صرخة العمال في سلطنة عمان: «أعطونا رواتبنا»

الخميس 23 يونيو 2016 09:06 ص

يواجه العمال في سلطنة عمان تأخيرات كبيرة في الحصول على الأجور، وبعضهم لم يقبض مرتبه منذ عام. وتضرب مشكلة تجمد الأجور كل القطاعات، مع إبلاغات عن تأخر في استلام الأجور في قطاعات الصحة وتكنولوجيا المعلومات والبناء.

وبحسب القانون العماني، فإنه من غير المسموح تأخير أجر العامل أكثر من سبعة أيام من وقت استحقاق الدفع.

بينما تشعر العديد من الشركات بالضغط بفعل الانكماش الاقتصادي الحالي، في حين يلوم البعض نقص المدفوعات الحكومية على أنه السبب في عدم مقدرتهم على دفع الأجور.

يعيش الكثير من العمال على وجبات الإفطار في المساجد ويجدون أنفسهم غير قادرين على دفع الإيجار. وتحدث باحثون اجتماعيون حول وجود ارتفاع في عدد اليائسين الذين بالرغم من وضعهم في العمل، فإنهم قد تركوا مفلسين من قبل أرباب العمل.

«عبد الرزاق»، هندي يعمل بمقهى، جاء إلى عمان منذ 7 أشهر مع أحلام بتحسين معيشته. يقضي الآن لياليه بمسجد في منح حيث لا يستطيع تحمل الإقامة مع كفيله. لم يتسلم مرتبه عن الستة أشهر الأخيرة ويعتمد على وجبات الإفطار من المتصدقين لسد جوعه.

يضيف «رزاق»: «كيف يعيش إنسان بدون راتب؟ قدمت شكوى لدائرة التشغيل والرعاية العمالية بعد تأخر راتبي، لكن الملف عالق هناك. أنا متعب. لقد أتيت إلى هنا مع أحلامي. والآن، أنا مستعد للرجوع خالي الوفاض. وقد طلب مني المال حتى لأجل ذلك. وبما أننا في رمضان، يمكنني الحصول على بعض الطعام المجاني في المساء، لكن قبل ذلك، عانيت كثيراً».

حالة «رزاق» ليست الوحيدة، فهناك الكثيرون مثله.

يعاني العمال في مختلف القطاعات من تأخيرات في تسلم الأجور تتراوح بين 5 و10 أشهر.

وقد توصل التحقيق الاستقصائي لـ«تايمز أوف عمان» إلى أن مئات العمال في مستشفى صلالة، وعشرات العمال في شركة لتكنولوجيا المعلومات في مسقط، وعشرات العمال بشركة بناء في إبري يعانون لتغطية نفقاتهم حيث لم يتحصلوا على رواتبهم لآخر خمسة أشهر.

وصرح مسؤول بارز بشركة لتكنولوجيا المعلومات وهو أيضاً لم يتحصل على راتبه لشهور، قائلاً: «لقد كنت أعمل في شركة لتكنولوجيا المعلومات في العام الماضي. لم يتم دفع رواتبنا في مواعيدها وبعضنا لم يحصل على راتبه لأربعة أو لخمسة أشهر متتالية. الناس يعانون للغاية هنا. البعض متزوج حديثاً، والبعض لديه ديون، والبعض لديه والدين وأقارب لرعايتهم. لقد تم استغلالنا هنا وأرهقنا ذهنياً، وتدهورت صحتنا أيضاً».

وأضاف المسؤول: «تحصل الشركة على أموال كثيرة من زبائنها، لكن هؤلاء الناس يديرون أموالهم في الأسهم والاستثمارات، وينتظرون العوائد لدفع المرتبات».

قال عامل آخر في شركة بناء بإبري رفض ذكر اسمه، إنه لم يتسلم راتبه منذ ثمانية أشهر ويحارب من أجل الحصول على راتبه عن طريق المحكمة.

وجاء على لسان العامل: «لم أكن أحصل على راتبي لشهور. ظلوا يعطوننا وعوداً واهية. وأخيراً اضطررت للجوء إلى المحكمة. حصلت على حكم لصالحي، ولكنهم ذهبوا لمحكمة أعلى. والآن القضية قيد المداولة. وأتمنى أن تنتهي قريباً».

كما أضاف: «بدون الراتب فالحياة مريعة هنا. والحصول على بعض المال لشراء الطعام أصبح مهمة أسطورية».

وبحسب تصريح لمسؤول رفيع بسفارة بنجلاديش، فإنّ عدد حالات التأخير في استلام الراتب ترتفع. ومما جاء في كلامه: «على الرغم من أننا لا يمكننا حساب ذلك بدقة، إلا أنها في ارتفاع. وبمعدل يومي ياتي إلينا حالتان أو ثلاث للشكوى في السفارة».

وأضاف: «جاء إلينا اليوم 100 عامل بشكاوى عن تأخر الراتب. لقد نصحناهم بالتوجه لدائرة التشغيل والرعاية العمالية في روي. وهناك قضية لـ 50 عامل في حالة مشابهة في محكمة صلالة».

وأكد «محمد خالدي» عضو مجلس إدارة الإتحاد العام لعمال سلطنة عمان بتوافد العديد من حالات تأخير الراتب على الاتحاد.

وجاء في قوله: «تأخير الراتب يعد انتهاكاً لقوانين العمل في سلطنة عمان، وهو أيضاً ضد الإنسانية»، مقتبساً حديثاً شريفاً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم: «أعطوا الأجير حقه، قبل أن يجف عرقه».

وأضاف: «الحالات متزايدة مقارنة بالعام الماضي. وترتبط الحالات في الأغلب بالعمالة المهاجرة. ويجب على العمال الذين لا يتقاضون رواتبهم إبلاغ السلطات في وزارة القوى العاملة وكذلك إبلاغ الاتحاد. لا يجب أن يصمتوا عن حقوقهم والقانون يحمي الجميع».

«شامير بي تي كيه»، باحث إجتماعي هندي في سلطنة عمان، صرح بأنَه يتلقى كمعدل، من أربع إلى ست حالات تأخير للراتب.

وأضاف: «أستطيع أن أقول إن هناك زيادة في عدد الحالات. وعلى الرغم من ذلك، وبما أنني لا أحتفظ بسجل لذلك، لا أستطيع أن أقول كم هي الزيادة. البعض يأتون في مجموعات، وآخرين يأتون كحالات فردية». ومؤخراً، صرح مسؤول رفيع بوزارة القوى العاملة أن 9 شركات من أصل 25 قد أحيلت للنيابة العامة بسبب تأخير دفع الرواتب لموظفيها.

وصرح «سليم البادي»، المدير العام للرعاية العمالية في وزارة القوى العاملة، قائلا: «أحالت وزارة القوى العاملة 9 من أصل 25 شركة، كانت قد تم تحذيرها من قبل لتحسين موقفهم القانوني بسبب تأخير الرواتب».

جاء في المادة رقم 51 من الفصل الأول من الباب الرابع من قانون العمل، يتم دفع أجور العمال الذين تحدد الدفع لهم على أساس شهري، مرة واحدة على الأقل شهرياً. وتذكر المادة أيضاً أنه يتعين الدفع في خلال 7 أيام على الأكثر من تاريخ استحقاق الدفع.

ويذكر قانون العمل أيضاً أن من ينتهك أحكام القانون الواردة في الفصل الأول من الباب الرابع يعاقب بغرامة لا تتعدى 100 ريال عماني وتتضاعف الغرامة بقدر عدد العمال الواقع في حقهم الانتهاك، ويتم مضاعفة الغرامة في حالة تكرار الانتهاك. وتحدث مسؤولين بارزين وعمال في شركة بناء لتايمز عمان حول تأخير رواتبهم لثمانية أشهر.

وصرح مدير الشركة: «أنا في موقع إداري. لم أحصل على راتبي لآخر ثمانية أشهر. وهو نفس الوضع للآخرين أيضا. حتى المحاسب الخاص بي لم يحصل على راتبه منذ 8 أشهر. أقمنا جميعاً دعوى في هذا الشأن. لقد كسبنا القضية في محكمة أدنى درجة، لكن الشركة استأنفت لدى محكمة بدرجة أعلى. والآن القضية هناك قيد المداولة».

وأضاف المدير: «يمكننا نحن الموظفون في الإدارة العيش بطريقة ما، لكن العمال الكادحين هم الذين يعانون. فهم يعيشون على أموال التبرعات والصدقات».

ويوجد 28 عاملاً، شاملين المسؤولين، انقطعت بهم السبل في الشركة، والتي أغلقت مكتبها منذ أشهر قليلة تاركة موظفيها في مأزق.

  كلمات مفتاحية

سلطنة عمان تأخر الرواتب قضايا العمال حقوق العمال تسريح العمالة النفط الرواتب

آلاف العمال الوافدين يغادرون سلطنة عمان بعد تسريحهم

عمان توقف مكافآت الوزراء والوكلاء لضبط الإنفاق

سلطنة عمان تصدر سندات بقيمة 2.5 مليارات دولار

البرلمان العماني يقر زيادة الضرائب على قطاعي البتروكيماويات والموارد غير النفطية

عمان: الناتج المحلي يتراجع 14% بعد 5 سنوات من النمو

الأصول الأجنبية لسلطنة عُمان تزيد عن 18 مليار دولار

عُمان: تأجيل النظر في الحكم على ناشط لنشره قصيدة بـ«الفيسبوك»

صندوق الاحتياطي العام لسلطنة عمان يستثمر 20 مليون دولار بشركة استرالية للمعادن

عمانيون يترقبون بخوف مشروع أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية الجديد.. لماذا؟