السعودية: مخاوف شرعنة الإباحية والمثلية والإجهاض تجدد الجدل حول وثيقة «السياسة السكانية»

الأحد 28 ديسمبر 2014 10:12 ص

عشية تصويت «الشورى» على وثيقة السياسة السكانية بالمملكة العربية السعودية، لا يزال الجدل مستمرا حول دلالات خفض معدل الخصوبة الكلي ومصطلح «الصحة الإنجابية» داخل أروقة مجلس الشورى في جلسات الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر الجاري، وبين مخاوف التمهيد لـ «الإباحية» وممارسة الجنس الآمن بين المراهقين ، وجدليات  خفض الخصوبة والمباعدة بين الولادات، والجدل الدائر حول المعاني والمصطلحات لا يزال إقرار الوثيقة السكانية للمملكة عالقا ينتظر الحسم بمجلس الشورى.

وتأجل حسم الجدل إلى جلسة الغد بعد أن فشل التصويت لثلاث مرات متتالية في بلوغ الحد الأدنى لنصاب الأصوات بالموافقة أو الرفض وهو 76 صوتا لقبول توصية لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة بحذف العبارة، أو إبقاء العبارة على حالها في الوثيقة المقدمة من الحكومة.

وتمسكت لجنة الإسكان والخدمات بتوصياتها التي رفضها المجلس في شهر أكتوير الماضي، ويأتي على رأٍسها حذف عبارة «خفض معدل الخصوبة الكلي» واستبدال مصطلح «صحة الأم والطفل» بمصطلح «الصحة الإنجابية».

 تعديلات اللجنة

وفي محاولة منها لإنهاء حالة الجدل في مجلس الشورى حول وثيقة السياسة السكانية أوصت لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة في تقريرها الذي تلاه رئيسها «محمد بن داخل المطيري»، بالموافقة على وثيقة السياسة السكانية للمملكة بالصيغة المرافقة بعد حذف عبارة «خفض معدل الخصوبة الكلي» عن طريق تشجيع المباعدة بين الولادات، وحذف مصطلح «الصحة الإنجابية» في كامل الوثيقة ليحل محله مصطلح «صحة الأم والطفل»، وتعديل الفقرة التاسعة من المحور الأول المتعلق بالسكان والتنمية لتكون بالصيغة الآتية: «تشجيع الرضاعة الطبيعية».

كما أوصت اللجنة بالاستفادة من الهرم السكاني وتحليل إحصائيات الأسر والأفراد بأبعادها الكمية والنوعية،واالاستفادة منها في التنبؤ بالاحتياجات والتحديات المستقبلية، وتقويم مؤشرات القياس فيما يتعلق بالفقر والبطالة والتعليم والثقافة والبيئة والطاقة، ومراجعة السياسة السكانية للمملكة كل خمس سنوات.

وقال رئيس اللجنة في مبررات التوصيات إن نمو السكان المواطنين شهد تراجعا مستمرا خلال العقود الثلاثة الماضية من 3.9 % إلى 2.2 % في عام 1431هـ، وتشير آخر المؤشرات الرسمية لعام 2013 إلى أن معدل نمو السكان السعوديين انخفض إلى 2.15%.

وأضاف أن المملكة لم تتبن أي وثيقة تتضمن مصطلح «الصحة الإنجابية»، وتبين للجنة أن المصطلح يشمل عدة قضايا منها الحصول على الاحتياط الآمن دون الإصابة بعدوى الأمراض أو التعرض للحمل غير المرغوب فيه، مضيفاً أن المجلس اتخذ موقفا واضحا من هذا المصطلح في قرار سابق له وقرر أن يحل مصطلح «صحة الأم والطفل» كبديل عنه.

مخاوف الإجهاض والمثلية الجنسية

وفيما ذهب رأي أكثر من عضو بأن مصطلح «الصحة الإنجابية» الذي نص عليه مشروع الحكومة يعد أوسع وأشمل من مصطلح «صحة الأم والطفل» الذي اقترحته اللجنة في سياق تعديلاتها، رأت العضوة «موضي الدغيثر»، أن الإشكالية التي يقف عليها المعارضون لهذا المصطلح ـ وهي منهم ـ، هو أنه أتى بصورة مطاطة، ليشمل المتزوجين وغيرهم والعلاقات السوية والأخرى الشاذة، مبدية مخاوفها من أن يؤدي شرعنة هذا المصطلح -الذي ذكرت بأن الحكومة سبق وأن سجلت تحفظات عليه في المواثيق الدولية الخاصة بذلك- إلى إباحة الإجهاض وفتح الأبواب أمام المثلية الجنسية، مؤكدة على أن مجلس الشورى عليه دور في الوقوف إلى جانب التحفظات التي سجلتها المملكة في هذا الصدد.

احتياجات أمنية وعسكرية

 ورفض أغلب نواب المجلس الذين قاموا بمداخلات على البند توصيات اللجنة، ووصفوا تعديلاتها على الوثيقة بأنها معاكسة للأساس العلمي ومخالفة للتوجه الحكومي وتعتمد على كلام مرسل وسطحي، دون تقديم مبررات علمية منطقية.

فيما أيد نائبان توصيات اللجنة، واحتجا بحاجة البلاد إلى العناصر والقوة البشرية لحمايتها عسكرياً ومدنياً من التهديدات المحيطة، وحذرا من غموض وضبابية بعض المصطلحات وتعارضها مع القيم الأخلاقية والتعاليم الدينية.

فمن جانبه تطرق النائب الدكتور «نواف الفغم» إلى أن الدولة تحتاج زيادة في العناصر العسكرية والأمنية مؤيدا رفع معدلات الخصوبة، وطالب بكثرة الإنجاب لزيادة أعداد حملة السلاح للدفاع عن حدود المملكة ومواجهة خطر «مليوني يمني» بحسب وصفه، وحينها علق رئيس المجلس والجلسة الشيخ الدكتور «عبدالله آل الشيخ» قائلا:«لدينا جيش مميز كماً وكيفاً».

وردت الدكتورة «لطيفة الشعلان» عضو المجلس برؤية مغايرة فندت خلالها حجج المطالبين برفع الخصوبة عبر كثرة الإنجاب لمواجهة التهديدات الإقليمية والدولية، حيث ذهبت في طرحها إلى أن الجيوش لم تعد تدار بمدافع الكلاشنكوف وإنما بالتقنية والطائرات بدون طيار، حيث حظيت مداخلتها بـ«تصفيق» أغلب الأعضاء.

وأوردت الدكتورة « لطيفة الشعلان» أن محاولة التخويف بالحروب لصالح زيادة النمو السكاني بشكل غير منضبط دون الأخذ بالاعتبار الجوانب الاقتصادية والمالية  سيعد مهلكة لآلاف البشر مستقبلا، مستشهدة بإحدى الدراسات العلمية التي أكدت أن الثورة المصرية جاءت نتيجة النمو السكاني غير المنضبط، والذي عمق حال اليأس والإحباط لدى شباب الثورة وفقاً لقولها.

تآكل الطبقة الوسطى

وأيدت العضوة الدكتورة «ثريا العريض» ما ذهبت إليه زميلتها النائبة الدكتورة «لطيفة الشعلان»، مؤكدة أن الطبقة الوسطى تآكلت وأصبحت «محتاجة»، بينما أبناء الطبقة الواعية المتعلمة سواء رضعوا طبيعيا أم من حليب «النيدو» أصبحوا يهاجرون بالآلاف للدول الأخرى إما للبحث عن عمل أو لساحات الإرهاب، وفقاً لوصفها.

وأوضحت الدكتورة «ثريا العريض» أن السعوديين أنجبوا خلال 30 عاما 15 مليونا.. لكن لم تؤمن لهم متطلبات الحياة الكريمة.. وباتت معاناة المواطنين لا يمكن أن تحل بتوصية من الشورى تشجع «الرضاعة الطبيعية».

المباعدة جائزة شرعاً

ومن جانبها جددت النائبة الدكتورة «حمدة العنزي» معارضتها لحذف اللجنة لما يتعلق بـ «المباعدة بين الولادات»، مبدية تأييدها لرأي الحكومة في هذا الشأن، وقالت: إن المباعدة بين الولادات من الناحية الشرعية نوع من تنظيم الإنجاب المباح شرعاً، مستشهدة بما خرج عن اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في الفتوى رقم (61013) في هذا الشأن، وبلجوء الصحابة إلى تنظيم النسل وسؤالهم عن ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام، مؤكدة أن عدم رفضه (صلى الله عليه وسلم) ذلك يُعد أكبر دليل على شرعية المباعدة بين الولادات.

نظرية المؤامرة

وانطلاقاً من نظرية المؤامرة هاجم العضو الدكتور «إبراهيم أبوعباة» ما جاء في وثيقة السياسة السكانية معتبراً أنها تهدف إلى تدمير الأخلاق،وإلغاء الفرق بين الذكور والإناث، وهدم نظام الأسرة، وتبديد الطبيعة النسائية.، كما تهدف إلى هيمنة الحضارة المعاصرة وتسويق قيمها.

وأورد الدكتور «أبوعباة» آراء جهات دينية وشخصيات معنية تكشف أن المصطلحات الواردة في الوثائق الدولية ومنها «الصحة الإنجابية» هي تخطيط لوبي دولي يقاتل بشراسة لتمرير قضايا لا تتفق مع الفطرة السوية، وتتعارض مع الأديان السماوية وفقاً لقوله.

وعي مجتمعي

وفي مؤشر على ارتفاع وعي المجتمع السعودي بالصحة الإنجابية قال الدكتور «محمد يحيى صعيدي» مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الأمراض الوراثية والمزمنة في وزارة الصحة، إن الوزارة لمست استجابة واضحة في قبول الفحص من قبل جميع أفراد المجتمع، وزيادة الوعي بسبب ارتفاع نسبة أمراض الدم الوراثية، وأوضح أن هناك حرية لإتمام الزواج بصرف النظر عن نتيجة الفحص لطرفي العقد بعد تقديم المشورة الطبية لهما، مشيرا إلى عدد من قام بالفحص منذ بداية تطبيق البرنامج قرابة ثلاثة ملايين أي بمعدل 270 ألف شخص سنويا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السياسة السكانية

نواب الشورى السعودي: «الوثيقة السكانية» تمهد لـ«الإباحية»

في الإمارات: خطط الزيادة السكانية تصطدم بتراجع معدلات الزواج وزيادة معدل الطلاق

«مجلس الشورى السعودي» يصوت اليوم على وثيقة السياسة السكانية للمملكة

«الشورى السعودي» يفشل في الوصول لاتفاق بشأن وثيقة «السياسة السكانية» المثيرة للجدل

العفو الدولية تنتقد تحويل نساء إيران إلى «آلات لإنجاب الأطفال»

وسط تواصل الجدل .. المغرب يسعى إلى «تقنين الإجهاض»

آلاف المثليين يتظاهرون في واشنطن للمطالبة بتقنين زواجهم

السعودية: تقارير «المثلية الجنسية» تدخل في شؤوننا ولن نسمح به على الإطلاق

«الجبير»: السعودية تتحفظ على ممارسة الجنس خارج إطار الزواج

سجن سعودي 6 سنوات لتأييد «الدولة الإسلامية» وحيازة مقاطع فيديو إباحية

المحاكم السعودية تسجل 26 قضية إنشاء مواقع إباحية خلال العام الجاري

السعودية تحجب 600 ألف رابط إباحي خلال عامين