استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

يا للإنسان.. ما إن يبني حتى يدمر

الجمعة 9 سبتمبر 2016 07:09 ص

موضوع الإنترنت أصبح موضوعاً مطروحاً بقوة في الكثير من بلدان العالم، وعلى الأخص في بلدان منشئه العلمي والتكنولوجي. من أهم الجوانب التي تشغل بال الكثيرين موضوع تركُز الهيمنة على شبكاته ومعلوماته واستعمالاته في يد أقلية من الشركات والأفراد، ما مكن تلك الأقلية من جني ثروات هائلة زادتها قوة ومكانة في حياة كل العالم.

من هنا يطلق البعض على تلك الظاهرة «رأسمالية الإنترنت» لتضاف إلى قائمة طويلة من أنواع الرأسماليات التي تنتمي جميعها إلى أم واحدة: الرأسمالية العولمية المتوحشة. هناك رأسمالية الكوارث، ورأسمالية جيوش المرتزقة، ورأسمالية الإعلام والحبل على الجرار.

الجانب الآخر الذي يشغل بال الكثير من الجهات هو موضوع التنامي في جمع أكبر وأشمل المعلومات عن الأفراد المستعملين لشبكات الإنترنت، بما فيها أدق التفاصيل الشخصية، لبيعها بأثمان باهظة للمؤسسات التجارية الكبرى، أو جعلها متاحة لسلطات وشبكات الأمن والتجسس والحكومات: والمقلق هو أن الشركات التي تقوم بجمع المعلومات تقوم بذلك من دون أخذ موافقة الأفراد أو رضاهم، الأمر الذي يعرض البعض للابتزاز أو التشهير أو كشف الأسرار الخاصة.

فاذا أضيف إلى ذلك أن بعض الاستعمالات الخاطئة للإنترنت ساهمت في خلق النزاعات العرقية والدينية والثقافية، وفي زيادة البطالة في بعض الأماكن، وفي ازدياد الهوة بين الغنى الفاحش السريع والفقر المدقع، وفي تنامي ظهور قوى العنف والإرهاب المجنون، وفي خلق اقتصاد استهلاكي عبثي لا يقف عند حدود، إذا اضفنا كل ذلك ندرك أسباب القلق الذي يرفعه بقوة بعض الكتاب والمفكرين والسياسيين في الآونة الأخيرة. 

لنذكّر فقط بوصف الرئيس الأمريكي لشبكات الإنترنت بأن جموحها وعنفوانها يماثل الجموح الذي أصاب الغرب الأمريكي في الماضي بحثاً عن الثروة والمعارك العبثية والاعتداء على الأبرياء، أو بالاهتمام المتنامي في البرلمان الأوروبي لوضع ضوابط حقوقية واقتصادية لضبط جنوح وسلبيات حقل الإنترنت وطمع وسرقات وتلاعب مالكي شبكاته، وعلى الأخـص الأمـريكيين منـهم.

لنعد إلى أرض واقعنا العربي ونسأل: هل أن المجتمعات العربية تواجه الظواهر نفسها بالنسبة لحقل الإنترنت وشبكاته وبعض استعمالاته السلبية المضرة؟ الجواب المؤكًد هو نعم، بل هناك ظواهر سلبية أخرى خاصة بنا تتعلق بمقدار الحرية المتوفرة، وشدة القمع الأمني لبعض مستعملي الشبكات من الناشطين السياسيين، والهرج والمرج الطائفي الحقير أو الثقافي المتخلف، والهوس بالانغماس المريض في عالم الانترنت على حساب الكثير من جوانب الحياة المهمة المتعلقة بالأفراد، والمجتمعات أيضاً. 

في بلدان الغرب يجري حراك كبير متعاظم للإصلاح وضبط حقل الانترنت من قبل الحكومات والبرلمانات ومؤسسات المجتمع المدني. يجري الحراك أساساً لمنع احتكار ذلك الحقل الذي يمسُ حياة البلايين من البشر، منع احتكاره من قبل مجموعة صغيرة مغامرة متحكمة من الشركات والأفراد، ولمنع أيضاً أن يصبح هذا الحقل مجالاً لتعاظم الثروات، وبالتالي النفوذ والتحكم في المعرفة والمعلومات، في أياد قليلة. هناك الآن حديث عن حقوق الإنسان الإنترنتية، عن حماية سمعة الإنسان، عن معاقبة من يسيئوا استعمال حرية هذا الحقل واتساع انتشاره.

موضوع التأثيرات السلبية للإنترنت على المجتمعات العربية يحتاج إلى أن يدرس من قبل مراكز البحوث المختلفة، وحتى ذلك الحين لا يحتاج الإنسان إلا لأن يراجع السفه والبلاءات والصراعات الطائفية والقبلية التي يتداولها الناس عبر مختلف شبكات التواصل العربية، حتى يدرك بان العرب يحتاجون لجهات تدخل لإصلاح مسار هذا الحقل. مرة أخرى لا يمكن إصلاح مشاكل هذا الحقل إلا من خلال قوى السياسة ومؤسساتها، الحكومات والبرلمانات والقضاء من جهة ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى، فاذا كانت السياسة فاسدة أو عاجزة فان الإصلاح سيكون متـعثراً.

ستكون مأساة للعرب وللعالم لو أن حقلاً كان يحمل أعظم الآمال لتحسين حياة البشر السياسية والاقتصادية والثقافية سُمح له بأن يقع في أيادي قلًة من الطامعين والفاسدين، مثل بعض شركات الشبكات أو بعض الأفراد المهيمنين على استعمالات الشبكات أو بعض أجهزة الأمن والاستخبارات التجسسية والباطشة والمعادية للحريات. يا للإنسان كم يبني وكم يدمُر.

* د. علي محمد فخرو كاتب ومفكر بحريني. 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الإنترنت الرأسمالية العولمة الكوارث الإعلام التواصل الاجتماعي الابتزاز

‏إلى أى مدى أثرت مواقع ⁧‫التواصل الاجتماعي‬⁩ على المواطن ⁧‫الخليجي‬⁩؟

سعوديون منزعجون من ضعف خدمات الإنترنت في المملكة

الإنترنت والمجتمع والسياسة

ثلث سكان الإمارات يفشون أسرارهم عبر الإنترنت

«كبار العلماء»: يجب الحزم والقوة في مواجهة محرضي مواقع التواصل الاجتماعي