استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«أمريكا أولا»

الأحد 22 يناير 2017 06:01 ص

خيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، آمال الكثيرين وأسقط رهاناتهم! ترامب الرئيس لم يختلف عن تخلف المرشح.

خطاب القسم، الذي صيغ بعناية فائقة، وجمل قصيرة مباشرة، يسهل هضمها واستيعابها من قبل رجل الشارع الأمريكي، لخص كل ما قاله الرجل في حملاته الانتخابية الصاخبة، ولم يحد عن أو يسقط أيا من شعارات حملته الانتخابية، التي يبدو – للغرابة – أنها ما زالت مستمرة، في لغته وخطاباته، وفي المظاهرات التي عمت واشنطن والمنتظر أن تنتشر اليوم في عدد من المدن الية.

"أمريكا أولا"، هو الشعار الذي يختصر "مبدأ ترامب". هذا لا يعني أن من سبقه من رؤساء، كانوا سخروا موارد بلادهم الضخمة لخدمة الآخرين.

"أمريكا أولا"، كان على الدوام، المحرك الرئيس للمواقف والسياسات والسلوكيات الية في العالم. بيد أن هذا الشعار يحمل هذه المرة، مضامين "انعزالية"، "انكفائية"، "حمائية" تنطوي على قدر من "الشوفينية" المغلفة بـ"الوطنية" و"القومية".

“أمريكا اولا”، هو المعيار والحكم، في تقرير السياسات، كل السياسات، الداخلية والخارجية، من الهجرة والتجارة والضرائب والتبادلات على اختلافها، إلى السياسة الخارجية.

أمريكا التي حمت حدود دول كثيرة في العالم، نسيت أن تحمي حدودها.

أمريكا التي قادت دول في العالم نحو ضفاف الثراء والرفاه، تركت مواطنيها نهبا للبطالة والفقر والحاجة.

أمريكا التي خاضت شتى الحروب دفاعا عن حلفائها وأصدقائها، تركت حدودها بلا حماية، ومواطنيها بلا أفق أو مستقبل ... هكذا تحدث ترامب.

خطاب القسم، الذي توقع مراقبون أن يكون تصالحيا، عكس شخصية ترامب وروحه القتالية بدقة عالية، ويقال إنه هو من كتب الخطاب، بمساعدة محدودة من مستشاريه.

هاجم الجميع من دون استثناء، بمن فيهم أولئك الذين جلسوا على المنصة للاحتفال بتنصيبه، من رؤساء سابقين وطبقة سياسية في واشنطن، منفصلة تماما عن الشعب الي، انتصاراتها ليست انتصاراته، ومكاسبها ليست مكاسبه ... هكذا أضاف ترامب.

لم تحضر السياسة الخارجية في خطابه إلا من بعض الزوايا الضيقة والمحدودة للغاية، وبإشارات مقتضبة للغاية ... سيقتلع “إرهاب الراديكاليين الإسلاميين عن وجه الأرض”، ولن يسعى في فرض “النموذج الي” على أحد، من أراد أن يهتدي بـ “القبس” الي، له ذلك، وبخلاف ذلك، لا تدخل لفرض منظومة قيم أو نمط حياة أو نظام سياسي بعينه.

أولوياته واضحة، وتكاد تنحصر في الداخل حصرا: التعليم، الصحة، البنية التحتية، الوظائف، النمو الاقتصادي، الطبقة الوسطى، ازدهار الأعمال، عودة الرساميل الية، العمالة الأمريكية أولا، الصناعة الأمريكية أولا. بعدها، وعلى مسافة بعيدةـ، تأتي خيارات السياسة الخارجية وأولوياتها.

أمريكا تتغير، وقد تتغير أكثر، وبأسرع مما نظن ويظن كثيرون. وعلى أصدقائها، أكثر من خصومها أن يقلقوا. على الذين استندوا إلى الذراع الية لحفظ أمنهم وتحصين حدودهم أن يقلقوا. المهمة لن تكون سهلة بعد اليوم، ولن تكون بلا تكاليف باهظة في أحسن الأحوال.

على أوروبا أن تقلق، وعلى الناتو أن يعيد النظر بوظائفه وحساباته، وعلى اليابان وكوريا الجنوبية أن تقلقا كذلك، فزمن المظلة الدفاعية النووية الية المضمونة، قد ذهب وقد لا يعود حتى إشعار آخر.

أما المعتدلون العرب، فعليهم أن يتحضروا لمواجهة واحد من خيارين لا ثالث لهما: انسحاب الغطاء الي بالكامل، أو بقائه بأعلى كلفة، أو بكلفة غير محتملة.

بعض خصوم واشنطن يتعين عليهم أن يقلقوا كذلك، وليس جميع خصومها. الصين، ومن موقع الاقتصاد العالمي الثاني، عليها أن تقلق، زمن التبادلات التجارية المواتية قد ولى.

إيران عليها أن تقلق، فالثابت الوحيد في خطاباته وتصريحاته، هو العداء لإيران.

أما روسيا وبعض حلفائها في المنطقة والعالم، فيمكنهم الاسترخاء قليلا. زمن "السياسات التدخلية" الية، انتهى، أقله لسنوات أربع قادمة، إن ظل الرئيس في بيته الأبيض.

هي مشكلة مستدامة مع واشنطن: إن انتهجت سياسة "تدخلية" جرت وراءها الويلات والصراعات المزمنة والأزمات المفتوحة؛ وإن هي انتهجت سياسة “انكفائية” خلفت فراغات في مناطق عديدة من العالم، لن تملأها سوى الصراعات والحروب والأزمات المفتوحة كذلك.

كأننا أمام حكاية "الفيل الذي دخل متجر التحف الزجاجية"، كيفما استدار وأينما تحرك، يترك خلفه ركاما من الأواني المحطمة.

* عريب الرنتاوي - محلل سياسي رئيس مركز القدس للدراسات السياسية - عمان

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

أمريكا ترامب الإرهاب الإسلام الفقر البطالة الهجرة الاقتصاد