استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اتهامات مجحفة بحق تركيا

الأحد 1 يناير 2017 03:01 ص

اعتاد بعضهم أن يبدأ مقاله بالقول «ليس دفاعا عن... ولكن»، ويعرف القارئ أن المقصود هو الدفاع عن المنسوب إليه، حيث يشير كل شيء في صلب الموضوع الى ذلك، لذلك لن أقول «ليس دفاعا عن تركيا، ولكن...» بل أصرح بأن هناك الكثير مما يجب قوله دفاعا عن تركيا في هذا المجال، فقد توالت الهجمات على تركيا بل حتى على جميع الأتراك من دون وازع.

ألا نتحمل النقد عندما نقول ذلك؟ بل نفعل ذلك ويذكر القارئ أنني صرحت بصريح العبارة عن استيائي من أمور عديدة سواء كان ذلك في السياسة الخارجية وفي بعض التصرفات غير المسؤولة من جانب بعض قوات الأمن أو غيرها وقد نشر الكثير من ذلك.

ولكن أن يعمد أحد الى اتهام كل الشعب التركي بأنه يمارس الكذب أكثر مما يمارس الصدق، أو أن القمع مستمر في تركيا من دون وازع من ضمير أو خلفية أخلاقية فهو الإجحاف الذي لا يليق بمثقف ولا بإنسان بسيط، ومن الواضح أن هناك فرقا هائلا بين النقد والتجريح.

ذكر أحد الكتاب بعد الحادث الإرهابي المؤسف الذي أودى بحياة السفير الروسي في أنقرة أن المراقبين لاحظوا أن غالبية الرأي العام التركي أرتاحت لاغتيال السفير، هكذا وبكل بساطة وضع المذكور نفسه في موقع القاضي الذي حكم بأن كل الأتراك ارتاحوا لعملية إجرامية خبيثة استهدفت كل متطلبات التعامل الأخلاقي وكل الاتفاقات الدولية الخاصة بحماية الديبلوماسيين.

في حين أن الجميع أجمعوا على إدانة هذا العمل المشين الذي لا يتوافق مع مبادئنا، ولم يقتصر الموضوع على مواطني ومسؤولي هذا البلد، بل دانت تقريبا جميع الدول والمنظمات الفكرية هذا العمل الإجرامي، ولي هنا أن أشير إلى بيان وزارة الخارجية السعودية التي دانت واستنكرت هذا العمل الذي يتنافى مع القوانين الدولية ومبادئ حماية الديبلوماسيين والمبادئ والأخلاق الانسانية، أو الى بيان مشترك لوزارتي الداخلية والعدل والحريات المغربيتين يشير إلى أن الإشادة بالأفعال الإرهابية تعد جريمة يعاقب عليها القانون، كما أشارت الى خطورة الشحن الأيديولوجي في هذا المضمار وخطورة الإشادة بالعمليات الإرهابية.

أذكر أنني كنت في محاضرة في مدينة حلب الجريحة قبل أن تبدأ فيها عمليات الاقتتال والقمع، سألني أحد الحاضرين عن اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وسورية حينما كانت تقوم بينهما علاقات مميزة. قال لي أن الاقتصاد التركي قوي جدا وأن الصناعات التركية متطورة الى حد أننا نخشى على الحرفيين الذين لا يملكون مقومات الصناعة وأن الصناعات الصغيرة الموجودة حاليا ستندثر.

قلت في معرض جوابي أن الصناعيين الأتراك شعروا بالتوجس نفسه عندما وقعت تركيا اتفاقية الإعفاء الجمركي بينها وبين الاتحاد الأوروبي خشية على الصناعة في تركيا وخوفا من اكتساح الصناعات الأوروبية للسوق التركي.

لكن ذلك كان إجراء حكيما، حيث اضطرت الصناعة التركية إلى مجاراة مثيلتها الأوروبية كي تستطيع الحفاظ على عنصر المنافسة. ويعود تطور الصناعة التركية في العقدين الأخيرين إلى ذلك وهذا ما سيفيد الصناعة السورية أيضا إذا سايرت هذا المفهوم.

ذكرت ذلك لأن هناك من اتهم الأتراك بالسطو على المصانع السورية وتفكيكها ونقلها إلى تركيا بعد بدء الأحداث في سورية، ولكم أن ترجعوا إلى الكثير من هذه الكتابات، من دون أن يفكر أحد أن تركيا لم تكن في حاجة إلى هذه الورش وهي تنافس الأوروبيين حاليا بحيث أن جهازا واحدا من بين خمسة من الأجهزة المنزلية في أوروبا هي من صنع تركي وأن الصناعات الدفاعية التركية تصدر حاليا إلى أقطار عديدة.

ويذكر الكثيرون الاتهامات الموجهة إلى تركيا بأنها تساند تنظيم «داعش» إلى درجة أنه جرى اتهامها بالمتاجرة مع هذا التنظيم لنقل النفط السوري إلى تركيا والمساعدة في تسهيل مرور المقاتلين الأجانب للقتال إلى جانب هذا التنظيم المتطرف، بعد ذلك نشرت الاحصاءات حول قوائم الذين أعادتهم تركيا إلى الدول الأوروبية التي أقلعوا من مطاراتها لهذه الغاية.

أما في موضوع الاستيلاء على النفط السوري والذي لم يقتصر الاتهام فيه على روسيا الاتحادية أثناء الأزمة التي حدثت معها، بل عمدت الولايات المتحدة أيضا إلى تكرار الاتهام نفسه، فقد طلبت الحكومة التركية من «حليفتها» الأمريكية تفسيرا لذلك، فكان أن أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية ملفا للصور الملتقطة فضائيا لما أشير إلى أنه مستودع لخزن النفط المذكور في الأراضي التركية. 

وبعد تحقيق مشترك اتضح أن الموقع ما هو إلا موقع لتهيئة الأسفلت عائد لبلدية محافظة كيليس في جنوب تركيا. اعتذرت وزارة الخارجية الأمريكية عن هذا الخطأ «غير المقصود» ولكن تركيا لم تكتف بذلك، بل طلبت توضيحا من مصدر الخبر. وأخيرا وجهت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أي) خطابا إلى وزارة الخارجية التركية تعتذر فيه عن ذلك بصورة رسمية. ويا ليت الذين سارعوا إلى ترديد هذه الأقاويل ينحون المنحى نفسه.

بقي أن أقول إنني كنت أتمنى أن تعتذر الولايات المتحدة عن أخطاء أكبر اقترفتها في هذه المنطقة وكانت ستجنب أهلها الكثير من الأهوال لو أنها فعلت ذلك.

* أرشد هورموزلو - كاتب تركي ومستشار رئاسي سابق

  كلمات مفتاحية

تركيا سوريا حلب الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة داعش

الانقلاب الناجح في تركيا!