيع ضد الفساد واحتكار الأسر الحاكمة لثروات الشعوب، والشبكة الفاسدة التي قامت بالاستيلاء على ثروات البلاد الطبيعية وفي مقدمتها الثروة النفطية، وكذلك المشاريع العقارية للكويت وباقي البلدان الخليجية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت كويت غيت سحب الجنسيات

البراك: الحكومة المنتخبة هي الحل .. ولا نسعي لإسقاط نظام الحكم

بي بي سي: سحب الجنسيات فى الكويت يهدد حرية التعبير

سحب الجنسيات في الكويت: البدون "السابقون" .. والمعارضة "اللاحقون"

البراك من ساحة الإرادة: الشعب مقتنع بعجزكم عن إدارة الدولة