هل تنقل السعودية المعركة إلى إيران بمباركة أمريكا؟

الأحد 7 مايو 2017 05:05 ص

تشير تصريحات ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» الخطيرة للغاية بشأن إيران، هذا الأسبوع، إلى موقفٍ أشد قسوة من المملكة يتجاوز الإدانة وقطع العلاقات التي وقعت في يناير/كانون الثاني عام 2016.

وجاءت تصريحات «بن سلمان» خلال مقابلة استمرت لنحو الساعة، مع بثٍ متزامن فى عدة محطاتٍ تلفزيونيةٍ عامة وخاصة فى السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وهي مقابلة واسعة الانتشار على نحو غير معتاد تؤكد أهميتها.

وتحدث ولي ولي العهد مطولًا عن العديد من القضايا المحلية والاقتصادية التي تهدف إلى معالجة المخاوف المحلية حول الاقتصاد السعودي. ثم انتقل إلى القضايا الإقليمية، وبطبيعة الحال، تحدث عن إيران.

وعندما سئل عن الحوار مع المنافس الإقليمي للسعودية، رفض أي احتمال مستقبلي للحوار، قائلًا: «كيف يمكنني إجراء حوار هادف مع فرد أو نظام له قناعة راسخة بأنّ نظامه مبنيٌ على عقيدة متطرفة منصوص عليها في دستوره»، وأكد على أن عقيدة الخميني تنص أن عليهم السيطرة على العالم الإسلامي ونشر مذهبهم الجعفري الاثني عشري في كل العالم الإسلامي حتى وصول المهدي.

وعلق «بن سلمان» على ما ذكره العديد من المحللين والمراقبين في دول مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ علني وحذروا منه، لكن لم يناقشه مسؤولٌ سعوديٌ بهذه العلانية.

وأضاف: «نعرف أنّ هدف النظام الإيراني هو الوصول إلى مكة»، مضيفًا: «لن ننتظر حتى تكون المعركة داخل السعودية، وسنعمل على أن تكون المعركة داخل إيران وليس السعودية».

إجماع إقليمي مضاد لإيران

لم تكن لتخرج هذه النوعية من التصريحات بشكلٍ عشوائيٍ من ولي ولي العهد الذي يشغل العديد من المناصب الرئيسية في المملكة العربية السعودية.

وأهم شيء، أنّه وزير الدفاع، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وفي أواخر الشهر الماضي، تمّ إنشاء مركزٌ للأمن القومي يخضع للديوان الملكي الذي يشرف عليه.

وتأتي تصريحاته وسط توافقٍ إقليميٍ، بدعمٍ من الولايات المتحدة، يتشكل ضد إيران.

وفي منتصف مارس/آذار، أدانت جامعة الدول العربية بشدة أعمال إيران في المنطقة. وبحلول نهاية الشهر، وصفت القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، إيران، أمام الكونغرس، بـ «التهديد الأكبر» في الشرق الأوسط، وطالبت باتخاذ إجراءاتٍ أكثر صرامة ضدها.

وعقب عودة «بن سلمان» من رحلته إلى الولايات المتحدة، والتي اعتبرها الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» نقطة تحول، نحت وزارة الخارجية المصرية التوترات السعودية المصرية الأخيرة جانبًا، مؤكدةً على «الأهمية الاستراتيجية» للعلاقات بين الدولتين الكبيرتين في العالم العربي، وانتقدت تدخل إيران في المنطقة.

كما وردت تقارير عن احتمالات إنشاء «ناتو شرق أوسطي» يضم حلفاء عرب للولايات المتحدة و(إسرائيل) بهدفٍ محدد وهو مواجهة إيران.

مشاكل إيران الداخلية

ولم يكن «بن سلمان» أول من يتحدث عن نقل المعركة إلى إيران.

فقد تحدثت مستشارة الأمن القومي الأمريكي، «كاتلين مكفارلاند»، مرارًا وتكرارًا عن الغضب المحلي داخل إيران. وقد اقترحت على وجه التحديد استغلال التطلعات غير الملباة لدى الشباب الإيراني، والتي تعوقها الرقابة على الإنترنت.

وقالت «ماكفارلاند»: «يمكننا القضاء على الجدار السيبراني في أي وقتٍ نريده، ومن ثم يمكننا التعامل مع سكانكم».

وأضافت: «لقد وعدوا شعبهم بالكثير، وإن لم يتمكنوا من تحقيق ذلك، سيواجهون مشاكل أمنية داخلية».

وفي حديثه، أدلى «بن سلمان» بتصريحاتٍ مماثلة عن خيبة أمل الشباب الإيراني، حيث قال أنّ إيران قد حرمت من التنمية لمدة 30 عامًا، وسعت بدلًا من ذلك وراء الفكر المتطرف والتوسع.

إن التطلعات غير الملباة لشباب إيران من أجل الحرية ومستويات معيشة أفضل، ربما تم التعبير عنها بشكلٍ واضحٍ بعد إعلان انتصار «محمود أحمدي نجاد» لفترة ثانية بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009.

وقد اندلعت احتجاجات بعد اتهاماتٍ بالاحتيال والانتهاكات الواسعة النطاق في العملية الانتخابية. وقاد الاحتجاجات مرشحو المعارضة في الانتخابات، «مير حسين موسوي» و«مهدي كروبي»، وأصبحوا يعرفون باسم «الحركة الخضراء». وقد قوبل الملايين من الإيرانيين الذين نزلوا إلى الشوارع، في نهاية المطاف، بالقوة الغاشمة لقوات الأمن الإيرانية، الأمر الذي أدى إلى العديد من القتلى، وأعقب ذلك اعتقال مئات الأشخاص، من بينهم شخصيات سياسية بارزة.

واليوم، لا يزال «موسوي» و«كروبي» قيد الإقامة الجبرية، ولا تزال التوترات بين الفصائل الأكثر تحررًا، أو الإصلاحيين، والمحافظين تثير الجدل وتدفع إيران نحو مزيدٍ من الاستقطاب.

وقال «حسن عباسي»، وهو ضابط فى قوات الحرس الثوري، واستراتيجى محافظ، فى كلمةٍ مؤيدة لدعم «إبراهيم رئيسي»، أنّ «موسوي» و«كروبي» والرئيس السابق «محمد خاتمي» «سيمثلون فى المستقبل القريب أمام المحكمة ثم سيعدمون».

التمييز العرقي والديني

يمكن للمرء أن يسهب كثيرًا في إسكات وقمع المعارضة التي لا تزال تمارس داخل إيران. غير أنّ هذه التوترات ليست المصدر الوحيد لضعف النظام الإيراني.

إنّ إيران بلدٌ متعدد الأعراق واللغات والديانات، وهو التنوع الذي لا يحترمه النظام دائمًا. ويتعرض السنة في إيران، وعددهم بالملايين، لمعاملة سيئة وقاسية، ولا يوجد لهم حتى مسجد واحد في طهران أو أي من المدن الكبرى مثل أصفهان وشيراز ومشهد. وتدمر السلطات بانتظام الأماكن الخاصة التي ينشئها السنة بعيدًا عن أنظار العامة.

ولدى إيران أيضًا عددٌ كبير من السكان الأكراد الذين يحصلون على نصيبهم من القمع. وبالمثل، أعرب عرب الأهواز، وهي منطقة تقع جنوب إيران على الحدود مع العراق، في كثيرٍ من الأحيان عن تعرضهم للعنصرية والتهميش، على الرغم من أنّ التمييز لا يستند إلى الدين لأنّ أغلبيتهم من الشيعة. وبالمثل، فإنّ البلوش في الشرق، والذين يعيشون في المناطق الأكثر فقرًا في البلاد، يواجهون القمع ولديهم منظماتٍ انفصالية متشددة هناك.

وهذه كلها نقاط ضعفٍ خطيرة بالنسبة للنظام الإيراني يمكن استغلالها من قبل الخارج. وبدعمٍ من الولايات المتحدة، يمكن للسعودية العمل بشكلٍ جيد على اقتراح «بن سلمان» في المستقبل. وإذا حافظت إيران على سياساتها في المنطقة، فلن يكون ذلك مستغربًا.

وهناك أصوات داخل دول مجلس التعاون الخليجي دعت بالفعل إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء. وهذه المرة، قد لا تكون الدبلوماسية الإيرانية الماهرة كافية لوقف هذه الأصوات، وقد يكون من الضروري لها إحداث تغييرٍ في سياساتها الإقليمية.

  كلمات مفتاحية

إيران السعودية الأهواز محمد بن سلمان