بي بي سي - الخليج الجديد

عقب النمو البشري والاقتصادي الأسرع في التاريخ الحديث الذي حققته قطر في الآونة الآخيرة، أصبح دخل مواطنيها هو الأعلى في العالم، إذ وصل دخل الفرد إلى قرابة 100 ألف دولار أمريكي سنويا.

لكن يبدو أن طموح قطر كبير، حيث يقول خبير شؤون الشرق الأوسط «مارك آندرو هاموند» عن الآمال القطرية «يريدون أن يحصلوا اليوم على ما ينبغي أن يحصلوا عليه في الغد»، فهل للطموح الكبير والتطور السريع ثمن يتوجب على قطر دفعه من بيئتها وصحة أبنائها؟

يُسلط الفيلم الوثائقي الذى أنتجته BBC بعنوان «قطر: الثراء والثمن» الضوء على ما يمكن أن يكون الثراء قد سببه لهذا البلد الخليجي الغني صغير الحجم. فمعدل استهلاك الفرد للمياه والكهرباء أصبح الأعلى في العالم، بينما اختفت تقريبا المياه الجوفية، ولم يعد احتياطي البلاد من المياه يكفي لأكثر من بضعة أيام فقط.

ورغم أن السلطات القطرية قد أطلقت حملة ترشيد تهدف جعل أطفال المدارس أكثر إدراكا وتقديرا لضرورة عدم الإسراف في استهلاك الماء والكهرباء. إلا أن القطريين يحصلون على الماء والكهرباء مجانا، والمسؤولون يتحفظون على فكرة إجبار المواطنين على دفع ثمن للمياه أو الكهرباء.

ويرى البعص أن اتخاذ قرار كهذا قد يخل بالصفقة التاريخية الضمنية بين القطريين وحكامهم، والتي يتنازل بموجبها الشعب عن دوره السياسي مقابل خدمات ورخاء ورفاهية لا نظير لها تؤمنها الدولة وتشمل تعليما ورعاية صحية مجانيين، ووظائف مضمونة وعدم وجود أي ضرائب دخل.

ولكن لفت العديد من القطريين إلى ضرورة التقليل من الأثر السلبي للتطور العمراني السريع على البيئة، جاهدين للمحافظة على تواصل معها. لترافق الـBBC  في فيلمها الوثائقي شخصا يحاول تثقيف ابنه عن حيوان الضب حيث كان يُعتبر وجبة محببة لدى القطريين، وهو على وشك الإنقراض في ظل التغيرات البيئية الكبيرة الناتجة عن الزحف العمراني والتصحُر المتواصلين.

كما يقترب الوثائقي من حياة الصيد وعما كانت عليه من ازدهار في السابق وإلي ما وصلت إليه في الآونة الأخيرة، بجانب تسليط الضوء على تضرر وموت الشعب المرجانية في بحر قطر ومياه الخليج العربي عموما، مما دفع خبير البيئة البحرية «تشارلز شبرد» إلى التحذير من تحول الخليج إلى «بحر ميت! ».

وحققت قطر رقما قياسيا في مستوى انتشار مرض السكري في المجتمع. لترصد الكاميرات الوضع في أحد المراكز الطبية، حيث تسجل كل يوم حالات جديدة من الإصابات بمرض السكري بنسب غير مسبوقة في الدولة.

ويرجع خبراء الصحة، ومنهم د. «محمد بشير اللحام»، هذه الظاهرة إلى اعتماد المجتمع على النمط الاستهلاكي والوجبات السريعة بالإضافة إلى إهمال النشاط البدني جراء توفر وسائل الراحة والرفاهية، مما يزيد أيضا من نسب البدانة المفرطة في المجتمع.

ويطرح الفيلم الوثائقيسؤالا هاما، وهو إلى أي مدى  يستطيع بلد محدود المساحة والموارد كقطر الاستمرار بهذا النمط غير المسبوق من الاستهلاك والتطور والنمو على حساب البيئة والإنسان؟