استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«أطفال شوارع» في مـصـر

الجمعة 13 مايو 2016 06:05 ص

لا تتحمل السلطويات النقد، حتى وإن كان ساخراً، وتهتز سلطتها أكثر، حين يأتي النقد من الشارع، أو من بين الناس العاديين. فهذا مؤشر إلى تراجع شعبيتها وتدهورها بين البسطاء.

في مصر، حيث تقبض السلطوية العسكرية يدها على البلاد، وتحبس أنفاس مواطنيها، فإن أي محاولةٍ للخروج عن النص، أو نقده، هي بمثابة تهديد للدولة وهيبتها، وخروج على النظام الحاكم.

قبل أيام، ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على مجموعة من الشباب، أطلقوا على أنفسهم "أطفال شوارع"، يقومون بتصوير فيديوهات كوميدية، تحمل سخرية وانتقادات سياسية واجتماعية للأوضاع الراهنة في البلاد. وهي مجموعة لا يتجاوز عددها ستة أشخاص بأعمار مختلفة، لا يتجاوز عمر أكبرهم الخامسة والعشرين عاماً. 

اهتزت السلطة العسكرية من الفيديو الذي نشرته فرقة "أطفال شوارع"، ووجهوا فيه انتقادات لاذعة للجنرال عبد الفتاح السيسي، بسبب مسألة جزيرتي تيران وصنافير، مطالبين برحيله لأنه فاشل.

ورغم زعم هذه السلطة الدائم بأنها "قوية ولا تخاف"، فإنها لم تتحمل الفيديو، الذي تم نشره على الإنترنت. لا تريد السلطة أن تسمع إلا نفسها، ولا تصدّق إلا أدواتها وأبواقها الإعلامية. لا تريد أن تعترف بأن الزمن تجاوزها وتجاوز منطقها، وأن المعارضة لها تتسع كل يوم.

فمجموعة "أطفال شوارع" لا ينتمون لتيار سياسي أو إيديولوجي معين، ولا يقف وراءهم تنظيم أو حركة سياسية، وإنما فقط مجموعة شباب قرّروا "الخروج عن النص"، وانتقاد الوضع المزري الذي تعيشه البلاد بلغة كوميدية وأداء ساخر. 

بقرار اعتقالهم، نجحت السلطة الحالية، بغبائها المعتاد، في أن تساهم في نشر فيديوهات مجموعة "أطفال شوارع" الذين تسابق الناس لمعرفة من هم، وما هي رسالتهم. ومن حيث لا تدري، أصبح أفراد المجموعة نجوماً على صفحات السوشيال ميديا، وأصبح لهم متابعون ينتظرونهم، باعتبارهم صوت المهمشين والمقموعين، وساعد من انتشارهم بساطتهم في اللغة والشكل.

وهي السلطة نفسها التي تدّعى زيفاً حرصها على الشباب، وأعلنت أن العام الحالي هو "عام الشباب". أما الطريف في الأمر، أن التهمة الموجهة إلى المجموعة هي "إهانة رئيس الدولة". ولا أدري عن أية إهانةٍ يتحدثون مع شخصٍ يتعمد إهانة نفسه، من حيث لا يدري، فالجنرال السيسي، بأدائه وكلماته وتعبيراته، يقدم مادة ثرية وغير تقليدية للسخرية والتندّر، وهو أمر لم يحدث مع من حكموا مصر منذ محمد علي. 

وتعتقد السلطة الحاكمة، خطأ، أن اعتقال هؤلاء الشباب وغيرهم سوف يوقف حالة الرفض والتذمر المتصاعدة بين فئات وشرائح اجتماعية وعمرية مختلفة، أو أن ترهيبهم سوف يدفع آخرين إلى الصمت والاستسلام، وهو أمر غير صحيح، فمنذ اعتقال مجموعة "أطفال شوارع" انتشر وسم على صفحات التواصل الاجتماعي تحت اسم "كاميرا_تليفون_بتهزك"، في إشارةٍ إلى ما كانت تقوم به المجموعة التي كانت تستخدم خاصية "السيلفي" في تصوير فيديوهاتهم، وبثها على شبكة الإنترنت.

وقد تفاعل كثيرون مع هذه الحملة، حتى انتقلت إلى خارج مصر ووجدت مؤيدين لها شرقاً وغرباً. ولا تدرك هذه السلطة أن المشكلة فيها، وفي سياساتها ومنطقها، وليست في "أطفال الشوارع"، أو في الذين يتم اعتقالهم من دون ذنب، لا لشيء سوى لأنهم مختلفون أو رافضون هذا المنطق والسياسات. 

"أطفال شوارع" هم إحدى الثمرات الزكية لثورة يناير، وهم جزء أصيل من "جيل يناير" الذي يختلف كلياً عن الأجيال السابقة له. فهو جيل وعيه ثورة، وأفكاره ثورة، وأدواته ثورة، ومنطقه ثورة. جيل يأبي الاستسلام لمنطق السلطة القديم القائم على "القمع أو الصمت"، ويرى الحرية هدفاً نبيلاً، وحلماً صادقاً لا يمكن الرجوع عنه.

* د. خليل العناني أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية - جامعة جونز هوبكنز الأميركية

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السلطوية السيسي التهميش الاجتماعي ثورة 25 يناير أطفال شوارع

كوميديا الشارع «معتقلة» في مصر و«رايتس ووتش» للسلطات: «السخرية ليست جريمة»

النيابة ترفض إخلاء سبيل فنان شاب سخر من تنازل مصر عن «تيران» و«صنافير» للسعودية

اعتقال فنان مصري سخر من «التنازل» عن «تيران» و«صنافير» للسعودية

صحفيون مصريون يتظاهرون احتجاجا على التضييق الأمني

«نقابة الصحفيين» المصرية تعتزم مقاضاة وزير الداخلية