استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كتائب حماية الطغاة

الأربعاء 11 مايو 2016 06:05 ص

ـ 1 ـ

«... ما بخافش»!

قالها الرئيس السيسي أكثر من 9 مرات في 34 دقيقة من خطاب احتفاله بعيد الحصاد وسط حقول القمح في واحة «الفرافرة».

الرئيس السيسي أعلن عدم «خوفه» لكنه لم يفصح عن طبيعة «الخوف» أو سببه أو احتماله في علاقة بين «رئيس منتخب» جاء إلى مقعده بالانتخاب وفي إطار «تفويض» شعبي، وجماهيرية سبقت وصوله إلى الرئاسة، وهو ما لم يحققه حتى عبد الناصر.

لماذا يصل المارشال بعد أقل من 22 شهراً في الحكم العلني (سبقتها شهور عدة كان يحكم من الكواليس) إلى إعلان «عدم الخوف»؟

خطاب الرئيس السيسي كان على خلفية تصاعد أزمة الصحافيين المصريين مع وزارة الداخلية، ومطالبة الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين بإقالة الوزير واعتذار الرئاسة، وهو ما يُعتبر أكبر صدام حتى الآن مباشر بين «قوى مدنية» والرئيس.

القوى المدنية دخلت مرحلة «الدفاع عن الوجود» بعد أن سادت العقلية «العسكرية» التي تميل إلى «إلغاء السياسة» أو تحويلها إلى «جوقة» احتفال بالإنجازات أو قوافل بروباغندا مهمتها شرح ما يدور في «عقل» الرئيس، الذي طالب الشعب حرفياً «ألا يسمع كلاماً من غيره..».

كان ذلك في أعقاب الغضب من قرار إعادة ترسيم الحدود مع السعودية وتنازل مصر عن جزيرتي «تيران» و «صنافير».

الغضب كشف عن «فقدان الهيمنة»، برغم السيطرة المفرطة على الفضائيات والقنوات التلفزيونية والصحف، وهذا ما يفسّر العنف الذي واجهت به السلطات تظاهرات 25 نيسان في ذكرى تحرير سيناء، وفيما تلاها من أحداث وصلت إلى اقتحام نقابة الصحافيين لأول مرة منذ نشأتها قبل 75 سنة.

هنا تشابكت «الهيمنة الضائعة» مع «الحفاظ على هيبة الدولة» بعقليتها العسكرية، فكيف يمكن لكيان مدني أن يتحدى رئاسة ترى نفسها «تجسّد روح مصر والمصريين» وتحاول أن ترمّم «أشلاء» الدولة كما وصفها السيسي نفسه...؟

الأزمة أكبر من «صدام الصحافة والسلطة»... الأزمة تنتمي إلى معركة حول الزمن.

- 2 -

... هي حرب في ممر بين زمنين.

زمن التواطؤ مع «سلطوية» الدولة وبقاء الكيانات المدنية سعيدة في هوامشها، وزمن البحث عن توازن بين «السلطة» و «المجتمع» كأساس علاقة جديدة للحكم.

وفي الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين كان العامل الحاسم تغيّر «تركيبة» الجمعية بعد انضمام أعداد كبيرة من الشباب والذين عرفوا الصحافة في «مؤسسات تصارع قبضة السلطة» بعد رضوخ مبارك في 1998 لوجود صحف لا تملكها الدولة ولا أحزابها الكرتونية.

الرئيس السيسي يشعر بحنين كامل إلى زمن «الإذعان» إلى السلطة وأوامرها، وهو موديل تسعى أجهزة الدولة (أو أشلاؤها..) إلى استعادته أو إعادة تركيبه بفاتورة باهظة من الاعتقالات والتضييق على حريات الإعلام والتعبير الذي جعل مصر لأول مرة تحجز مقعداً تالياً لكوريا الشمالية والصين في الدول المعتدية على «حرية الصحافة».

ولأن الرئيس السيسي يستبدل «الجهاز السياسي» للحكم بالشعبية، فإنه لم يجد طبقة سياسية/ أو كهنة محترفين يديرون «معركة الصحافة»، مكتفياً بالأجهزة الأمنية، التي احتاجت في النهاية إلى تحريك كوادرها القديمة، التي كادت أن تعلن موتها، لكنها وجدتها فرصة لتجديد صبغة الشعر، وسن الأنياب لافتراس ما فعله «الشباب».

كانوا أشبه باستعراض «ببغاوات ميتة»، تساندهم في الشوارع فرق «المواطنين الشرفاء».

- 3 -

يهبطون من عالمهم، يتحوّلون بين لحظة وشقيقتها، من كائنات وديعة إلى وحوش مفترسة.

زومبي الحياة المصرية الحديثة؟ أولئك الذين يثيرون عطفك كلما رأيتهم، أو لم ترهم، فهم «لا يُرون» بالعين العادية، لا تلتقطهم إلا عين العطف، هم أبناء الاستبداد بأسنانه الطويلة، ناهشة الأرواح والقلوب، ضحاياها يلتهمون الجثث، فعلاً ورمزاً، واقعاً وأفكاراً.

تختار السلطة لهم اسم: «المواطنون الشرفاء» المحاربون من أجل «الاستقرار» واستمرار «الوضع على ما هو عليه» من قهر وذل واستغلال وحياة بائسة.

إنه الشعب الطيب أو «المواطنون الشرفاء» كما يسميهم الحكّام والطبقات السياسية.

مَن هم؟ ما هي معايير منحهم هذه الصفات؟ من يمنحهم هذه الصفة ويحرم الباقين منها؟

عقلية الاستبداد تقسم المواطن إلى شريف وغير شريف، وطني وغير وطني، على معايير غامضة، تدور فقط في رأس صاحب السلطة. وإذا ضغطت على صاحب هذه السلطة ليقول لك معايير تصنيفه، سيقول تهويمات تنطبق على الجميع، وتُسحب من الجميع، لأنها تقوم على شيء صلب واحد: المواطن الشريف هو ما تراه السلطة شريفاً، وتربّيه على مزاجها، وتختار له مكاناً ينتظرها مساءً لتقول تعليماتها، وتسمح له بغضب قبل العشاء وتوترات بعد الظهر، لكنه ينام ويحمد ربه أن هذه السلطة توفر له بلداً يستحق شرفه.

المواطنون الشرفاء هم «شعب» الحاكم (المتأله)، الذي يعاني منه، لكنه يقاتل في سبيل استمراره على المقعد الكبير.

لا يتظاهرون من أجل حقوقهم أبداً. لكنهم يطالبون بالمنح والعطايا تُسقط من القصر.

ضد مصلحتهم، يتلذذون بالمازوخية... نراهم يبرّرون القتل والحرق ما دام من «السلطة» ويقفون سداً أمام المطالبين بالتغيير والباحثين عن مصالحهم...

المواطنون الشرفاء هم «إعادة لترسيم الشرف» فهم يحصلون على أموال تدفعها جهات رسمية وغير رسمية، كما أنهم أمام نقابة الصحافيين هتفوا «إدبح يا سيسي» في استعادة إلى هتاف «إفرم إفرم يا سادات» ليبدو القمع مطلباً شعبياً... والرئيس يستجيب لمطالبات شعبه في حصار «أهل الشر»... وهي خطة من دهاليز دولة «الغرف المغلقة» والكواليس السرية...

ببساطة هم: كتائب حماية الطغاة.

* وائل عبد الفتاح كاتب مصري. 

المصدر | السفير

  كلمات مفتاحية

الطغاة السيسي سلطوية الدولة الخوف وزارة الداخلية المصرية ترسيم الحدود مع السعودية

شبه رئيس لـ«شبه دولة»!

بل صحافة الناس.. لا صحافة الصحفيين

«السيسي»: مصر شبه دولة .. ووزير خارجيته يؤكد: «وليست رائدة»

الاتحاد الأوروبي و «كي مون» يدينان اقتحام نقابة الصحفيين المصرية