دمشق.. «مدينة النساء والعسكر» بلا «رجال»

الأربعاء 8 فبراير 2017 07:02 ص

«مدينة النساء والعسكر».. هكذا يتحدث أهل دمشق السورية، عن مدينتهم التي اختفى منها رجالها نتيجة الحرب والتشتت الأسري والهجرة والنزوح والاعتقال.

صحيفة «القدس العربي» قالت إنها سارت في شوارع مدينة دمشق لمسافات طويلة، فلم تشاهد سوى العشرات من النساء والفتيات والكهول، وصادفت بينهم رجلا هنا وآخر هناك، ناهيك عن العسكر والشرطة والأمن، وقد ملأوا أرجاء المدينة، أما عن الشباب فحدث عن قلتهم بل وندرتهم ولا حرج في ذلك.

وبحسب الصحيفة، فإن للتشتت الأسري الناتج عن الحرب الدائرة منذ 6 سنوات، والهجرة والنزوح للشبان خوفا من القتل أو الاعتقال أو السحب إلى الخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام، وما أفرز ذلك من اتساع لرقعة التفكك الحاصل في النسيج الاجتماعي، كلها عوامل غيّرت وجه المدن والقرى الثائرة على وجه الخصوص.

وفي دمشق، تقول السيدة «مريم أم عصام»: «لا نرى في الأسواق إلا ازدحام النساء والفتيات وقليلا من الكهول، أو الشبان المقعدين ممن يعانون عاهات دائمة بفعل الحرب والقصف وانفجار القنابل».

وأضافت السيدة الخمسينية، والتي تشكو حالها بعد هجرة ابنها الوحيد إلى أوروبا، عقب اعتقاله من قبل عناصر الفرقة الرابعة في ريف دمشق، أن «القارة العجوز استقبلت ثروة الوطن، وكسبت الشبان والرجال ممن عبروا البحر، مهاجرين إليها باحثين عن وطن جديد آمن لا خوف فيه».

تجنيد إجباري

بعد أن جند النظام السوري شباب دمشق، محاولا سد النقص الحاصل لديه، على جبهات القتال، وزج من بقي من شبان المحافظة، في الخدمة الاحتياطية التي تستقبل كل من هو قادر على حمل السلاح من فوق الـ 18 عام وحتى 50، أصدر آلاف اللوائح، وعممها على الحواجز التي تقطع أوصال دمشق وغيرها، فأسهمت هي الأخرى بتقليص حركة البقية المتبقية من الشباب، وأجبرت النساء والفتيات على العمل بكل مناحي الحياة، بحسب الصحيفة.

وبات شبح التجنيد الإجباري في سوريا كابوسا، وذلك في آخر حملات السحب لخدمة العلم والاحتياط التي تنفذها قوات النظام السوري، العام الماضي.

حيث سعى النظام لرفد قواته المحاربة بمزيد من المقاتلين عبر حملات اعتقال وتجنيد داخل العاصمة، وذلك بعد تزايد خسائر النظام للمقاتلين في صفوفه، والتي قدرها المرصد السوري لحقوق الإنسان بنحو خمسين ألفا من القوات النظامية و35 ألفا من القوات الرديفة (كالدفاع المدني واللجان الشعبية).

فرار

من جهة ثانية، فر غالبية شبان دمشق سابقا إلى الأرياف والقرى التي ثارت على حكم «بشار الأسد»، وجرت تعبئة قسم منهم في صفوف قوات المعارضة، وكتائب الثوار الذين هجروا أخيرا إلى الشمال السوري، بحكم تعميم المصالحات والهدن في تلك المناطق، فغلب على مدينة دمشق وطوقها العنصر النسائي.

وباتت النساء مسؤولةً عن عائلتها بالمطلق، ومن ضمن اهتماماتها البحث عن منزل واستئجاره والإشراف على نقل الأثاث والتعاطي مع العمال وموظفي الكهرباء والماء وغيرها من التفاصيل التي كانت ضمن اختصاص زوجها.

رغم أن الكثيرات يحلمن باللحاق بأزواجهن وانتهاء إجراءات لمّ السفر، لكن البعض لم يكن راغبات في الأصل بسفر أزواجهن، وهنّ يتمنين من أعماقهن عودة الأزواج وعدم اللحاق بهم.

انقسام

بدورها، قالت الناشطة الإعلامية «فادية موصللي»، وهي طالبة جامعية: «تعتمد غالبية العائلات الدمشقية أو من نزح إلى العاصمة من قرى وبلدات ريف دمشق والمحافظات الأخرى، على النساء بشكل كبير في تأمين مستلزمات المنازل اليومية، وصولاً لتأمين الإيجارات الشهرية للبيوت، بحكم أن الأخيرة قد بلغت مستويات غير مسبوقة».

وأضافت «موصللي»: «غالبية ربات المنازل يعملن اليوم في المهن اليدوية والأعمال الحرة كالخياطة، والمحال التجارية وغيرها، من الأعمال لتفادي العوز والفقر»، مشيرة إلى أن «بعض الطالبات يعملن كذلك خارج أوقات الدوام الجامعي لمساندة عوائلهن مالياً، من خلال العمل في بعض المكاتب والمقاهي».

وبيّنت الناشطة الإعلامية إلى أن «العاصمة اليوم، مقسومة إلى شطرين، الأول مرتاح مالياً وذو وفرة اقتصادية، ومهما بلغت الأوضاع الاقتصادية من درجات السوء فإنها قادرة على التماشي معها، وغالبية عائلات هذا القسم، هم من أصحاب النفوذ والسلطة، أو عائلات كبار التجار الدمشقيين.

أما القسم الآخر، فهم السواد الأعظم في دمشق، ومن أصحاب الدخل المحدود، وغالبيتهم يمكن تصنيفهم على إنهم عائلات فقيرة، فشبابهم تعرضوا للاعتقال، والحياة اليومية تستنزف قواهم، جراء الوضع الاقتصادي المتردي».

ولئن كانت نسبة الرجال إلى النساء في دمشق، هي واحد لكل سبعة نساء منذ حوالي السنة، فهذه النسبة انخفضت كثيرا خلال الأشهر الماضية، حتي باتت «مدينة بلا رجال».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دمشق نساء تجنيد إجباري سوريا بشار الأسد عسكر