ندوة في ألمانيا: «السيسي» أوصل بلاده إلى طريق مسدود

الخميس 3 نوفمبر 2016 04:11 ص

رأى مشاركون في ندوة نظمتها وقفية هاينريش بول البحثية الألمانية القريبة من حزب الخضر المعارض أن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» أوصل بلاده لطريق مسدود سياسيا، وقربها من حافة الإفلاس الاقتصادي بعد ثلاث سنوات من وصوله للسلطة.

وحملت الندوة -التي أقيمت مساء الثلاثاء ببرلين- عنوان (مصر على شفا الانهيار.. لماذا ينبغي على ألمانيا عدم التعويل على استقرار زائف بمصر؟)، واستهلتها «باربار أونموسيغ» من رئاسة وقفية هاينريش بول بالإشارة إلى تحقق العكس مما وعد به السيسي عند تسلمه السلطة عام 2014،  بتحقيق استقرار يمثل للمصريين ولأوروبا ضمانة للتطور الاقتصادي والأمن.

وقالت «أونموسيغ» إنه بعد ثلاث سنوات من الانقلاب تم تفادي إعلان إفلاس مصر بشق الأنفس عبر مساعدات خارجية مكثفة، وتردت أوضاع حقوق الإنسان لدرك سحيق لم تشهده الأنظمة السابقة، بينما أسهم القمع الحكومي المتزايد لكافة تيارات المعارضة في إفراز بيئة خصبة لتطرف الشباب، وأصبحت أجزاء من شبه جزيرة سيناء خارجة عن سيطرة الدولة.

ورأت مسؤولة الوقفية البحثية أن التعاون الألماني غير النقدي مع القاهرة يتغاضى عن مسؤولية «السيسي» ونظامه بهز استقرار مصر الداخلي، وتزايد حدة التمزق المجتمعي فيها، وتدهور أوضاعها الأمنية، ونوهت إلى استهداف الندوة حثّ برلين والاتحاد الأوروبي على إعادة النظر في سياستهما تجاه النظام المصري الحالي لأسباب أخلاقية ولاعتبارات السياسة الواقعية.

وأشار رئيس وحدة شمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية «إيساندر عمراني» إلى أن التردي غير المسبوق في أوضاع الاقتصاد وحقوق الإنسان، والتخبط في مواجهة أزمات تلو أخرى، أوصلا مصر إلى طريق مسدود، تجاوز فيه إغلاق الفضاء السياسي أمام الإسلاميين إلى مختلف النشطاء الآخرين.

وبرأ «عمراني» جماعة الإخوان المسلمين من مسؤولية المأزق الراهن، ولفت إلى إدراك النخبة التي أيدت الحكم الحالي أن السيسي غير قادر على فعل شيء، وأن الأوضاع الراهنة لا يمكن أن تستمر، في مقابل رفض السيسي ومحيطه أي نصيحة من الخارج، وانسحاب داعمي النظام الخارجيين، واختزال الغرب علاقته مع القاهرة في تأمين الحدود في سيناء، ومكافحة الهجرة غير النظامية.

وأشار الباحث السياسي إلى أن النظام المصري يستمد مشروعيته من تقديم نفسه منقذا للبلاد وحاميا لها من الإخوان الذين يريد تصويرهم كخطر دائم، وخلص إلى أن انسداد الأفق السياسي مع الإدراك بأن السيسي لن ينسحب طواعية من المشهد، أوجد مناخا عاما يتوقع انهيارا لا يريده أحد، وطرح سؤالا مفتوحا حول كيفية خروج مصر من أزمتها المستفحلة.

بلد غير آمن

من جهتها، قالت الباحثة البريطانية في الشأن المصري «هيلين ميشو» إن مصر أصبحت بعد ثلاث سنوات من انقلاب «السيسي بلدا غير آمن لعمل المؤسسات البحثية الدولية.

وانتقدت الباحثة ما عدته تعاملا براغماتيا للدول الغربية مع النظام المصري، وأشارت إلى تميز السياسيين الألمان عن أقرانهم الأوروبيين بإدراكهم حدة الأزمة التي أوصل السيسي مصر إليها، وانتقدت -في المقابل- عدم استخدام برلين ثقلها بالضغط لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، والحث على تحقيق انفتاح سياسي بمصر.

من جانبها، رأت «فرانيشسكا برانتنير» ممثلة حزب الخضر المعارض بلجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني (البوندستاغ) في بداية كلمتها بالندوة، أن الأمل أصبح مفقودا في حدوث تحول إيجابي بمصر في ظل تطورات السنوات الثلاث الأخيرة.

وأشارت إلى أن نظام «السيسي» حوّل الشباب الذين قاموا بثورة 25 يناير/تشرين أول 2011 إلى مساجين أو مطاردين، وأقال رئيس جهاز المحاسبات هشام جنينة بعد كشفه عن تغول الفساد بمصر، وذكرت أن مصر أصبحت معزولة اقتصاديا، ولا ترغب في الاستثمار فيها لأن كل شيء فيها بات معتمدا على الرشوة.

وتطرقت «برانتنير» إلى إغلاق كافة الوقفيات البحثية الألمانية لفروعها في مصر بسبب ما تعرضت له من تضييق وتهديد لسلامة الشركاء المصريين المتعاونين معها، وذكرت أن البرلمان الألماني يواجه حيرة تجاه مواصلة برامج التبادل مع مصر بسبب توقع تهديد سلامة أي نشطاء مصريين يشاركون فيها بعد عودتهم لبلدهم.

ودعت «برانتنير» الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي لربط المفاوضات الحالية لمصر مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بإنهاء النظام المصري ملاحقته للنشطاء السياسيين وتضييقه على منظمات المجتمع المدني، وإحداثه انفتاحا سياسيا بالبلاد.

تراجع شعبيته

ويواجه «السيسي» تراجعا حادا في شعبيته، حيث بدأ صبر المصريين عليه ينفد بسبب ارتفاع الأسعار وتأزم الاقتصاد بشكل كبير، بعد أن تبخرت وعوده التي تعهد بها قبيل انتخابه.

ويمر المصريون بحالة من اليأس والغضب في ظل زيادة الضرائب وارتفاع أسعار الغذاء وخفض الدعم الحكومي، ويخشى البعض تكرار الاحتجاجات العارمة التي أطاحت برئيسين سابقين على السيسي من السلطة.

وبلغ التضخم الأساسي عند أعلى مستوياته في 7 سنوات قرب 14% مع تضرر البلد الذي يستورد شتى احتياجاته من السكر إلى السيارات الفاخرة جراء نقص العملة الصعبة وزيادة الرسوم الجمركية.

كما رفعت الحكومة أسعار الكهرباء بين 25 و40% في أغسطس/آب الماضي، كما تطبق تدريجياً ضريبة قيمة مضافة عند 13% أقرها البرلمان في ذات الشهر.

ومن المتوقع أيضاً في إطار الإجراءات الرامية إلى الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي تحتاجه مصر بشدة لسد عجز الميزانية المتفاقم، أن تقلص الحكومة دعم الوقود وأن تخفض قيمة الجنيه المصري، ما سيقود إلى دورة تضخم جديدة في مصر التي يعتمد عشرات الملايين من سكانها على الخبز المدعم حكومياً.

وأجبر ارتفاع الأسعار والنقص المتكرر في المواد الغذائية المدعمة، الحكومة على زيادة مشترياتها، ما يستنفد سريعاً تلك السيولة الدولارية الجديدة في وقت تهدف فيه إلى خفض الإنفاق.

وقد واصل الجنيه تراجعه في السوق السوداء منذ إعلان اتفاق صندوق النقد في أغسطس/ آب الماضي.

وظهرت دعوات أن يكون يوم 11 نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل، يوماً للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية.

وخرج المصريون في ثورة يناير 2011، مطالبين بالعدالة الاجتماعية، إلا أن انقلابا قاده الجيش في يوليو/ تموز 2013، ضد «محمد مرسي» الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين الذي انتخب انتخاباً ديمقراطياً، وخلال هذه السنوات شن حملة قمع شديدة ضد المعارضة.

 

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي ألمانيا أزمات اقتصادية

الدولار يقفز إلى حاجز الـ 17 جنيها للمرة الأولى في تاريخ مصر

فاينانشيال تايمز: «السيسي» يعهد إلى الجيش للتعامل مع مشكلات مصر الاقتصادية

الدولار يقفز في مصر بعد إشارة «السيسي» للتعويم واجتماعات «النقد الدولي»