في مثل هذا اليوم، كانت رائدة الفضاء الروسية «فالنتينا تيريشكوفا»، التي انطلقت يوم 16 يونيو/حزيران عام 1963 على متن مركبة «فوستوك 6» الفضائية، هي أول امرأة في التاريخ تتمكن من الصعود إلى الفضاء.

وقد اختيرت «تيريشكوفا» لهذه المهمة، من بين أكثر من 400 متسابقة، وذلك على أساس خبرتها في القفز المظلي، وقبل البدء بالمغامرة خضعت لشهور من التدريبات والفحوص للتأكد من استجابتها الجسدية لرحلات الفضاء. وبعد التجارب الشاقة اختيرت هي وأربع من زميلاتها في القائمة المختصرة، إلا أن الرئيس  السوفييتي حينها «نيكيتا خروتشوف» أعلن بنفسه عن تفضيل «تيريشكوفا»، وذلك لأنه «أحب ابتسامتها ورأى أنها يمكن أن تكون أحد وجوه الدعاية السوفييتية في سباق الفضاء مع الولايات المتحدة الأمريكية».

وقيل عن الشابة الروسية حينئذ، إنها أخفت مهمتها عن أصدقائها ووالدتها، وأنها خلال الرحلة أصيبت بالغثيان داخل المركبة، وبحسب يوميات رئيسها في التدريب «نيكولاي كيامانيان»، فقد نامت بكثرة وفشلت في التواصل مع المراقبة الأرضية.

وقد استغرقت مهمة «تيريشكوفا» 3 أيام، ودارت حول الأرض 48 مرة، والتقطت صورًا من الأفق استُخدِمَت فيما بعد لدراسة الغلاف الجوي. وعادت «فالنتينا تيريشكوفا» إلى الأرض بسلام لتكرم في مدينتها بموكب سيارة مكشوفة مكللة بالورود، واستقبلت مثل الملكات، ووضعت صورها على الطوابع، وأصبحت رمزًا وطنيًا للمساواة كونها أول امرأة في العالم تصل إلى الفضاء.

وولدت تيريشكوفا يوم 6 مارس/آذار 1937 في قرية صغيرة وسط روسيا، وعاشت حياة فقيرة في بيت خشبي، وكان والدها يعمل سائقًا لجرار زراعي، ووالدتها كانت تعمل في مصنع للغزل والنسيج، وتوفي والدها «فلاديمير» حرقًا في دبابته على الحدود الفنلندية خلال مشاركته في الحرب العالمية الثانية، وهي لم تتجاوز الثانية من عمرها.

وعلى غير العادة، بدأت تيريشكوفا الدراسة في الثامنة من عمرها وتركتها في الـ17 لمساعدة أهلها، ولتعمل مع والدتها في مصنع للغزل والنسيج، ثم أكملت دراستها بالمراسلة.

وقد عُرفت بإرادتها القوية ورغبتها في فعل شيء مميز في الحياة، وانضمت إلى أكاديمية سلاح الجو «جوكوفسكي»، وتخرجت بدرجة امتياز كرائد فضاء مهندس، وفي عام 1977 حصلت على دكتوراه في الهندسة.

تزوجت من زميلها رائد الفضاء «أدريان نيكولايف»، وأقيم حفل زواجهما في أرقى قصر للأعراس بالعاصمة موسكو وبحضور الرئيس السوفييتي «نيكيتا خوروتشوف»، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة «إيلينا». وبشكل مفاجئ انفصلت عن نيكولايف عام 1982، ثم تزوجت بعدها بجراح العظام «يولي شابوشنيكوف» الذي توفي عام 1999.

واختيرت «تيريشكوفا« لمناصب مدنية وسياسية عدة، ومثلت الاتحاد السوفييتي في مناسبات دولية عدة، كمندوبة لدى مؤتمر الأمم المتحدة للسنة العالمية للمرأة في العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي 1975.

كما تم إطلاق اسمها على حفرة في القمر، ونشرت صورها على الطوابع ووضعت صورتها على القبة الفلكية عند مدخل مدينتها ياروسلافل.