استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مرة أخرى عن «ترامب» وإيران

الأحد 5 فبراير 2017 12:02 م

ما الذي ستفعله الإدارة الأمريكية ولم تفعله الإدارات الأمريكية المتعاقبة ضد إيران؟ ... وما الذي يدعوها للاعتقاد بأن العودة للتشدد في السياسة والمواقف ضد طهران، سوف يأتي بنتائج مغايرة؟ ... ثم، ما الذي تريده واشنطن على وجه التحديد من إيران؟ ... وكيف يمكن لها أن تحقق مرادها؟ ... وهل يستقيم التصعيد الأمريكي ضد الجمهورية الإسلامية مع اعتبار واشنطن للحرب على “داعش” والإرهاب، أولى أولوياتها؟

طوال سنوات وعقود، جربت الولايات المتحدة فرض عقوبات مشددة على إيران، ونجحت في تحشيد رأي عام دولي ضدها، وتحولت العقوبات الأمريكية ضد طهران، إلى عقوبات دولية / أممية شاملة ... لم تمت إيران ولم تخضع، واصلت برنامجها النووي، وتوسع دورها الإقليمي، وأعادت تكييف بنيتها الاقتصادية مع منظومة العقوبات، إلى أن بدأت هذه المنظومة بالتفكك مع التوقيع على اتفاق فيينا النووي، الذي وصفه محمد جواد ظريف بـ “اتفاق رابح – رابح”.

اليوم، لن يكون بمقدور إدارة ترامب، فرض أطواق العزلة والحصار والعقوبات على إيران بالشدة ذاتها التي فعلتها الإدارات السابقة، لا روسيا ولا الصين، والمؤكد أن أوروبا، لن تجاري واشنطن في مسعاها هذا، وهناك اعتقاد جازم لدى الوكالة الدولية للطاقة النووية، بأن إيران ملتزمة بالبرنامج النووي، وأن برنامجها وتجاربها الصاروخية، لا تشكل انتهاكا لاتفاقها مع مجموعة “5 + 1”، ما يعني أن سلاح المقاطعة الأمريكي المثلوم، لن يجدي نفعا هذه المرة أيضا، دع عنك التقارير والمراجعات الدولية، التي أظهرت عجز المقاطعة (عموما) عن أن تكون سلاحا ماضيا ضد الدول التي فرضت عليها، بدلالة صمود كوبا لأكثر من ستة عقود في مواجهة العقوبات والحظر والحصار الاقتصادي الأمريكي.

وربما لهذا السبب بالذات، تبدو التهديدات الأمريكية، على جديتها، موجهة للاستهلاك المحلي، وفي أحسن الأحوال، رسائل طمأنينة لحلفاء واشنطن وأصدقائها الذين طالما اشتكوا من ضعف إدارة أوباما وترددها – على حد تعبيرهم – وهذا ما نقرأه بوضوح في “تغريدات” دونالد ترامب الساعية في بناء صورة “الزعيم القوي والحاسم”، وتكراره المتكرر لعبارة “أنا لست أوباما” ... من دون أن يعني ذلك أن هذا التصعيد لن يتنزل على ساحات المواجهة الإقليمية، لكن حسابات الحقل لن تتطابق مع حسابات البيدر في نهاية المطاف.

ما الذي تريده واشنطن من طهران؟

الأغلب أن إدارة ترامب، تراجعت عن إلغاء الاتفاق النووي أو الانسحاب منه أو الدعوة لفتحه وتعديله ... ما يهم واشنطن، ربما نيابة عن تل أبيب وبعض العواصم الحليفة، هو أن تحد من دور إيران الإقليمي... هنا لن تستطيع واشنطن أن تعمل وحدها، أو أن تضمن النتائج ... في العراق، لا قبل لواشنطن على شطب النفوذ الإيراني، هذا الأمر تجاوزته تجربة السنوات الأربعة عشرة الفائتة ... وستحتاج واشنطن لجهود حلفائها في المنطقة، من أجل تحقيق أهداف لن تتعدى في خواتيمها إضفاء بعض التوازن على النظام السياسي العراقي في مرحلة ما بعد داعش ... إيران ستكون قادرة على التكيف مع سيناريو من هذا النوع.

في سوريا، ستحتاج إدارة ترامب لموقف روسي متفهم لسياسة تقليص أو شطب الدور الإيراني، وهذا لن يحصل برغم كل المؤشرات الدالة على احتمال تقارب روسي – أمريكي حول هذا الملف ... لإيران قيمة في الحسابات الروسية، تتخطى سوريا ونفوذها فيها، وهي حفظت علاقاتها مع طهران، في ذروة التصعيد الأمريكي – الإيراني...

وروسيا المرتاحة لمجيء ترامب وإدارته، لن تنام على حرير “التغريدات” الهوجاء لترامب، فيما مندوبته إلى مجلس الأمن، تتوعد روسيا بالعقوبات وغيرها، وتعيد فتح ملف شبه جزيرة القرم، الذي كاد المجتمع الدولي أن ينساه بعد أن سلم بـ “روسية” الإقليم.

ثم أن لإيران قوات على الأرض في سوريا، لن تعوضها روسيا بقوات من الجيش الذي كان “أحمرا” ... سيتحمس كثيرون لنهج التصعيد الترامبي ضد إيران، وسيستقوون به في إدارة بعض الملفات في سوريا واليمن، وربما في لبنان، لكن من سيقرر النتائج الختامية في نهاية المطاف، هي القوى الموجودة على الأرض، وتوازناتها الميدانية، وطالما ظلت واشنطن على نهجها الثابت بعدم إرسال مزيد من القوات على الأرض في سوريا والعراق وغيرهما، فستظل للأطراف الإقليمية أدوارا يصعب تخطيها أو القفز من فوقها.

ستصطدم إدارة ترامب آجلا، والأرجح عاجلا، بأن فتح الجبهات على إيران وحلفائها، لا يستقيم مع "أولوية الحرب على داعش والإرهاب.. هذا ما أدركته إدارة أوباما بعد فترة من التردد والمراوحة.

وهذا ما تحدثت به مراكز أبحاث عديدة، رأت في “الإسلام الراديكالي السني” تهديدا أكثر خطورة وجدية لأمن بلدانها واستقرارها، من تهديد “الإسلام الشيعي الراديكالي” الذي وإن تورط في أعمال إرهابية في بعض الدول، إلا أنه ليس من صنف “الإرهاب المعولم”، بل أن البعض اقتراح تعاونا مع إيران وحلفائها في الحرب على “الإسلام الراديكالي العنيف” الذي يختلف كثيرون في تعريفه ووضع قوائمه ورسم خرائطه.

سنكون أمام موجة إقليمية واسعة من التصعيد والمواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وبين إيران وحلفائها من جهة ثانية، وسنشهد عودة أنشط لمحاور واصطفافات قديمة، وقد تتشكل محاور جديدة، وستقف دول كبرى وإقليمية في منزلة وسط في هذا الصراع (روسيا وتركيا، وربما مصر)، وستدفع شعوب المنطقة ومجتمعاتها أثمانا باهظة لهذه الجولة التصعيدية، قبل أن تعود الأطراف للاقتناع من جديد، بأن "الإلغاء" و"الشطب" ليس خيارا، وأن "الحسم العسكري" ليس نزهة قصيرة، وأن البديل الوحيد لفوضى الاحتراب المذهبي وصراعات المحاور وحروب المعسكرات المتقابلة، هو السير بخطى حثيثة نحو منظومة إقليمية للأمن والتعاون.

* عريب الرنتاوي - محلل سياسي رئيس مركز القدس للدراسات السياسية

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

أمريكا إيران ترامب داعش الإرهاب العقوبات الإسلام السني الإسلام الشيعي