العراق وأمريكا يخسران أرضا لصالح «الدولة الإسلامية»

الثلاثاء 28 أكتوبر 2014 01:10 ص

والكآبة تعلو وجهه؛ يصف «جلال الجعود» - أحد زعماء القبائل الذين رَعتهم الولايات المتحدة الأمريكية في العراق ضمن أداوتها لدحر المُتطرفين - كيف وجد مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية» أبواب محافظة الأنبار - مسقط رأسه -  مفتوحة على مصراعيها ليدخلوها في حالة أشبه بالاستسلام.

ويسرد «الجعود» القصة قائلا:

يوم الأربعاء الماضي تحرك المتطرفون باتجاه مدينته الزاوية – معقل عشيرة «ألبو النمر» الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات – بقوة تبلغ حوالي مائتي مقاتل وثلاثين شاحنة مسلحة، وخاض بعض أهل الزاوية حربا للدفاع عنها، لكن الذخيرة والغذاء نفذوا، وتساءلوا ما إذا كانت هناك فرصة لعقد صفقة مع الجهاديين القتلة.

وخلال الليل تحدث «الجعود» - (53 عاما)؛ رجل أعمال انتقل لعمان - مع شيوخ القبائل، وقال إنه حاول أكثر من مرة الوصول إلى الجنرال «جون ألين»، المبعوث الأمريكي الخاص للعراق وسوريا، للمطالبة بمساعدة طارئة، وعندما تلقى الجنرال «ألين» الرسالة كان الأوان قد فات، التحذيرات العاجلة التي أرسلتها المدينة بشأن الاجتياح ذهبت أيضا إلى قائد الجيش العراقي في قاعدة الأسد الجوية القريبة، لكن لم تكن هناك استجابة باستثناء إرسال طائرة هليكوبتر لالتقاط صور المراقبة المعتادة ثم غادرت لتوها.

وأفادت «واشنطن بوست» أن الجنرال «ألين» قال في رسالة إليكترونية مساء الخميس إنه قام فورا بتحويل رسائل «الجعود» إلى القيادة المركزية ومركز العمليات المشتركة في العاصمة بغداد، وأضاف أنه دافع باستمرار عن دعم القبائل في العراق وضرورة توسيع هذا الدعم.

وفي وقت مبكر من الخميس، نصح «الجعود» القادة المحليين بالتفاوض على هدنة؛ حيث أنهم صاروا بلا خيارات أخرى. وغادرت قبل الفجر قافلة باتجاه مدينة «حديثة» الشمالية مع 60 سيارة تحمل ضباط شرطة محلي وجنود وأعضاء سابقين في المليشيات القبلية التي شكلتها الولايات المتحدة المعروفة باسم «الصحوة»؛ لأنهم لو كانوا بقوا في المدينة فسيكون مصيرهم الذبح على يد المتطرفين الذين في طريقهم للسيطرة على المدينة.

وتابع «الجعود» حديثه بمرارة: «مع الصباح كان كل شيء قد انتهى»؛ فقد سيطرت «الدولة الإسلامية» على المدينة الواقعة على طريق سريع استراتيجي، في خطوة تمهد للسيطرة على المحافظة بأكملها.

وبحسب الصحيفة؛ فإن ما يجعل هذه القصة تقشعر لها الأبدان هو أن «الجعود» كان أحد القيادات السنة التي علقت عليهم الحكومة الأمريكية آمالها في تنظيم المقاومة داخل الأنبار، لقد كان شيخ عشيرة عراقية واحدا من أربعة وعشرين قابلوا الجنرال «ألين» مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحذر «الجعود» وقتها بأن انعدام المساعدة سيدفعهم للتخلي عن القتال، وطمأنه الجنرال «ألين» حينها أنه سيوصله بالقيادة المركزية لاتخاذ اللازم، لكن هذا لم يحدث بحسب «الجعود».

وعادة ما تبدأ الحملات العسكرية ببطء شديد وهو نفس الحال مع تعهد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» بــ«إضعاف الدولة الإسلامية» ثم الإجهاز عليها، وعندما زار الجنرال «ألين» زعماء القبائل في عمان لفت نظرهم إلى أنه كان في «وضع الاستماع» – في إشارة إلى أنه لم يكن هناك خطوات محسومة التنفيذ بعد - في وقت كانت تضع فيه الولايات المتحدة استراتيجيتها، وبحسب «الجعود» فإن عرض الولايات المتحدة كان «غامضا.. كل مرة يلتقي العراقيون مع الأمريكيين فلا يعدوا الأمر مجرد أخذ الملاحظات».

ومن جانبه؛ اعترف «زيدان الجبوري» - (50 عاما) المنتمي لقبيلة أخرى بارزة – أن مقاتليه انضموا بالفعل للبعثيين وضباط الجيش السابقين ضمن من انضووا تحت راية «الدولة الإسلامية»، وتساءل: «لماذا يلومونا على الانضمام إلى الدولة الإسلامية في الأنبار؟» ثم أجاب على نفسه: «من انضموا إليها إنما لشعورهم بالاضطهاد" من حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي التي يسيطر عليها الشيعة».

وواصل «الجبوري» كلامه: «ليس أمام المجتمع السني سوى خيارين لا ثالث لهما: مواجهة «الدولة الإسلامية» والسماح لإيران ومليشياتها أن يحكمونا أو العكس، نحن نختار الدولة الإسلامية لسبب واحد؛ وهو أنها تقتل فقط، بينما الحكومة العراقية تقتل وتغتصب النساء، وبحسب الصحيفة فإن الرغبة في الانتقام والعنف الطائفي ما يحرك السنة».

وأشار «الجبوري» أن «الدولة الإسلامية» نجحت في عملية التعبئة والحشد بسرعة لأنها زرعت «خلايا نائمة» داخل مناطق السنة، وهؤلاء العملاء السريين غالبا دون سن الخامسة والعشرين؛ نشأوا خلال سنوات التمرد والاحتلال الأمريكي، وشاهدوا مقتل آبائهم أو اعتقالهم، معقبا: «هؤلاء الشباب تربوا على ثقافة الثأر والانتقام».

ويؤيد «الجعود» وجهة نظر «الجبوري» مشيرا إلى أنه عندما اجتاحت عناصر «الدولة الإسلامية» بلدة قريبة من «هيت»، ظهر ألفًا من هذه الخلايا النائمة فجأة، وتولوا مهمة القضاء على الأمن المحلي.

ويرى الكاتب الشهير «ديفيد إجنايوس» إنه إذا كان هناك بصيص من الأمل فيما ساقه «الجعود» و«الجبوري»، فيتمثل في أن الرجل الذي انضم لتنظيم «الدولة الإسلامية» ما يزال يعلن أنه يريد مساعدة الولايات المتحدة طالما أنها توفر الحماية للسنة في العراق.

ويطالب «الجبوري»: «نريد إقامة علاقة استراتيجية مع الأمريكيين؛ فهي بمثابة الضوء في نهاية النفق»، لكنه عاد ليسخر عندما سُئل عن خطة واشنطن بإنشاء حرس وطني للسنة، واصفا إياه بالأمنيات، ومعللا بأن الشيعة والأكراد في العراق لن يسمحوا بذلك أبدا، ومتوعدا: «وحتى تحترم حقوق السنة فلن نسمح للعالم بالنوم».

 

المصدر | ديفيد إجنايوس، نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية الولايات المتحدة أوباما العراق سوريا

«الدولة الإسلامية» تستقدم مقاتلي «النخبة» من سوريا وتطلب توظيف «هاكرز»

الحياة تحت لواء تنظيم «الدولة الإسلامية» في الفلوجة: خطر وغضب ومكاسب