استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رهانات واشنطن بعد «إعلان موسكو» الأخير

الأحد 1 يناير 2017 04:01 ص

رسائل مهمة تعمدت واشنطن أن تصل وسريعاً إلى عدد كبير من الأطراف بإقرار الكونغرس للتشريع الخاص بتخصيص موارد مالية لدعم المعارضة السورية.

تشريع جاء في الوقت الحرج يحمل رسائل مهمة لموسكو أولاً مضمونها أن اعتقادها بأنها أصبحت اللاعب الوحيد صاحب الكلمة الفصل بشأن مستقبل سوريا خاطئ، وأن الاجتماع الثلاثي الذي عقد في موسكو (20/12/2016) وأقر ما اعتبر بمثابة خريطة طريق لحل سياسي للأزمة السورية وحضره وزراء خارجية ودفاع روسيا وتركيا وإيران لن يُكتب له النجاح، لأن «الحل العسكري لم يكتمل بعد». 

في السابق كانت موسكو وخلفها النظام السوري وإيران هم من يرى أن أوان الحل السياسي لم يحن بعد، وأن الحل العسكري مازالت أمامه أشواط ليفرض واقع توازن قوى يحقق السقف السياسي لما تريده هذه الأطراف من حل للأزمة السورية.

الآن واشنطن هي من يستخدم هذه العبارة وترى أن «إعلان موسكو» بأطرافه الثلاثة ليس هو الحل المأمول، قد يكون معبراً عن توازن قوى مرحلة ما بعد معارك حلب، لكن واشنطن وكما جاء على لسان رئيس استخباراتها جون برينان ترى أن سقوط حلب لن ينهي الصراع في سوريا.

واشنطن ترسل أيضاً رسائل لتركيا مضمونها أن وفاقها مع موسكو ليس الخيار الصحيح، وأنها، أي تركيا لن تكون أبداً المتحدث وحدها باسم المعارضة السورية، وأن واشنطن لم تخرج، وربما لن تخرج من الساحة بعد. واشنطن أوصلت أيضاً رسائل، من خلال هذا التشريع لفصائل معارضة استبعدت من توافق تركيا مع روسيا، ومازالت مستعدة لمواصلة المعارك لتعديل شروط الحل السياسي.

رسائل تقول إن واشنطن لن تتردد في دعم هذه الفصائل بأسلحة متطورة قادرة على تجنب تكرار الأخطاء التي وقعت في معارك حلب، وإن بمقدور هذه المعارضة تجديد الرهان على واشنطن.

ربما تكون هذه هي المعاني المباشرة لهذا التحرك الأمريكي الجديد، لكن يبقى السؤال حول مدى جدية واشنطن لتجديد خيار الحل العسكري وإفشال جهود الحل السياسي التي ترعاها موسكو بتوافق مع كل من أنقرة وطهران.

السؤال له بُعد زمني وآخر عملياتي. فالإدارة التي أشرفت على هذا التشريع، أي إدارة أوباما، هي إدارة راحلة، وهناك إدارة جديدة قادمة الأرجح أنها سوف تكون على توافق مع موسكو، ومع خيار إنهاء الصراع العسكري في سوريا، فضلاً عن نبذ التورط الأمريكي في صراعات عسكرية جديدة.

كما أن إدارة أوباما، هي من تردد في دعم الخيار العسكري للمعارضة، ورفض التدخل العسكري المباشر في الأزمة السورية، واكتفت بالدور غير المباشر والمحدود، وهي، أي إدارة أوباما، والبنتاغون ووزير الدفاع أشتون كارتر من رفض الدخول مع روسيا في «شراكة استراتيجية» ضد الإرهاب في سوريا، على نحو ما كشف جون كيري وزير الخارجية في حديثه مع صحيفة «بوسطن غلوب» (18/12/2016) عندما أعرب عن أسفه لفشل الاتفاق بين واشنطن وموسكو بشأن سوريا، عازياً الأمر إلى «انقسامات» داخل الإدارة الأمريكية، حيث قال: «للأسف كانت ثمة انقسامات داخل صفوفنا، ما جعل تنفيذ ذلك (الاتفاق) أمراً في غاية الصعوبة».

الصحيفة أوضحت أن صدام كيري مع كارتر هو الذي حال دون تنفيذ الاتفاق بشأن إجراء عمليات عسكرية مشتركة بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، الأمر الذي كان تعليق جون كيري عليه بأن «الأوان قد فات على ما يبدو، نظراً إلى ما وقع في حلب».

هل بعد هذا التفسير يكون لدى الإدارة الأمريكية جدية في أدوار عسكرية أمريكية لتعديل موازين القوى العسكرية لمصلحة المعارضة في سوريا. أما أن إدارة أوباما تريد فقط أن تزرع بذور إفشال التوافق الثلاثي: الروسي - الإيراني - التركي بشأن المفاوضات التي يجري الإعداد لها بين النظام والمعارضة تحت إشراف الدول الثلاث في «استانة» عاصمة كازاخستان؟

أما البُعد العملياتي، فيتعلق بانخراط معظم فصائل المعارضة في التنسيق مع أنقرة، ولم يعد خارج نطاق هذا التنسيق غير «جبهة النصرة» (فتح الشام) وبعض المنشقين من فصائل أخرى، إضافة إلى تنظيم «داعش» بالتأكيد.

هذا التنسيق هو الذي أعطى لتركيا أهلية التحدث باسم المعارضة، وهي التي دبرت اللقاءات السرية بين خبراء روس وممثلين للمعارضة في أنقرة، وهذه اللقاءات كانت تدور حول «الوثيقة» التي تحدث عنها وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو الذي أعلن على هامش اجتماع موسكو الثلاثي (20/12/2016) أن «إيران وروسيا وتركيا على استعداد لتسهيل صياغة اتفاق يجري التفاوض عليه بالفعل بين الحكومة السورية والمعارضة وأن تصبح الضامن له».

تركيا ألقت بثقلها في هذا المسار وامتلكت الثقة لأن تكون الضامن لنجاحه أمام المعارضة التي تتحدث باسمها، لكن الأهم أنها حصلت على المقابل من روسيا وهو المقابل الذي لم تستطع الحصول عليه من واشنطن، وهو المقابل الذي تحدث عنه الرئيس التركي بإعلانه أن «أنقرة مصممة على إقامة منطقة حظر جوي شمالي سوريا»، أي الحصول على موقع نفوذ تركي في شمال سوريا، وامتلاك القدرة الفعلية على منع ظهور أي كيان كردي مستقل بالقرب من الحدود الجنوبية لتركيا، وهذا الأمر يعد أولوية أمنية تركية قصوى.

هذا يعني أن هناك مصالح تتأسس، وأن كل الأطراف تشعر أنها تحقق مكاسب، المعارضة تحقق مكاسب أن تكون طرفاً ومحاوراً أساسياً في المفاوضات التي يجري الإعداد لها في «الاستانة» ومن بعدها في جنيف، وأن تكون شريكاً في الحكم، والنظام حصل أيضاً على مكاسب بالتوافق أن الأولوية الآن ليست لإسقاط النظام بل لمحاربة الإرهاب والتوحد ضد «داعش» و«النصرة»، وتحقيق التسوية السلمية، حسب ما أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأن «الأولوية في سوريا هي محاربة الإرهاب، وليس إطاحة حكومة الرئيس بشار الأسد».

يبقى السؤال بعد ذلك: ما هي رهانات واشنطن من وراء ذلك التشريع الذي يعتمد مخصصات مالية لدعم المعارضة السورية ؟وأي معارضة إذن تقصدها واشنطن؟ ربما لا يبقى غير رهان واحد هو إفشال مسار مفاوضات «استانة» القادمة.

* د. محمد السعيد إدريس نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. 

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

رهانات واشنطن «إعلان موسكو» سوريا الكونغرس المعارضة السورية روسيا