استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأردن.. عـام التحـولات الكـبرى!

الأربعاء 5 أبريل 2017 02:04 ص

سيكون العام الحالي 2017 حافلاً بالفعل  بالأحداث والتطورات الإقليمية الكبرى، التي تعيد ترسيم المنطقة من حولنا – في الأردن-، وتشكيل هويتها الثقافية والسياسية بصورة هائلة!

على ماذا تستند هذه "الفرضية"؟

على مؤشرات ومتغيرات عديدة، في مقدمتها، تداعي دولة "داعش" في العراق، واقتراب نهاية معركة الموصل (من المتوقع صيف هذا العام)، والتحضير الجدّي لمعركة الرقّة، من قبل الأميركيين ومعهم الأكراد كطرف رئيس، وأطراف دولية وعربية أخرى، ما يعزز التنافس على "تركة الرايات السود"، من قبل الأطراف الإقليمية والمحلية المختلفة.

 وإذا كانت الأمور في العراق أكثر وضوحاً في استلام الحكومة تركة أغلب المناطق التي سينحسر عنها "ظل التنظيم"، فإنّ المشهد السوري أكثر تعقيداً، وحجم الصراع الخارجي والداخلي فيه أكبر، على أكثر من صعيد، بين الأكراد والأتراك وإيران، وبين المعارضة والنظام، والأميركان والروس.

 خلال الأيام الماضية بدأت رؤية ترامب تتوضّح أكثر بخصوص الملف السوري، وإذا كان هنالك خلاف جوهري بينه وبين الرئيس السابق أوباما، فيتمثّل بأن الإدارة الجديدة لا تنوي التسليم بالنفوذ الروسي- الإيراني في سورية، بل تسعى إلى خلق نفوذ موازٍ يحمي المصالح الأميركية من جهة، ويقطع الطريق على مشروع إيران ببناء "الهلال الإيراني"، عبر دعم الأكراد والقوى الحليفة لواشنطن في سورية، وتوسيع مناطق النفوذ والعمليات العسكرية.

 التطبيق العملي بدأ فعليأً لتنفيذ خطة ترامب المزدوجة - أولاً هزيمة داعش عسكرياً، وثانيأ تحجيم إيران في سورية- عبر تعزيز القوات الأميركية في سورية، والتسريبات التي تتحدث عن إعادة تأهيل مطار الطبقة العسكري، بعد إنهاء داعش فيه تماماً، لتستخدمه الطائرات الأميركية في معركة الرقة، وربما لاحقاً دير الزور، لكن الهدف الرئيس، بأن يكون قاعدة دائمة للأميركيين يضاف إلى المطارات المستخدمة حالياً في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، ومن المتوقع أن يصبح العدد 4 مطارات عسكرية أميركية في سورية ضمن قواعد عسكرية، وتحالف وثيق مع الأكراد.

 وفي الحديث عن الأكراد، فهم اليوم قوة صاعدة بقوة، في كل من العراق وسورية، وإذا كان هنالك حديث عن النفوذ الإيراني المتنامي، في المنطقة، فإنّ "المارد الكردي" بدأ يفك قيوده ويستعد للحظة تاريخية جديدة، ليس فقط في العراق، بل حتى في سورية، مع الاعتماد المتزايد من قبل الأميركيين عليهم، ودعمهم، والانحياز أكثر لهم من تركيا!

 القوة الكردية الصاعدة، حتى وإن لم تتأطر على شكل دولة واحدة ممتدة، أو حتى إعلان لدول، فإنّ ما سيحصده الأكراد في سورية لن يقل – بالضرورة- عما حققه أقرانهم في العراق، من حكم لا مركزي، وربما فدرالي، ذاتي، وشبه كيانات سياسية مستقلة، تتولّد في رحم الجغرافيا السياسية العربية، وتعيد إحياء الهوية والثقافة الكردية!

ضمن هذه الاعتبارات يقف الأردن أمام مشهد محيط جديد بالكلية تماماً، يستدعي إعادة تفكير جدية وحقيقية بما يمسّ أمننا الوطني ومصالحنا الاستراتيجية مع العراق وسورية، بدرجة رئيسة، وبالتوازي مع ذلك، التطورات المتوقعة الوشيكة في المناطق المحاذية للحدود الأردنية- العراقية- السورية، ما قد ينعكس على الأردن.

 

الأردن والقادم السوري

ضمن هذا الإطار العام من التحولات، كيف يمكن أن يفكّر "مطبخ السياسات" في عمان، على صعيد الأمن الوطني والمصالح الحيوية لنا في الجوار، وفي المسار المطلوب بهذا الخصوص؟

من المفترض، كما ورد على جدول أعمال البيت الأبيض، أن يكون الملف السوري أساسياً، على طاولة اللقاء، الذي جرى أمس، بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكما ذكرنا بأمس فإنّ هنالك تحوّلاً جوهرياً في السياسة الأميركية تجاه سورية، على صعيد إعادة تعريف الأهداف والمصالح الأميركية في سورية، لتأخذ هدفاً مزدوجاً؛ الأول أوليّة القضاء على داعش عسكرياً، والثاني تحجيم النفوذ الإيراني، ما يعني تغيّراً في المقاربة من عدم التدخل والاكتفاء بالضربات الجوية ضد التنظيم ودعم المعارضة والأكراد، إلى إيجاد مناطق نفوذ وقواعد عسكرية في داخل الأراضي السورية.

هذا التطوّر الأميركي سينعكس على الرؤية الأردنية، بالضرورة، بخاصة في مجال الحرب على داعش، إذ أنّ التصوّر الأردني يقوم على فرضية قوية، تتمثل في أنّ الضغط على التنظيم في الموصل والرقة بصورة قاسية، كما يحدث حالياً، سيؤدي إلى "انحياز" أعضائه إلى البادية السورية، واقترابه من الحدود الأردنية، من ريف دير الزور إلى حمص، مروراً بالسويداء وصولاً إلى الركبان، ووفق المنظور الأمني الأردني فإنّ المعركة الأخيرة مع التنظيم ليست في الموصل ولا الرقة، بل هي في "بادية الشام"، بما في ذلك المنطقة المحاذية للأردن.

ذلك سيقتضي، بالضرورة، وجود تصوّر أردني للتعامل مع خطر أكثر سفوراً ووضوحاً في المرحلة القادمة، في الجوار، ما يعني استعداداً عسكرياً أكبر، وتطويراً للخطط العسكرية في مواجهة التنظيم، وهو سيناريو سبق أن أشار إليه الملك في لقائه مع الكتّاب الصحافيين (في بداية العام الحالي)، لكن الجديد الآن أنّ الرؤية الأميركية باتت أكثر وضوحاً، والعمليات العسكرية ضد التنظيم أخذت مستوى مكثفاً أعلى، ما يعني أنّنا أمام "العد التنازلي" لهذا السيناريو.

القضية السورية الثانية، على جدول أعمال الملك وترامب، تتمثّل في المناطق الآمنة، وهي فكرة طرحها ترامب في بداية عهده، ثم اختفت من خطابه، وبدت الأمور وكأنّ الأميركيين نسوها تماماً، بالرغم من أنّ الملك ناقشها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما في موسكو (قبل توجه الملك إلى واشنطن في زيارته السابقة، ولقائه الأول بالرئيس الأميركي ترامب)، وكان المفروض حينها إنضاج تعريف واضح عملي توافقي أميركي- روسي- أردني لمفهوم المناطق الآمنة، والمساحة الجغرافية التي ستشملها.

 ليس واضحاً بعد فيما إذا كان هنالك إمكانية بالفعل لبناء هذا التوافق، مع وجود طرف آخر معارض بقوة لذلك، وهم الإيرانيون، وربما ذلك يفسّر اشتعال جبهات القتال في درعا، خلال الفترة الأخيرة، في محاولة لإفشال تلك الفكرة، التي يرى فيها الإيرانيون استنساخاً لدرع الفرات، وللدور التركي في المناطق الشمالية.

بالرغم من ذلك، فإنّ الفكرة الأردنية لها أساس أقوى، يتمثل في اتفاق وقف إطلاق النار النسبي، المطبق، منذ عام تقريباً، بتفاهمات أردنية روسية، وهو الاتفاق الذي يمكن تطويره ليصبح هو نفسه الأساس الصلب لفكرة المناطق الآمنة، بضمانات أميركية- روسية، ما قد يساعد على عودة نسبة من اللاجئين السوريين من الأردن إلى درعا، إلى حين إيجاد الحل السياسي في سورية.

 لكن، كما قلنا، فإنّ هذه الفكرة يعارضها الإيرانيون ويحاولون إفشالها من جهة، وتواجه من جهة ثانية تحدّي تعزيز علاقات الأردن بالفصائل في درعا والجنوب السوري عموماً وإقناعهم بالرؤية الأردنية، وإيجاد صيغة سياسية وأمنية وتنموية قادرة على تقديم البديل في المرحلة القادمة.

* د. محمد سليمان أبورمان باحث بـ"مركز الدراسات الاستراتيجية" بالجامعة الأردنية.

المصدر | الغد الأردنية

  كلمات مفتاحية

2017 عام التحولات الكبرى الأردن العراق ترسيم المنطقة العربية سوريا أكراد سوريا