استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مناورات تضر ولا تنفع!

الاثنين 17 أكتوبر 2016 03:10 ص

كيف نفهم الإعلان عن مناورات مصرية روسية تحت شعار «حماة الصداقة» في الوقت الذي تقوم فيه الطائرات الروسية بتدمير حلب وترويع سكانها؟ وما الرسالة التي توجهها مصر من خلال ذلك التصرف؟ خبر المناورات نشر يوم الخميس الماضي ووصف المناورات باعتبارها نوعا من التدريب المشترك، يفترض أن مصر استضافته ابتداء من 15 أكتوبر وحتى 26 من الشهر ذاته.

صحيفة «المصري اليوم» ذكرت أن التدريب الذي يجرى للمرة الأولى يشمل العديد من الفاعليات التي تتضمن تبادل الخبرات التدريبية لمهام القوات الخاصة وتنفيذ أعمال الإسقاط للأفراد والمعدات والمركبات. ونقل الخبر المنشور عن الخبراء الروس قولهم إن التدريب الذي يجرى في بيئة صحراوية يستهدف تعزيز القدرة على مكافحة الإرهاب. كما ذكر أن موسكو تبحث مع القاهرة إجراء مناورات أخرى على مكافحة الإرهاب في الربيع المقبل.

إذا صحت هذه المعلومات فإنها تبعث على الحيرة والدهشة، خصوصا إذا لاحظنا أن روسيا تدك حلب الآن بشراسة مفرطة، بدعوى مكافحة الإرهاب، فضلا عن أنها ترمي بذلك إلى ما هو أبعد، أعني أنها لا تسعى فقط إلى تعزيز نظام الرئيس بشار الأسد ومحاولة سحق ثورة الشعب السوري، لكنها تتطلع أيضا إلى وجود دائم في سوريا من خلال القاعدة العسكرية البحرية الكبيرة في طرطوس، إضافة إلى قواعدها البرية المنتشرة في أنحاء البلاد.

ما يبعث على الدهشة أن القصف الروسي على حلب لم يستهدف وحدات جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) التي تعتبرها روسيا جماعة إرهابية، ولكنه في أغلبه كان عشوائيا واستهدف أحياء بأكملها ناشرا الموت والرعب بين من تبقى من سكان المدينة المنكوبة. إذ في بداية الحملة استهدفت الغارات الروسية قافلة معونات دولية، وخلال الأسبوعين الأولين أخرج القصف مستشفيات بأكملها من العمل وأوقع شللا بمحطة ضخ المياه الوحيدة في المدينة. وهو الأسلوب ذاته الذي اتبعه الروس لسحق التمرد في الشيشان وتركيع العاصمة جروزني بعد تدمير المدينة وإحراق أهلها في عام 1996.

كنت أحد الذين انتقدوا سلبية العالم العربي إزاء المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري البطل منذ ست سنوات. إذ كان ذلك ولا يزال من علامات البؤس الذي حل بالعالم العربي، وأفضى إلى الانكفاء المروع الذي أصاب شعوبه ومكوناته السياسية، بحيث اختفت من خرائطه ومنظومة قيمته أبسط معاني التضامن. لكن البؤس له مظاهر أخرى من بينها اقتراب بعض الأنظمة نحو العدو الإسرائيلي وابتعادها عن بعض «الأشقاء» العرب. 

ولست أخرج حكاية المناورات مع الروس في الوقت الراهن من تجليات البؤس. إذ يحز في نفس أي مصري سوى أن تفترس روسيا حلب وتنكل بناسها وعمرانها بدعوى الحرب ضد الإرهاب، وفي الوقت ذاته تجرى مناورات «صداقة» في صحراء مصر بدعوى مكافحة الإرهاب.

أرجح أن التزامن بين الأمرين ليس مقصودا وربما كان من قبيل المصادفة، لكن المرء لا يستطيع أن يتجاهل الربط بينهما في الأجواء الراهنة. ذلك أن إجراء المناورات في تلك الأجواء يعبر عن اللا مبالاة وعدم الاكتراث بما يحدث في سوريا، وحين يصدر ذلك الموقف عن بلد بحجم ووزن مصر في العالم العربي، فإنه يصبح من كبائر الأخطاء السياسية التي لا تغتفر، وينبغي أن تحذر من الوقوع فيها.

إن التوقيت له رمزيته وأهميته، ذلك أن إجراء المناورات الآن يسحب الكثير من رصيد مصر ويسهم في تراجع ما تبقى من دورها كما أنه يشوه صورتها. وهو الحاصل الآن جراء اللغط المثار حول علاقتها مع إسرائيل الذي فتح الباب واسعا للبلبلة وإساءة الظن.

لست ضد الصداقة أو المناورات المشتركة، لكن تأجيل المناورات إلى ما بعد توقف القصف وهدوء الأجواء ربما كان أكثر احتشاما وأحكم.

إننا نتحدث كثيرا عن تآمر الآخرين على مصر، لكننا نسكت على ما تفعله مصر بنفسها جراء سوء التقدير والخطأ في الحساب.

  كلمات مفتاحية

حماة الصداقة روسيا مصر السيسي بوتين حلب العلاقات المصرية الروسية الجيش المصري

عمليات نوعية للقوات السعودية والصينية بـ«الاستكشاف2016»