تقرير التنمية البشرية في 2014: المخاطر والتحديات

الجمعة 2 يناير 2015 07:01 ص

منذ أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقرير التنمية البشرية العالمي الأول العام 1990، تحقق معظم البلدان تقدماً في التنمية. فقد ارتفع مؤشر التنمية البشرية بين عامي 1990 و2013 من 0.757 إلى 0.890 في البلدان ذات التنمية المرتفعة جداً، ومن 0.534 إلى 0.735 في البلدان ذات التنمية المرتفعة، ومن 0.420 إلى 0.614 في البلدان ذات التنمية المتوسطة، ومن 0.345 إلى 0.493 في البلدان المنخفضة التنمية.

لكن هدر الأرواح لم يتوقف، وسبل المعيشة لا تزال معرضة للخطر، ومسارات التنمية عرضة للتعثر، اما بفعل كوارث طبيعية أو جراء أزمات من صنع الإنسان. 

على هذه الخلفية يتناول تقرير التنمية البشرية 2014 قضيتي درء المخاطر وبناء المنعة من منظور التنمية البشرية، معتمداً نهجاً محوره الإنسان، فيولي اهتماماً خاصاً للفوارق داخل البلدان وفي ما بينها، محدداً الأفراد والمجموعات الأكثر عرضة للمخاطر، ومن هؤلاء الفقراء حيث لا يزال هناك، برغم التقدم الحاصل في الحد من الفقر، 2.2 مليار شخص يعانون من الفقر المتعدد الأبعاد، ولا يزال 80 في المئة من سكان العالم يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية الشاملة، بينما يعيش 1.2 مليار شخص على اقل من 1.25 دولار في اليوم. 

وثمة مخاطر اقتصادية متمثلة في البطالة إذ من المتوقع ان يتجاوز معدل البطالة 11 في المئة في فرنسا، وان يقارب 12.5 في المئة في ايطاليا، و28 في المئة في اسبانيا واليونان، وان يناهز عدد العاطلين عن العمل من الشباب 60 في المئة في اسبانيا. وبصورة إجمالية بات اليوم 200 مليون عاطل عن العمل في مختلف أنحاء العالم.

ووفق التقرير لا تزال مشكلة عدم المساواة من المشاكل المتجذرة والمزمنة التي تلقي بثقلها على التنمية، ما يحد من الخيارات ويضعف النسيج الاجتماعي. فلا تزال التفاوتات الكبيرة في الثروة والتعليم والصحة وغيرها من أبعاد التنمية البشرية تعرّض الفئات المهمشة للمخاطر، وتقوّض قدرتها على التعاطي مع الصدمات الاقتصادية والكوارث البيئية. فقد بلغ متوسط عدم المساواة في الدخل 23 في المئة العام 2013 بعدما كان 21 في المئة العام 2010.

وفي الصحة بلغ عدم المساواة 37 في المئة في جنوب الصحراء الافريقية و25 في المئة في جنوب آسيا.

وتفيد التقديرات بأن ثلثي سكان العالم الفقراء يحصلون على اقل من 13 في المئة من الدخل العالمي، بينما ينعم الأغنياء ونسبتهم 1 في المئة بحوالي 15 في المئة من هذا الدخل. وتعادل ثروة 85 شخصاً من أثرياء العالم ما يملكه نصف سكان العالم الأشد فقراً، وتنذر العولمة بفجوات جديدة تضاف إلى الفجوات الكبيرة القائمة على صعيد الثروة. 

وتعاني المرأة من شتى أشكال الحرمان والتمييز في الصحة والتعليم والعمل. فمن خلال مقارنة أرقام دليل التنمية بشكل منفصل للإناث والذكور في 148 بلداً، يظهر ان متوسطات دليل التنمية للإناث أدنى بنسبة 8 في المئة من متوسطات دليل التنمية للذكور.

إزاء هذه المخاطر والتحديات الكبرى للأمن البشري ومستقبل الأجيال القادمة. يطرح التقرير حلولاً إنقاذية يمكن ان تؤدي إلى تفادي الاخطار المحدقة بالمجتمعات الإنسانية. وأول هذه الحلول الالتزام على المستويين الوطني والعالمي، بتأمين العمل اللائق وتأمين الحماية الاجتماعية للجميع من تعليم ورعاية صحية ومياه وصرف صحي وامان عام. ويجب ان تشمل الحماية الاجتماعية التأمين ضد البطالة، وبرامج المعاشات التقاعدية، وخلق فرص عمل منتج وتنمية القدرات البشرية والاستثمار في البنية التحتية.

وقد بادرت بعض الدول إلى تطبيق إصلاحات في هذا السياق فاعتمدت البرازيل العام 2012 نظام حصص ملزما يعطي الأفضلية للطلاب البرازيليين من أصل افريقي للدخول إلى 59 جامعة اتحادية و38 معهدا تقنيا، وصرفت بوليفيا معاشات تقاعدية العام 2007 لكل من تجاوز الستين، وتمكنت الأرجنتين العام 2009 باعتماد مستحقات الأطفال التي شملت حوالي 85 في المئة منهم، من تخفيض الفقر بنسبة 22 في المئة، والفقر المدقع بنسبة 42 في المئة. 

باختصار، من منظور التقرير، ان ضمان الحصول على الحماية الاجتماعية وعلى خدمات كالصحة والتعليم وعلى فرص العمل في الدول الضعيفة، قضية بالغة الأهمية، وهي من اكبر التحديات الإنمائية. ويمكن ان يكون للتقاعس عن ذلك عواقب على الأمن والاستقرار والرخاء على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. لكن النظام الدولي في مأزق يحد من القدرة على العمل في إطار جماعي دولي شامل على مختلف القضايا المطروحة.

وفي هذا الجو، يزداد الانكشاف على المخاطر إذا اخفقت الهيئات العالمية في الاتفاق على آليات التصدي الفاعلة وقصرت في اعتماد الضوابط اللازمة للحد من المخاطر وتحويل النظم العالمية نحو خدمة الصالح العام.

 

المصدر | كرم الحلو | السفير

  كلمات مفتاحية

الأمم المتحدة تقرير التنمية البشرية 2014 فرنسا البرازيل اسبانيا ايطاليا المرأة بوليفيا

تقرير التنمية البشرية 2015: قطر الأولى عريبا تليها السعودية فالإمارات