«بروكنغز»: لماذا تواصل السعودية حملتها ضد «حزب الله»؟

الأحد 3 أبريل 2016 09:04 ص

بدأ السعوديون في حملة كبرى لتقويض إيران، حليف حزب الله، الذي يعتقدون أنه أكثر هشاشة وضعفا اليوم. ومن المرجح أن تحقق الرياض نجاحا ملحوظا لكنه سوف يظل غير مكتمل. إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر بشكل واضح.

قام السعوديون بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية في وقت سابق من هذا العام ثم قاموا بإقناع حلفائهم في دول مجلس التعاون الخليجي بفعل الشيء نفسه في 2 مارس/أذار الماضي. وقد مارس ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن نايف» ضغوطا خلال قمة وزراء الداخلية العرب التي انعقدت في تونس في أول مارس/أذار الماضي من أجل المشاركة في توبيخ حزب الله. وافقت الجامعة العربية رسميا على تسمية حزب الله كمنظمة إرهابية خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أواخر الشهر نفسه بامتناع لبنان العراق فقط عن الموافقة.

ويبدو أن حزب الله قد صار بعيدا كل البعد عن تلك اللحظة التي تم خلالها الإشادة به كرمز للمقاومة العربية ضد (إسرائيل) قبل عقد من الزمان. على وجه الخصوص، قامت القيادة السعودية بتوجيه انتقادات إلى حزب الله خلال حرب عام 2006 مع (إسرائيل)، ولكن المجموعة كانت تتمتع وقتها بجماهيرية كبيرة بسبب حربها ضد (إسرائيل). على مدار العقد التالي، قام حزب الله بإهدار شعبيته في الشارع العربي بشكل ملحوظ.

ويرجع تاريخ هذه الحملة السعودية الحالية إلى الصيف الماضي عندما نجح جواسيس ولي العهد في إلقاء القبض على العقل المدبر لهجوم برج الخبر. «أحمد إبراهيم المغسل»، شيعي سعودي، يعد المسؤول الأبرز عن تدبير هجوم 25 يونيو/حزيران عام 1996 والذي استهدف ثكنة عسكرية أمريكية في الخبر، في المملكة العربية السعودية. اعتقل «المغسل» من قبل السعوديين في أغسطس/آب الماضي بينما كان في رحلة من طهران إلى بيروت وتم نقله فورا من لبنان إلى المملكة. وكان هجوم الخبر قد أسفر عن مقتل 19 فردا من سلاح الجو الأمريكي وإصابة 372 آخرين خلال الهجوم. وضع مكتب التحقيقات الفدرالي مكافأة 5 ملايين لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله منذ سنوات.

وقد أشار مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى صانع القنبلة في هجوم الخبر بوصفه عضوا في حزب الله اللبناني، والذي قامت إيران بتوصيله مع المغسل. ومن المرجح أن المغسل قد أعطى السعوديين تفاصيل أكثر بكثير حول دور حزب الله في العملية بعد اعتقاله. يمكن أن يكون المغسل قد زود السعوديين أيضا بتفاصيل عن الصلات بين إيران وحزب الله والمتطرفين الشيعة في السعودية.

إضافة إلى ذلك، فإن الدعم القوي الذي يقدمه حزب الله لنظام الرئيس السوري «بشار الأسد» يمثل سببا آخر في قائمة الأسباب التي تدفع الرياض إلى ملاحقة المجموعة. بعث حزب الله مئات المقاتلين لدعم «الأسد» ومحاربة السنة السوريين المدعومين من قبل السعودية. بدلا من الدفاع عن العرب ضد (إسرائيل)، فقد أصبح حزب الله وكيلا للأسد في حربه الوحشية ضد الشعب السوري. وقد جاء التدخل الروسي هذا الشتاء لدعم «الأسد» ليوفر دافعا إضافيا للسعودية نحو مطاردة الحلقة الأضعف في المحور السوري الإيراني الروسي.

وتمثل الحرب السعودية في اليمن عاملا آخر. وقد اتهم السعوديون حزب الله بمساعدة الحوثيين في سعيهم للسيطرة على اليمن. عندما بدأت الحرب قبل عام، كان أسوأ كابوس في الرياض يتمثل في أن يتحول الحوثيون إلى نسخة يمنية من حزب الله في الدولة التي تتشارك الحدود الجنوبية مع المملكة العربية السعودية. وتجادل السعودية أن الحرب في اليمن قد نجحت في منع حدوث ذلك على أقل تقدير.

كان الاستنكار الغاضب لحزب الله لقيام السعودية بإعدام رجل الدين الشيعي «نمر النمر» مطلع العام الحالي هو الحلقة الأخيرة في هذا السيناريو. وقد وصف حزب الله الزعيم الشيعي السعودي بأنه «شهيد» وبشر بانهيار حكم آل سعود. بينما اتهمت وزارة الداخلية السعودية «نمر النمر» بتشجيع الإرهاب والانفصال في المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية من المملكة.

ومنذ بيان الجامعة العربية الذي قام بإدراج حزب الله كمنظمة إرهابية، فإن السعوديين قد شجعوا حلفاءهم في الخليج على طرد مهاجرين لبنانيين ادعوا أنهم على صلة بالحزب. وهذا ينذر بالمزيد من الاستقطاب داخل الجالية اللبنانية في الخليج ما بين الشيعة والطوائف الأخرى من السنة والمسيحيين.

ومن المرجح أن يبدأ الضغط على الأوروبيين من أجل تسمية حزب الله كمنظمة إرهابية من قبل الرياض. وقد جادل الأوروبيون منذ فترة طويلة أن الجناح العسكري لحزب الله هو فقط من يمارس الإرهاب وتم استثناء الجناح السياسي من العقوبات. ودائما ما تشكك (إسرائيل) في هذا التقسيم حيث إن الحزب هو من يسيطر فعليا على مقاتليه.

لدى الرياض الكثير من النفوذ في أوربا مقارنة بنفوذها في القدس. لندن وباريس سوف تكونان حريصتين على الحفاظ على العلاقات المربحة عبر مبيعات الأسلحة مع الرياض. كما أنهما بحاجة إلى مساعدة السعودية لمحاربة الإرهاب الجهادي. إذا قامت السعودية بتكثيف ضغوطها فمن المرجح أن الأوربيين لن يكونوا قادرين على المقاومة.

ما زال من غير الواضح إلى أي مدى سوف تقوم المملكة بدفع قضيتها ضد حزب الله. ويكمن الخطر في أن المزيد من الضغط سوف يؤدي إلى زعزعة استقرار لبنان. القيادة السعودية الحالية هي أكثر عرضة لمخاطر غير متوقعة مقارنة بسابقاتها. الملك «سلمان» وكبار مساعديه يريدون توجيه ضربات قاسية لطهران. وبالنسبة لهم، فإن ضرب حزب الله هو وسيلة جيدة للقيام بذلك.

المصدر | بروس ريدل/ بروكنغز

  كلمات مفتاحية

السعودية دول الخليج حزب الله الحوثيين إيران أوروبا اليمن حسن نصرالله لبنان الملك سلمان

فورين أفيرز: إيران تدرب الحوثيين كنسخة ثانية من «حزب الله» اللبناني

كيف يمكن أن يخسر حزب الله بسبب الاتفاق النووي الإيراني؟

السعودية تشيد باعتبار الجامعة العربية «حزب الله» منظمة إرهابية

السعودية: إبعاد أي مقيم يبدي تعاطفا مع «حزب الله» الإرهابي

«مجلس التعاون الخليجي» يقرر اعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية

مسؤول في «حزب الله»: سنبقى في سوريا ما دامت الحاجة والسعودية لن تنفعها أموالها