استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

شروط طرح الأسئلة الصحيحة

السبت 22 يوليو 2017 04:07 ص

لا شيء يجعل الناس يقبلون علاج قضايا حياتهم بالصدمة تلو الصدمة، ويتعايشون مع كل فكر وتفسير لاعقلاني، ويدخلون في صراعات مريرة ضد بعضهم بعضا بحجة اختلافاتهم الدينية والطائفية والعرقية والجنسية. ولا شيء يجعلهم مهيئين لقبول كل ذلك أكثر من إدخالهم في حالة ذهنية مشوشة بسبب تلاحق الأحداث العبثية وغير المنطقية في حياتهم اليومية.

تشوش الذهن الذي لم يعد صاحبه يفهم ما الذي يجري حوله، ولا يدرك تفسيرات منطقية تدله على الأسباب والمسببات، وهو ما يحدث في اللحظة الراهنة للإنسان العربي. تلاحق الأحداث المأساوية عبر الأرض العربية كلها، والأوجاع العميقة التي تنتج عنها في النفس العربية تجعل لدى الإنسان العربي قابلية لقبول التفسيرات غير المنطقية والقصص التآمرية الخيالية، التي يبثها الكثير من الجهات الرسمية والكثير من الجهات المدنية التابعة لها.

فجأة أصبحت لدى الإنسان العربي المشوش الذهن، قبول كل ما يقال له عما يحدث في أقطار عربية، مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن ومصر ولبنان وفلسطين المحتلة، أو في مناطق، مثل الخليج العربي والمغرب العربي ووادي النيل. وما يقال أصبح ينحصر في شيطنة هذه الطائفة أو تلك، أو هذا الحزب أو ذاك، أو هذا الحاكم أو ذاك، أو هذه الدولة الإقليمية غير العربية أو تلك.

والنتيجة هي تلك الانقسامات الحادة بين الناس، وحروبهم ضد بعضهم بعضا، وخوفهم من بعضهم بعضا، وانشغالهم بتخوين بعضهم بعضا.

والرابحة في نهاية المطاف، والواقفة في زاوية تتفرج على كل ذلك وتقهقه، هي الجهات التي تقف وراء كل الاحداث، والتي تستفيد من صدمات كل تلك الاحداث، والتي يهمها أن تبقى النيران مشتعلة حتى تأكل الأخضر واليابس ويدخل العرب، كل العرب في تيه الإفناء الذاتي المجنون.

من هنا الأهمية القصوى لأن تطرح كل الجهات، التي خدعت وسيقت كالنعاج، على نفسها هذا السؤال:

من وما هي الجهات التي تستفيد إلى أبعد الحدود مما يحدث الآن في كل أرض العرب؟

هذا السؤال يحتاج أن يسأله المسلمون السنة والشيعة والزيدية والإباضية وغيرهم، أن يسأله القوميون والإسلاميون، أن يسأله العلمانيون والمتدينون، أن يسأله رؤساء القبائل، أن تسأله الحركات النسائية، أن يسأله الحقوقيون بكل أشكالهم.

وهذا السؤال لن يكون في الصميم وموجها إلى الجهات الحقيقية المسؤولة عما يحدث والمستفيدة مما يحدث، إلا إذا اتفق الجميع على تهدئة الصراع في ما بينهم إلى حين معرفة جواب ذلك السؤال، وبشرط ان يتحدث الجميع صواب الإجابات المزيفة الكاذبة التي تقدمها يوميا وسائل إعلام الجهات المستفيدة، حتى تبعد الشبهات عن نفسها، وتلقي اللوم على الجميع ما عدا نفسها.

قائمة الجهات المستفيدة، حسب تنوع الأحداث وتنوع أمكنة حدوثها، لا يمكن أن تخرج عن الشركات العولمية التي لها مصالح للاستيلاء على ثروات العرب أو بيعهم السلاح أو مزاحمة شركات أخرى، أو عن جهات حكم لها طموحاتها المجنونة في الحاضر، وتحتاج أن تحصل على المديح واستلام الأمور بيدها، أو عن المستفيد الأكبر والأعظم، مثل الكيان الصهيوني، أو عن صراعات النفوذ الدولي في هذه البقعة أو تلك، أو عن مؤامرات مؤسسات التجسس والاستخبارات الدولية أو المحلية الإقليمية.

لنلاحظ أن وسائل الإعلام التي تهيمن عليها الجهات المستفيدة لن تشير إلى أي من جهات القائمة، وإذا أشارت إليها في الحالات النادرة فإنها ستقرنها بالمواضيع الطائفية أو الدينية أو القبلية أو العرقية أو المناطقية، وذلك من أجل تشويه أفكار الناس وإبعادهم عن معرفة المستفيدين الحقيقيين.

سياسة فرق تسد لها ألف وجه ووجه وألف أداة وأداة. وهي مجربة وناجحة إلا إذا ووجهت بطرح الأسئلة الصحيحة في أجواء مجتمعية لا تغلب عليها الصراعات العبثية في ما بين مكونات المجتمعات.

عند ذاك لن تكون الإجابة المجتمعية على الأسئلة نظرية، وإنما ستنتقل إلى الواقع لتعالجه من خلال تلاحم وتعاضد مكونات المجتمع في وجه المستفيدين الحقيقيين من تباعد الناس عن بعضهم بعضا.

المسؤولون في مؤسسات المجتمع المدني العربي مدعوون لإنهاء استغلال خلافاتهم الطبيعية، لأجل مصالح الطائفيين الموتورين، أو شركات البترول الكبرى، أو المغامرين الانتهازيين من رجالات الحكم في بعض بلاد العرب، وذلك كله بإدارة الاستخبارات الدولية المعروفة.

* د. علي محمد فخرو كاتب بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العلاج بالصدمة طرح الأسئلة الصحيحة تفسير لاعقلاني اختلافات دينية وطائفية وعرقية تشوش الذهن الإنسان العربي الأحداث المأساوية الأرض العربية قصص تآمرية خيالية شيطنة الجماعات