استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انقلاب فاشل.. وإعلان دفن «الكمالية»!

الجمعة 22 يوليو 2016 07:07 ص

كانت إسبانيا مرت بحرب أهلية مدمرة خلال الثلاثينات من القرن الماضي بين اليمين الإسباني الذي قاده الجنرال فرانشيسكو فرانكو واليسار، وهي الحرب التي شاركت فيها كل أوروبا، وانتهت بانتصار اليمين وسيطرته على الحكم، وتولي فرانشيسكو فرانكو رئاسة الجمهورية الاسبانية، الا ان فرانكو ادرك بعد سنوات من الحكم ان الشعب الإسباني شعب مَلكي طول تاريخه، وبالتالي لم يستسغ الحجم الجمهوري، ما دفعه الى تحرك مذهل لإعادة الحكم الملكي باختيار الشاب خوان كارلوس من العائلة المالكة التي سبق خلعها، وفرض عليه تربية عسكرية ليكون قريباً من الجيش، وفرض عليه القسم على دستور ديموقراطي كملك دستوري يملك ولا يحكم، ثم نصّبه ملكاً وسط ذهول الجميع.

الديموقراطية الاسبانية لم تكن لتنسى التيار اليساري الذي كان لا يزال قوياً في البلاد، فانتخب الشعب الإسباني حكومة يسارية بقياده ادولفو سواريز الاشتراكي، وهو الامر الذي اثار ذهول ورفض اليمين الإسباني المؤيد للجيش، فاستيقظ الشعب الإسباني في 23 شباط (فبراير) 1981 على مشهد قيام مجموعة يمينية في الجيش باحتلال البرلمان واعتقال النواب، وإرسال رسالة للملك خوان كارلوس، طالبوه فيها بتسلم الحكم بشكل مباشر من يد الاشتراكيين، وراقبنا جميعاً بذهول تحركات الانقلابيين في البرلمان وعلى شاشات التلفزيون الإسباني الذي نقل المشاهد.

المفاجأة ان خرج الملك خوان كارلوس على شاشة التلفزيون، وأعلن رفضه الانقلاب، واصراره على ان الديموقراطية هي المستقبل الوحيد لإسبانيا، والتزامه بالدستور الذي أقسم عليه وطلب من الانقلابيين، المفترض انهم من اليمين الإسباني المؤيد للملكية، الاستسلام الفوري للسلطة الشرعية، ما دفع الملايين من شعب إسبانيا الى النزول للشوارع يرفعون صور خوان كارلوس ويطالبون بشنق الانقلابيين على أعمدة الشوارع، فاستسلم الانقلابيون للسلطة الشرعية.

عندها كان واضحاً انتهاء اليمين الإسباني عند هذه المحاولة ففقد اي دعم كان يملكه في الشارع والجيش، وتم تطهير الجيش بشكل نهائي من كل بقايا اليمين الفاشي، وسجلت الديموقراطية انتصارها النهائي.

تكرر المشهد في نهاية عهد الرئيس السوفياتي ميخائيل جورباتشوف في عام 1991 عندما حاول الجيش السوفياتي ووزارة الداخلية والمخابرات الانقلاب للإطاحة بالرئيس وإعادة العهد السوفياتي، وهذا الانقلاب بالذات اثار الرعب في العالم بالنظر الى مصير ١٠ آلاف رأس نووي تحت سيطرة الجيش واحتمال وقوع بعض منها في أيد خاطئة في حال حدوث فوضى، شاهدنا رئيس المخابرات السوفياتية فلاديمير كريوتشكوف امام التلفاز بيديه المرتعشتين يحاول رسم صورة وردية عن الانقلاب الذي فشل بسبب نزول الشعب الروسي الى الشوارع بقيادة الرئيس السابق بوريس يلتسين الذي اصبح نجم الساحة، فالانقلاب ليس فقط انه لم تكن له اي شرعية، بل كان يفتقد اي شعبية في الشارع، بل ان بوريس يلتسين هو الذي تولى الحكم وتم تطهير جهاز الدولة والجيش بالكامل من بقايا العهد السوفياتي وانتحر وزير الداخلية فلاديمير بوغو وانتهى ديميتري يازوف اخر وزير دفاع سوفياتي الى السجن وانتهت الشيوعية السياسية رسمياً.

فوجئنا أخيراً بمحاولة انقلابية للجيش التركي وبشعارات مشابهة للانقلابات التركية الماضية وشعار ان الانقلاب هو لحماية الجيش والدولة العلمانية، وعلى رغم ان اردوغان اتهم جماعة غولن بتدبير الانقلاب لكن - في رأيي - ان تأثير جماعة غولن اضعف من ان تدبر انقلاب مثل هذا وان اردوغان أراد تجنب اتهام الاتاتوركية بهدف تجنب استفزاز القوى العلمانية الاتاتوركية في الجيش فاتهم غولن بتدبير الانقلاب وهو - في رأيي- آخر محاولة للتيار التابع لمصطفى كمال اتاتورك للعودة بالدولة لعهد وصاية الجيش الذي كانت تديره الطائفة العلوية واليسار العلماني المتطرف.

لم يكن الانقلاب لينجح لأسباب عدة؛ منها أن حكومة العدالة والتنمية حققت قدراً كبيراً من الاستقرار السياسي الذي افتقده الاتراك لعقود طويلة بسبب الحكومات العلمانية الفاشلة السابقة، التنمية الاقتصادية الهائلة التي حققتها تركيا خلال العقد الاخير والتي غيرت عملياً من حياة الشعب ومستقبله على يد اردوغان، النمو الكبير في فعالية المجتمع المدني التركي خلال العقد الخير في ظل الديموقراطية وعدم الاستعداد للعودة لعصر الحكم العسكري. لم يكن الغرب ليعطي مشروعية رسمية لانقلاب يهدد تركيا - العضو في الناتو - بانفجار كبير في الظروف الراهنة في الشرق الاوسط والمواجهة المتزايدة مع روسيا.

على رغم الغموض الذي انتاب المشهد في الساعات الاولى كان يبدو لي المشهد محاولة فاشلة لاعادة إنتاج نظام ميت لان اردوغان رجل منتخب باغلبية كبيرة وحتى احزاب المعارضة لم تكن لتتمكن من تأييد الانقلاب لانه سيدفع بالبلاد لحرب أهلية كبيرة وقيام زعماء المعارضة بإصدار بيان رفض الانقلاب، بما في ذلك كمال كليشدار اوغلو الشخصية العلوية المرموقة وزعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال اتاتورك، والذي يضم بين اعضائه كل الطائفة العلوية التركية المعارضة بشدة للظاهرة الاسلامية السنية التي يمثلها اردوغان، ما سحب اي شرعية قانونية او سياسية او شعبية للانقلابيين، ما سيحرمهم قطعاً من اي زخم سياسي وعسكري كانوا يأملون به، فالنهاية هي الفشل والاستسلام.

اردوغان الداهية الذي بدت تحركاته واضحة في الايام الاخيرة بانه لديه احساس بحدوث امر مثل هذا وقام باستدارة في مصلحة عودة العلاقات مع اسرائيل وروسيا وتحسين الأجواء التفاوضية الداخلية استباقا لشيء ما سيستغل المناسبة لتطهير الجيش والدولة تماماً من أي بقايا لتيار اتاتورك والعلوية العسكرية المؤيدة له، وانتهى بالتالي أي احتمال لعودة الاتاتوركية العلمانية الطورانية المتشددة مرة اخرى، لا بانتخابات ولا بانقلاب.

الآن، فقط رحـل مصطفى كمال (أتاتورك)، وسيتم دفنه نهائياً قريباً.

* المثنى حمزة حجي كاتب سعودي.

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

تركيا محاولة الانقلاب الفاشلة الكمالية مصطفى كمال أتاتورك أردوغان العلمانية الطورانية

انقلاب أفشله الشعب وحكومته المنتخبة وقواه السياسية

الاقتصاد وإسقاط الانقلاب في تركيا

أهم رسائل الانقلاب الفاشل فى تركيا

تركيا.. لماذا فشل انقلاب 2016؟

ماذا لو نجح الانقلاب التركي؟

على هامش محاولة الانقلاب في تركيا

"نحن" ومحاولة الانقلاب في تركيا

المتحدث باسم «إخوان مصر»: فشل انقلاب تركيا يأذن بنهاية عصر الانقلابات العسكرية