صحيفة الحياة: العنف السياسي المسلح يظهر في مصر بسبب ممارسات النظام

السبت 29 أكتوبر 2016 05:10 ص

نشرت جريدة «الحياة» اللندنية اليوم تقريراً حول مجموعات مسلحة مصرية برزت على الساحة مؤخراً من مثل «حسم» و«لواء الثورة»، وهي جماعات تمتاز بالصبغة السياسية المسلحة على النقيض من جماعات عرفتها الساحة المصرية تبنت العنف من منظور جهادي تكفيري، وتناول التقرير نجاح المجموعات في اغتيال قائد كبير في الجيش المصري مؤخراً أمام منزله العميد «عادل رجائي» ـقائد «الفرقة التاسعة المدرعة» في الجيش بالرصاص الأسبوع الماضي ـ ودلالة الأمر وتطوره على الساحة المصرية في ظل نظام لا يميز بين رافعيّ السلاح ومناهضيّه بالكلمة..

وإلى عرض للتقرير:

على النقيض لما عرفته مصر من جماعات تبنت العمل المسلح ضد الحكومات المختلفة على مدار عقود مضت، على أساس ديني، متخذة من التكفير عنواناً لجمع الأنصار والمال، ظهرت جماعات جديدة على الساحة تتبنى نهج العنف لكن على أساس سياسي معارض بحت.

وفيما أثمرت الجماعات التكفيرية تنظيم «الدولة الإسلامية» في شمال سيناء اليوم، استطاعت مجموعات تتبنى العنف المسلح ضد الدولة اليوم، لكن على غير أساس ديني، اغتيال قائد الفرقة التاسعة المدرعة في الجيش العميد أركان حرب «عادل رجائي» بالرصاص لدى خروجه من منزله في حي العبور (شمال القاهرة) الأسبوع الماضي، وهو الهجوم الذي تبنته مجموعة تُطلق على نفسها اسم «لواء الثورة» عبر حساب على موقع «تويتر» أُغلق بعد ساعات من إعلان المسؤولية عن العملية.

وتلك المجموعة غير معروفة على نطاق واسع، وسبق أن تبنت هجوماً على مكمن للشرطة في محافظة المنوفية في آب (أغسطس) الماضي. وبثت تسجيلاً مصوراً للهجوم الذي قُتل فيه شرطيان.

وتتشابه عملية اغتيال القائد العسكري، المُوفقة هذه المرة، مع محاولتين جرتا منذ أشهر قليلة لاغتيال المفتي السابق «علي جمعة» في ضاحية السادس من اكتوبر؛ والنائب العام المساعد «زكريا عبد العزيز» في ضاحية التجمع الخامس، وهما الهجومان اللذان تبنتهما مجموعة «حسم» التي ترفع شعار «بسواعدنا نحمي ثورتنا»، وهي أيضاً جماعة مسلحة غير معروفة على نطاق واسع، وينسبها البعض إلى جماعة «الإخوان» المسلمين معتمداً على ما تبثه من مشاهد عنف اتبعها النظام المصري الحالي عقب الانقلاب على (الرئيس) «محمد مرسي».

إلا انه من ناحية أخري تعهد المجموعة «لواء الثورة» قبل اغتيال العميد «رجائي» الانتقام لمقتل القيادي في جماعة الإخوان الدكتور «محمد كمال»، وقد اتهمته السلطات بالمسؤولية عن الجماعات النوعية المتبنية للعنف في شمال الدلتا، وتعتمد المجموعة أيضاً على مشاهد فيديو لعنف النظام المصري عقب 3 من يوليو/تموز 2013، إلا أنها ترفع شعارات مدنية من مثل الأمة مصدر السلطات بخلاف مصطلحات من أدبيات الجماعات التكفيرية.

تحديات ومخاطر

ومن قال القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» «ناجح إبراهيم» إن «تلك المجموعات التي ظهرت على الساحة أخيراً تريد أن تدفع عن نفسها فرضية الفكر التكفيري، وإظهار عنفها كما لو أنه سياسي». وأضاف: «هم يريدون أن يبدوا كمعارضة مسلحة».

وأوضح أن «هذا التوجه ظاهر في المسميات التي يمكن أن تكون متنوعة لكنها لكيان واحد لتضليل الأمن... فضلاً عن أن تلك المجموعات المسلحة الصغيرة لا مشروع فكرياً أو دعوياً لها تحرص عليه، ومن ثم لا تجد مشكلة في تغيير اسمها بخلاف التنظيمات الكبرى التي تحرض على ترسيخ الاسم للدلالة على المشروع».

ورأى أن «تلك المجموعات المسلحة لا أدبيات لها. الهدف فقط هو الإرباك أو الثأر أو التعطيل. لا هدف استراتيجياً كبيراً لها… غالباً هي مجموعات متناثرة وكل مجموعة مكونة من بضعة أفراد لهم قيادة وتسليح وتمويل، وعادة بعضهم كانوا على أطراف جماعات إسلامية أخرى يرون أن منهجها مختلف عن رؤاهم».

واعتبر أن اغتيال العميد «رجائي» «نذير شؤم كبير... لأول مرة في تاريخ مصر يُغتال ضابط كبير في الجيش في العاصمة أمام منزله. واعتقد بأن رد الدولة سيكون قاسياً وسيُترجم في إعدامات ستنفذ». وعبر عن اعتقاده بأن «لواء الثورة» ومجموعة «حسم» هما «كيان واحد يسعى إلى عدم الظهور كتنظيم إرهابي، ويحاول أن يستميل قوى الثورة كمعارضة مسلحة، لكن في الحقيقة لا يوجد شيء اسمه معارضة مسلحة. المعارضة المسلحة هي ذاتها (الإرهاب). المعارضة المسلحة هي التي أودت بسورية إلى ما هي فيه الآن وهي التي ولدت (داعش)، ودائماً نتاجها مر».

وأضاف أن «المجال السياسي كله مغلق ولا توجد أي مساحة للعفو عن السجناء أو التفريق بين من يحمل السلاح ومن يسجن بسبب الرأي. يجب ألا تعطي السلطة فرصة لمن يدفع الشباب إلى (الإرهاب) ظناً منه أنه معارضة مسلحة». وعبر عن اعتقاده بأن تلك المجموعات «رافد من روافد اللجان النوعية التابعة للإخوان أو لمجموعة لم تقع في قبضة الأمن من أتباع جماعة أجناد مصر التكفيرية التي نشطت في العاصمة وتخومها... قد تكون مجموعة من أجناد مصر أفلتت من قبضة الأمن وأعادت تشكيل نفسها».

لكن الباحث في وحدة الدراسات الأمنية في «المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية» في القاهرة «أحمد كامل البحيري» لا يتفق مع «إبراهيم» على أن هذه المجموعات كيان واحد، وإن كان يوافقه الرأي أنها تسعى إلى إكساب العنف المسلح الذي تنتهجه «بعداً سياسياً» للظهور على أنها «معارضة مسلحة». وقال إن «حسم ولواء الثورة وغيرها من المجموعات لا رابط تنظيمياً بينها، والإيقاع بإحداها لن يقود حتماً إلى بقية تلك المجموعات». ورجح فرضية «أن تكون تلك المجموعات من بقايا العناصر التي انضوت في تنظيم أجناد مصر».

المصدر | الخليج الجديد+الحياة

  كلمات مفتاحية

ظهور العنف السياسي المسلح ممارسات النظام