استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تعامل الدولة العربية مع شبابها

الأحد 26 أكتوبر 2014 04:10 ص

من المتفق عليه في الكثير من الأدبيات السياسية العربية أن نظام الحكم الذي تدار به الدولة العربية في أغلب الوطن العربي، ومنذ القدم، قائم على مفهوم حكم الغلبة وكملكية خاصة، حيث يعتبر ما فوق وما تحت وما في الدولة موروثا خاصا.

من هذا المنطلق تصبح الدولة دولة ريعية، توزع خيراتها من قبل الحكم، وعلى أساس مقدار الولاء والزبونية والانقياد لصاحب الثروة.

لذا، عندما طرح في اجتماع ضم خبراء ومفكرين، سؤال يتعلق بماهية السياسات التي تتبناها الحكومات العربية تجاه رعاية الشباب العرب، وماهية نتائج تلك السياسات، كان جوابي الشخصي بأنه، في الواقع، لا توجد سياسات، وإنما توجد سياسة واحدة، تتلخص في ضرورة احتواء شباب الأمة تحت جناح سلطة الحكم. قد تتجلى تلك السياسة في صور شتى، ولكنها تبقى في حقيقتها سياسة واحدة.

وتحقق الدولة العربية ذلك الاحتواء من خلال أدوات وطرق متعددة، فمن خلال وزارات الشباب والرياضة يتمُ الصهر والإشراف، الثواب والعقاب، الأولويات والممنوعات والتوجيه والإغواء، ولذلك فالرياضة، البعيدة عن السياسة والتساؤلات، تحظى بالرعاية الأكبر، بينما الثقافة المليئة بالتساؤلات وإيقاظ الفكر والضمير، تحصل على الرعاية الأدنى.

أما لعبة الجزرة والعصا فتمارس من خلال الأجهزة الأمنية المحصية لكل شاردة وواردة، لكل الطموحات والأحلام والمواقف.. فالدخول إلى الجامعات والحصول على البعثات، وامتلاك جوازات السفر، والإلتحاق بوظيفة، والترقيات وأمثالها يقررها التقرير الأمني وتوصياته وتحذيراته.

وفي عالم الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، يمرر إلى ذهن الشاب الغض البريء كل ما يوجه ويسيطر ويخدع ويشوش ذهنه ومشاعره ونفسيته، ليبقى مستسلما للوضع الذي يعيشه وقابلا لمحدداته ومبررا لنواقصه، ثم هناك مؤسسة فقهاء السلاطين بعدم الخروج على طاعة ولي الأمر لكيلا تكون فتنة. وإذا أريد غمس المجتمع في فتنة طائفية فان لديها التاريخ وكتب التراث وأساطير الصراعات السابقة وكل الرمزيات والتفاسير الدينية لتغرف منها جميعا ما تشاء.

عن نتائج تلك السياسة أشرت إلى المفارقة المذهلة لحصيلة تلك السياسة الاحتوائية وأدواتها الهائلة، التي مورست عبر عقود طويلة منذ استقلال الدولة العربية.

الحصيلة التي تمثلت في ثورات وحراكات الربيع العربي، الرافضة لكل ما قامت عليه سياسة الاحتواء تلك، بل والرافعه لشعارات تغييرية جذرية كبرى.

لا يمكن تفسير تلك المفارقــــة إلاُ بالتأكيد على أن سكون شباب الأمة العربية عبر السنين لم يكن نتيجـــة بـــلادة فهم أو قبول بخطابات الاحتواء المتعــــددة. لقد أثبتت أكـــثرية شباب الأمة العربية بأنها كانت تختزن في داخلها خطابات أخرى هيأتها لذلك الألق الذي أضاء في سماء العرب قبل أربع سنوات.

لذا فان أي تقرير سيصدر من أي جهة بشأن تمكين الشباب العربي، يجب أن يشير إلى أن الخطابات السابقة، في شكل دساتير وقوانين لا تطَبق ولا تحترم، أو في شكل إعلام ترفيهي مضلل، أو في شكل توجه للولاء الخطأ أو للزبونية الانتهازية.. مثل خطابات كهذه ذهب زمانها. المطلوب هو الفعل الصادق الشفاف المبني على مبادئ المواطنة والعدالة والتساوي في الفرص، الفعل المعبر عن الحق الطبيعي والإنساني والإلهي، وليس عن المكرمات والاستجداء والعطايا المذلة للكرامة الإنسانية.

لنعد إلى المقدمة لنطرح السؤال التالي: هل دولة إرثية ريعية كهذه، مثقلة بنفقات عسكرية تزيد أحيانا عن ضعف المتوسط العالمي، مبتلاة بضعف وتخلف الإرادة السياسية لادارة النزاعات المذهبية والإثنية والقبلية، التي تتفاقم وتهدد الوجود العربي.. هل دولة كهذه يعتمد عليها لبناء جماهير شبابية عربية مستقلة في فكرها، حرة في ممارسة التزاماتها المدنية، مساهمة في عملية التنمية الإنسانية، متجددة في ثقافتها ومتفاعلة مع حضارة عصرها؟

دعنا نكون صادقين مع النفس، سواء تحدثنا عن الشباب أو المرأة أو الفقر أو الانتـــقال إلى عالم المعرفة أو أهداف الوحدة العربية والحرية، أو الاستقلال الوطــــني أو القومي، فاننا في النهاية سنعود إلى إشكالية الدولة العربيـــة التي عجزت عن أن تحل المسألة التي تقوم عليها شرعــــية سلطتها لتصبح شرعية ديمقراطية عادلة في الســـياسة والاقتصــاد والاجتماع والثقافة.

 

٭ د. علي فخرو مفكر ووزير سابق بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الدولة العربية

ثلاث ظواهر مَرَضية تجاوزها العالم إلا النظام العربي: الطائفية والسلطوية وتهميش المرأة

المشرق العربي والكيانات المتصدعة .. من «سايكس ـ بيكو» إلى «داعش»

بشير نافع: في مصير نظام ما بعد الحرب العالمية الأولى المشرقي

سيطرة الأمم الغربية

سقوط الدولة العربية بين «داعش» و«إسرائيل»!

مأزق الدولة العربية ونمو مدرسة العنف

الدولة الأمنية والحرب على الإرهاب

المهمّشون في معارك الدولة العربية