«بن علوي»: عمان لا تغرد خارج السرب و«إبليس» سبب الصراع في سوريا

الثلاثاء 27 ديسمبر 2016 09:12 ص

أكد «يوسف بن علوي» وزير الشؤون الخارجية فى سلطنة عمان أن العلاقات المصرية العمانية على قدر كبير من الثقة والفهم المشترك، معتبرا أن الخلافات بين السعودية ومصر حالة صحية وليست سلبية، لكن إذا كان هناك تباين حول مصالح حقيقية فالطرفان يسعيان إلى حلها بأسرع ما يمكن، ولكن في النهاية أي خلاف سيعبر لأن العلاقة بين الأشقاء أكبر بكثير من ذلك.

جاء ذلك خلال حوار صحفي أجراه «بن علوي» لإحدي الصحف المصرية والذي سمّته بـ «صاحب أكبر تجربة ثرية في المجال الدبلوماسي على مستوى العالم» و"عميد الدبلوماسية في العالم».

وأضاف «بن علوي» أن المشكلة في المنطقة العربية أن الجميع لا يزال يرى الأمور بمنظور الماضي على الرغم من حالة الهياج التي تمر بها المنطقة.

وعن إعلان الوحدة الخليجية قال «بن علوي» إن «الإعلام هو من خلق وتحدث عن الوحدة الخليجية وليس قمة البحرين وليس لدينا مانع في الاتحاد أو أي شيء، ولكن نحن في عُمان لدينا أسباب كثيرة مثل أننا في عمان منذ ألفي سنة، لا نريد أن نذهب إلى مكان وبالنسبة لنا في دول مجلس التعاون الخليجي مفهوم الاتحاد مختلف عن مفهوم الآخرين».

 وبسؤاله هل عمان تغرد خارج السرب الخليجي أكد «نحن لا نغرد ولا أحد يغرد، نحن لدينا مصالح مشتركة مع الجميع ونحافظ عليها لتحقيق الغايات لكن كل دولة لديها طريقتها الخاصة لتحقيق تلك المصالح والأهداف».

وتحدث في الحوار عن العلاقات مع إيران قائلا إنها «جوار حقيقي لا بد من الاعتراف به، وأن وجود المخاوف منها شيء طبيعي وليس في منطقتنا فحسب بل في كل مكان عندما يكون الجوار لديه جوار أكبر لا بد أن تظهر تلك المخاوف وتختفي كل فترة».

وحول التهم الموجهة للسلطنة بتهريب الأسلحة لليمن قال: «الاتهام ليس له حدود ويمكن لأي شخص أن يتهم الآخر، ولم يتم التواصل معنا في الأمر لأنها ليست حقيقة ولا يوجد ما يثبت ذلك، ليس كل ما يُقال صحيحا».

وأوضح أن «الحرب سارت في اليمن لأن أوضاعه لم تكن على ما يرام، والجيران عند إثارة القلاقل التي تمثل الخطر عليك يجب عليهم التصرف، وهي ليست المرة الأولى في التاريخ الحديث وصارت مع تنزانيا وأوغندا عندما شكلت أوغندا خطرا على تنزانيا بشكل كبير فدخلت تنزانيا بجيشها وأطاحت بالرئيس الأوغندي، وحالة ثانية أخرى عندما تطورت الخلافات بين الهند وباكستان أخذت الهند المبادرة ودخلت باكستان الشرقية».

وعن الشراكة الخليجية-البريطانية التي تم الإعلان عنها خلال قمة التعاون الأخيرة، وهل هناك حالة فراغ يمكن أن تملأها بريطانيا بموافقة خليجية قال: «هذه الأمور لا تخضع للمنطق، موقف بريطانيا من الخليج إيجابي ولديهم مصالح كبيرة وهذه ليست المرة الأولى التي تتنافس فيها دول الغرب على الخليج، وهو أمر طبيعي».

وحول رأيه بأن الولايات المتحدة بدأت ترفع يدها عن الخليج وتغادره تدريجيا، أجاب: «نحن العرب في عقولنا نقيس الأمور على ما نعتقد وليس على الواقع، الدول الكبرى مصالحها في كل العالم وبالتالي فإن الناس عرفت أن العالم محكوم بالقوة ولكن بطريقة قانونية ولم يعد هناك من يتصرف بمفرده، ونحن لسنا متخوفين، ومن أي شيء نتخوف؟، ليست أول إدارة أمريكية يقال إنها غير مناسبة، ولكن ربما تكون مناسبة، واللغة الجديدة من واشنطن بغض النظر عن لهجتها قد يقبلها البعض وقد يرفضها الآخر مثلها مثل المطر».

وعن وصف الرئيس الأمريكي المنتخب «دونالد ترامب»، للخليج بأنه برميل بترول، أجاب «هذا صحيح، ولماذا التخوف من التصريح والبترول في العالم يباع ويشتري، في بعض الأحيان تكون هناك حقائق ولكنها غير مقبولة».

وأوضح أن رؤية السلطنة للتعرف على الإدارة الأمريكية الجديدة تنطلق من أن كل دولة لها وجهة نظر وليس بالضرورة أن تتطابق وجهات نظر كل الدول، أمريكا دولة عظمى وبالتالي مصالحها واسعة جدا مع كل الدول، والعالم العربي كله مربوط بالدولار، وحتى عمليات التحويل التي تتم بين الأشخاص في العالم تتم عن طريق عملة الولايات المتحدة.

وعن رؤيته للأزمة السورية ما بعد حلب، قال إن حجم التدخل الخارجي بهذا الشكل الكبير كان متوقعا له أن يستفيد الأكراد منه في النهاية.

إبليس

واعتبر أن «إبليس (الشيطان) هو الذي حول الصراع في سوريا من الناحية السياسية إلى الطائفية عن طريق استغلال ضعف النفوس الذي زين بعض الأشياء في العقول على أنها طيبة ودخلت كل الأطراف في مسار لا تعرف كيف تخرج منه».

وعن الأزمة الليبية، قال «بن علوي»: الأطراف الليبية طلبت توفير المكان المناسب وهم لديهم الإرادة لتحقيق ذلك لكننا لم نتدخل في شؤونهم، وكل ما قمنا به هو توفير المكان، والصراع الليبي الآن أصبح باطنيا وغير ظاهر عن طريق مذاهب وقبائل ولكن سيأتي الوقت الذي يشعرون فيه بالتعب ويبدأون في البحث عن الحل».

وحول المخاوف من المراحل المستقبلية للسلطنة أوضح أن «الخوف لا بد أن يكون مقننًا وليس مبررًا، لأن الوضع العماني مستقر والسلطان قابوس بن سعيد أرسى قواعد الاستقرار وأسس لفترة طويلة لما بعد الزمن عن طريق المؤسسات، ولكن الناس لا يريدون أن يقتنعوا بأنها مفصلة بأن هناك طريقة محددة».

وعن تعدد مظاهر الإرهاب في العالم قال «نحن بشر وهؤلاء الناس الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، صورت لهم الحياة بطريقة معينة بأن مصلحتهم في الآخرة والجنة وما فيها، وإلى درجة أنهم أقنعوهم بأن اللحظة التي يدخل فيها النعيم عندما يفجر نفسه، الناس في الهند مثلا وصلوا لدرجة كبيرة من التطور والعلم ورغم ذلك يعبدون البقر، بالتالي هذا ليس شيئا غريبا لأن هناك فراغا بالمعنى البشري».

موقف عمان

ومنذ 2011، ظل ملف الاتحاد الخليجي بنداً دائماً على جدول أعمال القمم الخليجية، إلا أنه كان يتم ترحيله كل عام عبر التوجيه باستمرار المشاورات بشأنه.

ويتسق موقف عمان الرافض لفكرة الاتحاد الخليجي مع سياسة مسقط الدائمة، التي حافظت على الاستقلالية والبعد عن الصراعات، إضافة إلى رغبة السلطنة في عدم ربط سياستها الخارجية بدول أخرى.

كما أن التباين بين عمان وبقية دول الخليج يمكن فهمه ببساطة في ظل أن أحد الدوافع الرئيسية لإنشاء هذا الاتحاد هو حاجة دول المجلس إلى تبني صيغ جديدة لمواجهة التهديدات المتنامية، وعلى رأسها إيران.

وهذا الدافع هو نفسه أحد أبرز أسباب رفض عمان لفكرة الاتحاد؛ لأنها لا ترى في إيران تهديدا لها، بل على العكس تتمتع الدولتان، إيران وعمان، اللتان تطلان على مضيق هرمز بعلاقات متميزة على الأصعدة كافة.

رغم أن العلاقة المتميزة بين عُمان وإيران ليست وليدة السنوات القليلة الماضية، فإن الأوضاع بين طهران وبقية دول الخليج، ولا سيما السعودية، تزداد سوءا.

كما تشهد العلاقات البحرينية الإيرانية تجاذبات سياسية، على خلفية اتهامات المنامة لطهران بالتدخل في الشأن الداخلي البحريني عبر دعم المعارضة «الشيعية».

أيضا هناك أزمة الجزر الثلاث (طنب الكبرى، طنب الصغرى وأبو موسى) المتنازع عليها بين الإمارات وإيران، والتي تقول أبوظبي إنها محتلة من قبل طهران.

ويسود التوتر العلاقات بين السعودية وإيران بسبب عدد من الملفات، أبرزها الملف النووي الإيراني الذي ترى الرياض أنه يهدد أمن المنطقة، واليمني حيث تتهم المملكة طهران بدعم تحالف مسلحي الحوثي والرئيس اليمني المخلوع «علي عبد الله صالح».

فضلاً عن الملف السوري، حيث تدعم طهران النظام السوري عسكريا، فيما تساند الرياض المعارضة السورية، كما تتهم الرياض طهران بالتدخل في شؤون دول المنطقة، ولا سيما البحرين.

وزادت حدة التوتر بين البلدين، في أعقاب عملية «عاصفة الحزم» العسكرية التي ينفذها تحالف عربي بقيادة السعودية، في اليمن منذ 26 مارس/ آذار 2015، رداً على سيطرة تحالف الحوثي وصالح على العاصمة صنعاء، يوم 21 سبتمبر/ أيلول 2014، ثم محافظات يمنية أخرى.

وفي ظل اتساع الخلافات بين دول الخليج وإيران، يعتبر مراقبون أن مواقف سلطنة عمان هي أقرب إلى إيران من الحياد، وهو ما ظهر جليا في مواقفها من البرنامج النووي الإيراني والأزمتين اليمنية والسورية، وفقا للمراقبين.

فقد ظلت السلطنة تستضيف محادثات سرية بين الولايات المتحدة وإيران (دون علم بقية دول الخليج) قادت إلى إبرام اتفاق نووي بين طهران والدول الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا وألمانيا) في يوليو/ تموز 2015، ودخل حيز التنفيذ مطلع العام الجاري.

وبموجب هذا الاتفاق وافقت طهران على تقييد برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب هذا البرنامج، الذي تقول الدول الستة إنه كان يهدف إلى إنتاج أسلحة نووية، وهو ما تنفي إيران صحته.

وترجمة للتقارب بين طهران ومسقط، زار الرئيس الإيراني، «حسن روحاني»، السلطنة في مارس/ آذار 2014، في زيارة هي الأولى له لدولة عربية منذ توليه مهام منصبه في أغسطس/ آب 2013.

كما زار سلطان عمان، «قابوس بن سعيد»، إيران يوم 25 أغسطس/آب 2013، في زيارة هي الأولى لزعيم عربي لطهران، بعد تولي روحاني الرئاسة.

ويأتي ذلك بينما يغيب سلطان عمان عن حضور القمم الخليجية منذ عام 2011، وينيب عنه أحد المسؤولين في السلطنة، كما اعتذرت مسقط عن عدم استضافة القمة الخليجية التي كان مقررا أن تستضيفها عام 2015.

الأزمة اليمنية والسورية

كما يوجد تباين واضح بين سلطنة عمان وبقية دول الخليج فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، فمنذ 26 مارس 2015، يشن التحالف العربي وبمشاركة دول الخليج ما عدا عمان، عمليات عسكرية في اليمن ضد قوات الحوثيين وصالح.

ويقول التحالف إنه يقوم بعملياته استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بالتدخل عسكريا لـ"حماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية"، في محاولة لمنع سيطرة قوات الحوثيين وصالح على اليمن بالكامل؛ بدعوى معاناتهم من تهميش اقتصادي وإقصاء سياسي.

في المقابل، فإن عمان تحمل، وعلى قدم المساواة، جميع الأطراف اليمنية (الحوثيين- صالح - الحكومة الشرعية) المسؤولية عما يحدث في البلد العربي؛ ولذلك تستقبل وفودا حوثية، وتستضيف لقاءاتهم مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ولا تصفهم بالانقلابيين.

وتعدى الأمر مرحلة التباين، وكادت الأمور تتأزم بين سلطنة عمان ودول التحالف العربي؛ جراء اتهام مسقط للأخير باستهداف منزل السفير العماني في صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2015، وهو ما نفاه التحالف.

وترددت أنباء عن تهريب إيران أسلحة للحوثيين عبر أراضي عمان، وهو ما بادرت السلطنة بنفيه في 20 أكتوبر الماضي.

كل هذه المؤشرات تجعل التباين بين سلطنة عمان وبقية دول الخليج في الشأن اليمني قابل للتحول إلى أزمة في أية لحظة.

ولا تزال سلطنة عمان تشرع أبواب سفارتها في العاصمة دمشق، رغم أن بقية دول الخليج تدعم المعارضة السورية، وتدعو إلى تنحي رئيس النظام السوري،« بشار الأسد» الذي تدعمه إيران عسكريا.

كما زار «يوسف بن علوي» دمشق، حيث التقى الأسد في 26 أكتوبر 2015، بعد شهرين من استقبال الأول لنظيره السوري وليد المعلم، بمسقط، في أول زيارة يقوم بها الأخير لدولة خليجية منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس2011.

وترى دول الخليج، باستثناء سلطنة عمان، أن الأسد أساس الأزمة، ولا مكان له في مستقبل سوريا، بينما لا تزال مسقط تعترف بشرعية الأسد، وتعتبره جزءا من الحل.

وأعلن «بن علوي» أن سلطنة عمان «تبذل جهودا لإيجاد حل سلمي في سوريا واليمن»، عبر ما أسماها الدبلوماسية الهادئة.

المصدر | الخليج الجديد + بوابة الأهرام

  كلمات مفتاحية

عمان مصر الخليج سوريا

الأسد يستقبل بن علوي في دمشق

حياد أم خالف تعرف؟.. سجال حول لقاء بن علوي الأسد