قائمة اغتيالات أمريكية تستهدف قياديين في «فتح الشام»

الاثنين 23 يناير 2017 07:01 ص

بعد عمل استخباراتي طويل أسفر عن جمع «بنك أهداف» وتوفير قرار سياسي في واشنطن وتنسيق بين الجيشين الأميركي والروسي ضمن «قواعد الاشتباك» في الأجواء السورية، بدأت قاذفات أميركية في بداية العام الجاري حملة أسفرت عن قتل عشرات القياديين من «فتح الشام» (النصرة سابقاً) في ريفي حلب وادلب، في وقت زاد التوتر في ريف إدلب بين «فتح الشام» من جهة وفصائل أخرى بينها «أحرار الشام الإسلامية» من جهة وبين تنظيم «جند الأقصى» المبايع لـ«الدولة الإسلامية» وفصائل أخرى.

ووفق مسؤول غربي، فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية عملت خلال الأشهر الأخيرة على جمع معلومات عن قياديين في «فتح الشام» التي غيرت منتصف العام الماضي اسمها من «النصرة» وأعلنت انها قطعت علاقتها مع «القاعدة»، الأمر الذي لم تقتنع به واشنطن ودول غربية وحافظت على اعتبارها مع «الدولة الإسلامية» كتنظيمين متهمين بالإرهاب لديها.

وقال المسؤول الغربي لجريدة«الحياة»: «استندت المعطيات إلى مراقبة هواتف قادة التنظيم وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومخبرين على الأرض، إضافة الى تبادل معلومات مع دول اقليمية وغربية، بحيث أصبحت خريطة التنظيم واضحة تماماً أمام الجانب الأميركي».

بالتوازي مع ذلك، حصلت وزارة الدفاع الأميركية على قرار سياسي من إدارة الرئيس «باراك اوباما» لبدء شن العمليات واستهداف قياديين في «فتح الشام» بعدما كانت العمليات في العام الماضي تركز على تنظيم «خراسان» المحسوب على «القاعدة». ولوحظ بدء التنفيذ مع قرب تسلم إدارة «دونالد ترامب» التي تضم مُعادين لفصائل إسلامية و «الدولة الإسلامية».

وبعد ذلك، حصل تنسيق بين الجانبين الأميركي والروسي لتنفيذ «قواعد الاشتباك» في شمال غربي سورية باعتبار أن هذه المنطقة كانت ضمن نفوذ الجيش الروسي وتغطيها منظمة صواريخ «إس 400» الموجودة في قاعدة حميميم غرب سورية.

وكانت واشنطن وموسكو توصلتا الى اتفاق وقف العمليات القتالية في سورية نهاية فبراير/شباط الماضي حيث كان مقرراً تشكيل مجموعة عمل مشتركة في جنيف وعمان لتبادل المعلومات الاستخباراتية والخرائط لاستهداف «النصرة» (قبل أن تغير اسمها منتصف العام) ثم قيام الجيشين الأميركي والروسي بغارات مشتركة ضد التنظيم. لكن اتفاق وقف العمليات القتالية فشل وقتئذٍ وفي مرة ثانية في سبتمبر/أيلول الماضي.

وبالتزامن مع توقيع موسكو وأنقرة في بداية العام مذكرة تفاهم عسكرية لشن غارات مشتركة كانت بدايتها قرب الباب شمال حلب لحماية فصائل «درع الفرات» المدعومة من الجيش التركي لطرد «الدولة الإسلامية»، بعد تردد واشنطن في تقديم الغطاء الجوي لهذه الفصائل وتفضيلها دعم «قوات سورية الديموقراطية» الكردية - العربية في عملية «غضب الفرات» لعزل «الدولة الإسلامية» في الرقة، فإن تنسيقاً بين أميركا وروسيا حصل لبدء قاذفات «بي 52» وطائرات من دون طيار في استهداف قياديين في «فتح الشام» بموجب «بنك أهداف» عنهم.

وبعد ساعات من توصل موسكو وأنقرة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا في نهاية الشهر الماضي استثنى «الدولة الإسلامية» و «فتح الشام»، بدأت حملة القصف. ووفق بيان لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، أسفرت الغارات عن قتل 250 عنصراً من «فتح الشام» منذ مطلع العام. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل «ما لا يقل عن 76 من عناصر فتح الشام وقيادييها في غارة على الفوج 111 في الريف الغربي لحلب، بينهم 49 سورياً و8 قياديين من جنسيات غير سورية». وتوقع ارتفاع عدد القتلى الى 130 جراء وجود «جرحى في حالات حرجة وجثث تحت أنقاض الدمار». وقال: «التحالف الدولي كانت لديه معلومات عن تجمع عناصر جبهة فتح الشام داخل المعسكر».

وكان لافتاً أن بعض حالات الاستهداف، كانت دقيقة الى حد أصابت عنصراً على دراجة نارية على طريق قميناس - سرمين في ريف إدلب الشرقي في 12 من يناير/كانون الثاني الجاري.

كما وثق «المرصد» مقتل «القيادي أبوالحسن تفتناز وقيادي شرعي آخر من ذويه في الاستهداف الذي جرى في السادس من الشهر الجاري في تفتناز في ريف إدلب الشرقي من قبل طائرات من دون طيار»، إضافة الى «25 عنصراً آخرين من ضمنهم 7 قياديين على الأقل في الضربات الجوية من طائرات التحالف والتي استهدفت أحد أكبر مقرات جبهة فتح الشام الذي يشمل مركز احتجاز قربه في سرمدا في ريف إدلب الشمالي قرب حدود تركيا». وشملت قائمة الاستهداف قياديين في «الجيش الإسلامي التركستاني» الذي يضم عناصر من الصين، كان بينهم «أبوعمر التركستاني» أحد القادة الأربعة الأبرز في «الحزب الإسلامي التركستاني».

واعتبرت «فتح الشام» هذه الاستهدافات «رسالة واضحة أن خيار أميركا هو نظام (الرئيس) بشار الأسد لا الثورة والشعب وأنهم والروس سخّروا قوتهم العسكرية للنيل من صبر أهلنا في دعمهم للمجاهدين ومطالبهم بإسقاط نظام الأسد وحلفائه». كما انها شنت في بيان منفصل حملة ضد مفاوضات أستانة، واعتبرت المشاركة فيها «قبولاً ببقاء النظام والأسد».

و«فتح الشام» أحد الفصائل المنضوية في «جيش الفتح» الذي يضم 7 فصائل بينها «أحرار الشام» ويسيطر على محافظة إدلب منذ ربيع العام الماضي، ونظراً للتداخل الميداني والعقائدي بين «فتح الشام» و «أحرار الشام» اختارت الأخيرة عدم الذهاب الى أستانة تجنباً لصدام ميداني، لكنها قالت انها «تؤيد» المشاركين ذلك قبولاً لضغوطات من حلفائها الإقليميين. غير أن هذا أدى الى احتمال انقسام في «أحرار الشام» وخروج تيار متشدد وقريب من «فتح الشام» من جهة مقابل بدء انشقاق قياديين من «فتح الشام» بينهم عضو في مجلس الشورى والمسؤول الاقتصادي العام ومسؤول عسكري في حلب اللذان خرجا من التنظيم بسبب «التشرذم الذي وصلت إليه الساحة».

ويشارك في مفاوضات أستانة قياديون في «جيش ادلب الحر» بينهم «فارس بيوش» و«أحمد سعود»، الذي دخل في مواجهات مع «النصرة» في مارس/أذار الماضي. وساهمت ضغوط خارجية ومن نشطاء في تشكيل هيئة سياسية في إدلب، إضافة الى انتخاب مجلس محلي الثلاثاء الماضي على حساب تراجع دور القوة العسكرية في إدلب، وسط أنباء عن تفاهمات روسية - تركية لدعم مجالس محلية في مناطق المعارضة بما فيها إدلب.

ميدانياً، انعكست المشاركة في أستانة وبدء استهداف «فتح الشام» وإعادة تموضع فصائل عسكرية مع حديث عن وقف النار والذهاب الى حل سياسي بظهور توتر وصدامات بين فصائل عدة في ريف إدلب شملت مواجهات بين «أحرار الشام» و «جند الاقصى» في جبل الزاوية وبين الأولى و «فتح الشام» قرب حدود تركيا التي ضغطت على فصائل (13 فصيلاً) للمشاركة في أستانة وهددت بقطع الدعم والتمويل وإغلاق بوابات حدودية تسيطر عليها فصائل مقاتلة وتعتبر مصدر تمويل رئيسياً.

وتدخل قائد «صقور الشام» «أبوعيسى» الشيخ أمس لمطالبة «فتح الشام» بعدم الانحياز إلى «جند الأقصى». وأعلن عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية لمواجهة هذا التنظيم وسط أنباء عن وجود خلايا تابعة لـ «الدولة الإسلامية» تريد التمدد الى إدلب.

وقال «أبوعيسى»: «اليوم مفترق طرق ولن نرجع عن استئصال (داعش) الصغرى. على فتح الشام ألا تكيل بمكيالين وأن تقف من الجميع بمسافة واحدة».

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

قائمة اغتيالات أمريكية قياديون فتح الشام