استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الاستيطان بتواطؤ عربي

الأحد 3 يوليو 2016 01:07 ص

بقدر ما الاستيطان، كممارسة استعمارية عنفية تعريفاً، سلوك احتلالي سهل وبسيط، بقدر ما جنّدت الحركة الصهيونية، من أجله، عقول منظريها لاختراع نظريات دينية ــ اقتصادية ــ سياسية ــ جغرافية ــ تاريخية، شكّلت مجتمعةً، العدّة الفلسفية الأسطورية لتبرير احتلال مدن وقرى ومنازل، بالإغراء المالي أو الطرد والإرهاب والقتل والتهديد، كفعل تاريخي سياسي "طبيعي"، يرتبط باستعادة حقّ ضائع، ويتصل عضوياً باستمرار دولة إسرائيل من عدمه، ببساطة لأن الاستيطان هو العقيدة الأبرز لـ"فكر" الصهيونية.

أكثر من ذلك، يشكّل الاستيطان نموذجاً لكيفية اشتغال "الديمقراطية" داخل الحركة الصهيونية وتيّاراتها. فيمين هذه الحركة ويسارها يختلفان حول النظرة إلى الاستيطان، لكنهما في النهاية، يتفقان على أنه قدس الأقداس، من دون أن يمنع ذلك يسار الصهيونية وحزبها (العمل) من امتلاك أجندة مختلفة عن جدول أعمال يمين الحركة حيال الاستيطان؛ الأول يراه سلاحاً دفاعياً، منذ تأسيس "إسرائيل"، غايته رسم حدودها وضمانها، لتكون التجمعات الاستيطانية سوراً واقياً من الجهات الأربع، عبارة عن مناطق وتعاونيات يهودية متصلة جغرافية.

أما الثاني، أي اليمين، فيعتبرها أداة هجومية توسّعية، لضمّ ما أمكن من أراضٍ جديدة في الضفة الغربية، حتى إن لم تكن متصلة جغرافياً، وذلك لمنع أي تواصل محتمل بين التجمعات الفلسطينية في القدس والضفة.

التمييز بين الاستيطان الديني والأمني والزراعي والتعاوني وباقي أصناف اختراعات أرباب الحركة الصهيونية بأجنحتها كلها، لم يعد ذا جدوى كبيرة، بما أن نتائج الاستيطان الدولتي وما قبل الدولتي (قبل عام 1948 وبعده) صارت تصبّ جميعها في خانة واحدة: "إسرائيل" أقوى من أي يوم مضى بفضل هذا الاستيطان نفسه، لدرجة أن أيامنا هذه تشهد ما قد يجوز اعتباره آخر أطوار الاستيطان، ببساطة لأنه لم يعد هناك الكثير من الأراضي لاحتلالها، أكان في القدس، أو في الضفة الغربية.

صحيح أن النبش في التاريخ حين يكون الحاضر مأساوياً، ضرب من ضروب المازوشية، إلا أنه يستحيل عدم العودة إلى الشكل الثابت في كل أصناف الاستيطان، قبل النكبة وبعدها، وهو مستمر حتى اليوم، أي الذي حصل ويحصل بقوة المال، بشراء العقارات. شكل مستمر منذ بدء تنفيذ المشروع أواخر القرن التاسع عشر، بتواطؤ بريطاني مباشر، وغباء عثماني موصوف، وانتهازية برجوازية إقطاعية (في الأمس) رأسمالية (اليوم) فلسطينية ــ عربية خبيثة تواصل هواية تدمير ما تبقى.

لقد درج تقليد عربي على تخوين مَن يقول إن طيفاً من البورجوازية الفلسطينية باع بالفعل (ولا يزال) أراضي لليهود، على اعتبار أن هذا الكلام من شأنه تبرئة الحركة الصهيونية من أكبر جرائمها.

لكن الرغبة بالحفاظ على نقاء فلسطيني مصطنع خالٍ من العيوب، عبر رفض مواجهة الحقيقة ومحاسبة المتسببين بحصة من كوارث القضية، كان بلا شكّ أحد العوامل التي أوصلتنا إلى الخراب الحالي الكبير. فجزء ليس هامشياً من الإقطاع الفلسطيني، وبورجوازيته، باع قبل قرنين، بالفعل أرضاً.

الأنكى أن جيلاً حالياً لا يزال يبيع اليوم. بعض هؤلاء فعلوا ذلك في الأمس عن غباء لا يضاهيه غباء، لكن البعض الآخر يفعل فعلته بكل انتهازية وبمعرفة مسبقة بما يتم التحضير له، بشراكة كاملة مع سلطات الأستانة ثم الانتداب البريطاني في حينها، ومع سلطات الاحتلال مباشرة اليوم، أو بوساطة دولة خليجية صارت متخصصة بمكاتب تسريب عقارات القدس خصوصاً.

تواطؤ "نخب" فلسطينية وعربية كانت تمتلك عقارات وأراضي باعتها قبل قرن لجمعيات استيطانية دينية، لا يزال مستمراً اليوم بضرر مضاعَف، حيث لا يكاد يمرُّ شهر إلا ويكشف عن فضيحة "تسريب" جديد لعقار في القدس، وآخر في الخليل، بعلم مقاطعة رام الله، وبمباركة وتسهيل من سماسرة الدولة الخليجية إيّاها.

* أرنست خوري كاتب صحافي فلسطيني - بيروت

  كلمات مفتاحية

فلسطين الاستيطان اليهودي الضفة الغربية الحركة الصهيونية الكيان الصهيوني

مصر تجمد تقديم ملف «الاستيطان» لمجلس الأمن من أجل «دحلان»

(إسرائيل) توافق على بناء 466 وحدة سكنية في الضفة الغربية

«‏الخارجية» العرب لا يريدون طرحا «سريعا» لقرار إدانة الاستيطان بمجلس الأمن