نبوءة صدام التي لم يستوعبها العرب وأسرار صحوته الإسلامية المتأخرة

الخميس 1 يناير 2015 08:01 ص

عندما وقف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قبل ثماني سنوات بالتمام والكمال امام حبل المشنقة شامخا مرفوع الرأس دون خوف أو رهبة، ورافضا إغماء عينية، على حد وصف الدكتور موفق باقر الربيعي مستشار الامن القومي العراقي الذي حضر عملية تنفيذ الاعدام، صرخ بأعلى صوته "تحيا الأمة العربية"، و"عاشت فلسطين عربية حرة"، وهي كلمات تلخص الأسباب التي أدت إلى إعدامه، وتمزيق العراق وسورية ومعظم الدول الأخرى الفاعلة في المنطقة، وتتنبأ بالحال الراهن الذي وصلت اليه المنطقة بفعل التدخلات الامريكية المباشرة (الاحتلال) أو غير المباشرة في المنطقة.

لم يكن من قبيل الصدفة ان تتركز "المؤامرة" الأمريكية الغربية على العراق وتبدأ به، و"تتوج" بإسقاط نظامه واحتلاله وحل جيشه وجميع مؤسساته الامنية، وتقسيمه على أسـس طائفية وعرقية، فالعراق كان مؤهلا لقيادة مشروع نهضوي عربي يحقق التوازن مع المشاريع الأخرى، الإيرانية والتركية والاسرائيلية، لما يملكه من مصادر قوة وامكانيات مادية وبشرية وجذور حضارية تمتد لاكثر من ثمانية آلاف عام.

المفكر الصهيوني البريطاني برنارد لويس كان من أبرز المهندسين لمخطط احتلال العراق وتقسيمه، وكانت إسرائيل أبرز المحرضين، لأنها اعتبرت هذا المشروع الحضاري العراقي الذي يستند الى قاعدة عسكرية قوية، التهديد الاكبر الذي استخدمت كل ادواتها وقوى ضغطها في واشنطن ولندن لتدمير العراق وتفتيته وكان لها ما ارادت للأسف.

الرئيس صدام حسين اقام دولة قوية، وقاوم حصارا أمريكيا تجويعيا خانقا، وأسس صناعة عسكرية متقدمة، وبدأ برنامجا نوويا طموحا، وقضى كليا على الأمية، ووضع تعليما جامعيا متطورا من خلال جامعات ومعاهد تضاهي نظيراتها في الغرب، وخاض حربا لاكثر من ثماني سنوات مع ايران لمنع امتداد ألسنة لهب الثورة الاسلامية الايرانية إلى العراق والشاطيء الغربي العربي من الخليج، لكنه في الوقت نفسه ارتكب اخطاء ابرزها اغلاق الباب كليا امام الديمقراطية والحريات.

الرئيس صدام حسين ادرك اهمية العقيدة الاسلامية كعنصر توحيد ومواجهة للمشروعين الامريكي والصهيوني متأخرا، ولذلك اطلق حملته الايمانية في اواخر ايامه، واغلق البارات، ومنع اسيتراد الخمور، وكتب كلمة “الله اكبر” على العلم العراقي بدمه، واسس لمقاومة عربية واسلامية شرسة في مواجهة الاحتلال الامريكي ومخططاته ومن يتعاونون معها.

لا نعرف مدى دقة المقولة التي تنسب اليه في بعض الادبيات المنشورة والتي تقول انه اكد انه يجري اعدامه على يد الامريكان، بينما القادة العرب الآخرين ستعدمهم شعوبهم، ولكن جزء كبير من هذه النبوءة صدقت، ولا نستبعد ان يصدق ما تبقى منها اذا استمرت الاوضاع الحالية على حالها او تصاعدت اكثر حيث باتت الجماعات الاسلامية المتشددة هي اللاعب الاكبر على الارض.

العراقيون، او جزء كبير منهم يترحمون حتما على الرئيس العراقي صدام حسين ونظامه، وهم يرون حالة الانهيار والتمزق التي تعيشها بلادهم، وجزء كبير منهم ايضا ما زال يكابر ويرفض الاعتراف بالحقائق من منطلقات طائفية صرفة.

فالاحتلال الامريكي الذي "حرر" العراق وأطاح بنظام الرئيس صدام حسين قتل أكثر من مليون إنسان، وشرد أربعة ملايين آخرين ودمر البلاد بالكامل، وبات العراق محيطا من الفساد والفاسدين وناهبي المال العام، ودون الحد الادنى من الخدمات الاساسية من الماء والكهرباء والصحة والتعليم والامن والامان.

في زمن الرئيس صدام حسين كان العراق موحدا قويا مهابا، وكانت الطائفية غير موجودة، بل محاربة، والدليل الابرز انه حارب ايران لثماني سنوات بجيش وقيادة معظمها من الشيعة، وحتى اذا وجدت ففي حدودها الدنيا، ولم تظهر على السطح بالقوة التي نراها الا بتحريض امريكي لانها الوسيلة الوحيدة لتمزيق العراق، ومن بعده المنطقة العربية بأسرها.

نعم الرئيس صدام حسين ارتكب خطأ جسيما باحتلاله الكويت، ولكن لماذا احتلال الكويت جريمة، وهو كذلك، بينما احتلال امريكا للعراق عملا بطوليا في نظر البعض حتى الآن، رغم المآسي والجرائم التي جرها على العراق والمنطقة بأسرها.

العراق كان وما زال ضحية “مؤامرة” شاركت فيها دول غربية كثيرة وبأدوات عربية وستكشف الوثائق جميع تفاصيلها في يوم ما في المستقبل.

المصدر | رأي اليوم

  كلمات مفتاحية

العراق نبوءة صدام أسرار صحوته الاسلامية مخطط التفتيت احتلال العراق

الكويت وإيران وإسرائيل يتنافسون لشراء حبل إعدام «صدام حسين» المقدر بـ7 مليون دولار

آمر قوة حماية «صدام حسين» يكشف وقائع وتفاصيل جديدة حول محاكمته وإعدامه

اثنا عشر عاما على غزو العراق: الكسوف العربي الجديد