استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التوافق مفتاح الازدهار في العراق

الجمعة 7 أكتوبر 2016 03:10 ص

ماذا يجري في العراق؟ قبل فترة أذهلني ما ورد في مقال لوليد خدوري في «الحياة» حول تحويل مواطن عراقي لأكثر من ستة بلايين دولار إلى الخارج من دون تفسير لمصادرها وكيفية تحويلها وغياب الآليات المصرفية والرقابية التقليدية في شأنها. لا بد من أن هذه الأموال، وهي بالتأكيد أموال عامة جرى التصرف بها من دون مسوغات مشروعة في شكل يمثل اعتداء سافراً على الحق العام، كان يفترض أن توظف في قنوات التنمية بما يفيد الشعب العراقي ويرتقي بمستويات المعيشة ويحسن نوعية الحياة في البلاد.

لا شك في أن الحديث عن الفساد في العراق لم يتوقف منذ سقوط نظام صدام حسين وانتشار الفوضى السياسية في البلاد وتحول الديموقراطية وآلياتها إلى وسيلة لتكريس الطائفية والمحاصصة المتخلفة بدلاً من تعزيز تداول السلطة بين أحزاب ذات برامج سياسية واقتصادية تتنافس من أجل نهضة العراق والارتقاء بمواطنيه.

ولا ريب في أن تراجع الأوضاع الأمنية وانتشار العنف والإرهاب واستيلاء «داعش» على أجزاء مهمة في البلاد منذ بداية 2014، خصوصاً ما جرى بعد الاستيلاء على مدينة الموصل في صيف ذلك العام، فاقم من حال الاحتراب وفقدان الأمن، كما رفع من مستوى الإنفاق العسكري على حساب مخصصات التنمية والإنفاق الجاري التقليدي.

يقدر الناتج المحلي الإجمالي للعراق بـ 225 بليون دولار، ويعني ذلك أن متوسط دخل الفرد السنوي يساوي 7100 دولار. ويعتمد العراق على إنتاج النفط وتصديره، وبلغ الإنتاج أخيراً 4.5 مليون برميل يومياً والتصدير 3.9 مليون. وهذا يعني أن قيمة الصادرات تساوي 156 مليون دولار يومياً، إذا افترضنا أن سعر البرميل يعادل 40 دولاراً. وتشير هذه البيانات إلى أن الدخل السنوي من صادرات النفط يقدر بـ 56.9 بليون دولار. 

لكن هذا الدخل من النفط لا يكفي لمواجهة إجمالي التزامات الإنفاق العام بعدما تجاوزت الموازنة السنوية 99.5 بليون دولار لعام 2016، ولذلك فالعجز سيكون قياسياً، علماً بأن موارد الخزينة العامة تعتمد أساساً على إيرادات النفط وبنسبة تتجاوز 70 في المئة.

ولا يزال الاقتصاد العراقي يرتبط بالإنفاق الحكومي، ومعروف أن القطاع الخاص لا يؤدي دوراً حيوياً منذ تأميم المنشآت الحيوية في مطلع ستينات القرن الماضي. كذلك لم يحقق الاقتصاد العراقي تنويعاً ذا بال، وظلت الصادرات تعتمد على النفط الخام في شكل كبير. ووفق بيانات عام 2014 بلغ إجمالي الصادرات 84 بليون دولار مثّل النفط الخام 84 في المئة منها، فيما بلغت حصة المواد البترولية المكررة ثمانية في المئة والمواد الغذائية والماشية خمسة في المئة.

وبعد إسقاط نظام صدام حسين وتحرير العراق من العقوبات الدولية، أمل العراقيون بأن تولى عملية التنمية الاقتصادية اهتماماً ويجري تطوير البنية التحتية وتحسين خدمات المرافق الكهربائية وتمديدات المياه. كذلك أملوا بتحسين الخدمات الصحية والإسكانية والارتقاء بالتعليم.

ورصدت أموال مهمة لمختلف المرافق، منها ما يربو على 26 بليون دولار لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء، لكن ما جرى إنجازه لا يذكر قياساً بحجم الطلب، إذ يشكو العراقيون من انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل والمكاتب وغيرها معظم ساعات اليوم من دون معالجات منهجية من الجهات الحكومية المختصة.

قد يطول الأمر حتى يمكن للعراقيين التمتع بخيرات بلادهم وتحسين أحوالهم المعيشية. لكن السؤال المهم هو إذا افترضنا أن العراق سيتمكن من تحرير كافة المناطق المحتلة من «داعش» والقضاء على بؤر الإرهاب خلال الشهور المقبلة، وبدعم دولي مهم، فهل يمكن تحقيق توافق سياسي يؤدي إلى صياغة خطة تنمية شاملة ومتوازنة تمكن من تثمير الإمكانات الاقتصادية المتاحة في البلاد؟

يمكن للعراق أن يعيد تأهيل قطاعات عدة مثل قطاع الزراعة وقطاع الصناعات التحويلية ويرتقي بقطاع الخدمات. كان القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية إبان النظام الملكي قبل انقلاب 14 تموز (يوليو) 1958، وكان لهذا القطاع نصيب مهم في الصادرات الوطنية التي شملت التمور والرز والحنطة والماشية.

وعملت نسبة مهمة من العراقيين في الزراعة قبل أن يهاجر سكان الريف إلى المدن للعيش في مناطق عشوائية تفتقر إلى متطلبات الحياة الصحية. وعمل القطاع الخاص لتوظيف أموال في مختلف النشاطات قبل قرارات التأميم في 1964.

والآن هل يمكن أن تتعزز إمكانيات القطاعات الاقتصادية الحيوية وتسترد الزراعة دورها ويوظف القطاع الخاص أمواله في مشاريع الصناعات التحويلية والإسكان والخدمات السياحية والخدمات العلاجية وغيرها؟

كيف يمكن حفز المستثمرين الأجانب لعقد شراكات مع القطاع الخاص العراقي، بعد استتباب الأمن والاستقرار السياسي وتعافي العملة الوطنية؟

غني عن البيان أن العراق يملك قاعدة سكانية مهمة، تناهز 34 مليون شخص، منها نسبة كبيرة من المتعلمين والمتمكنين مهنياً، ما يعني توافر القدرات البشرية لتطوير البلاد اقتصادياً، إذا أديرت البلاد سياسياً في شكل كفؤ، ووفق المعايير الدولية للشفافية.

* عامر ذياب التميمي محلل وكاتب اقتصادي من الكويت

  كلمات مفتاحية

العراق التوافق السياسي خطة تنمية إيرادات النفط الفساد الفوضى السياسية الديمقراطية الطائفية