حث خطيب عرفة الشيخ «سعد بن ناصر الشثري» المسلمين على الاجتماع والتآلف والتعاون على الخير، وقادة الأمة على تحكيم كتاب الله.

كما أكد «الشثري»، وهو مستشار في الديوان الملكي السعودي، وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة، على أن المسلم لا يعتدي ولا يسفك الدماء، ويدين اعتداء الجماعات الإرهابية على الآمنين من المسلمين وغيرهم في مختلف البلدان، مشددا على أن الحج ليس «موسما للمزايدات أو مكانا للشعارات أو المظاهرات».

وقال، خلال خطبته بـ«مسجد نمرة» في مشعر عرفات، إن من محاسن الإسلام أنه «حض على الاجتماع والتآلف والتعاون على الخير كما قال الله سبحانه في كتابه الكريم: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، وقال تبارك وتعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)».

ويأتي موسم الحج هذا العام بينما تمر منطقة الخليج بأزمة حادة؛ إذ قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، علاقاتها مع قطر، وأغلقت في وجهها حدودها البرية وموانئها البحرية ومجالاتها الجوية؛ بزعم دعم الدوحة لـ«تمويل الإرهاب»، الأمر الذي نفته الأخيرة بشدة، مؤكدة أن الدول الأربع تحاول مصادرة قرراها الوطني.

المسلم لا يعتدي

خطيب عرفة أكد، أيضا، أن المسلم «مساهم في الأمن في كل مكان؛ فهو لا يعتدي».

وفي هذا الصدد، تساءل مستنكرا: «كيف يعتدي المسلم وهو يسمع قول الله تعالى: (وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، وكيف يتجرأ على أمان غيره أو يسفك الدم وهو يسمع الله يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)».

وعدد الصفات التي ينبغي أن تكون في المسلم، قائلا إن «المسلم يمقت الاعتداء على الآمنين من المسلمين وغيرهم في مختلف البلدان ويدين الاعتداء والجماعات الإرهابية»، و«لا يتجاوز ما أمر الله به من الوفاء بالعهود والمواثيق».

 وأضاف: «المسلم ملتزم بما أمر الله به من طاعة ولاة الأمور بما يحفظ النظام العام وينتج عنه استقرار البلدان وأمنها».

وتابع: «لإن كان الشرع يأمر بنشر الأمن والسلام والاستقرار في جميع بقاع العالم فإن الشرع يؤكد ذلك في هذه البلاد المباركة»، لافتا إلى أن «الله توعد من هم بالإحداث في الحرمين، فقال تعالى (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)».

واستطرد: «وكما أمن الله الحرمين الشريفين بهذه الولاية الإسلامية نسأل الله سبحانه أن يعيد المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يحفظ أهلنا في فلسطين وأن يمن عليهم بالأمن والعيش الرغيد واسترجاع حقوقهم».

لا مكان للشعارات في الحج

وفي تجديد لرفض المملكة للمراسم الذي يؤديها حجاج إيران خلال الحج والمعروفة باسم  «البراءة من المشركين»،  حذر «الشثري» من «جعل الحج موسما للمزايدات أو مكانا للشعارات أو المظاهرات أو الدعوة للأحزاب والتجمعات».

 وقال: «يجب أن يُجعل الحج لله وحده، كما قال تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)؛ حيث لا مكان للشعارات الحزبية ولا للدعوات المذهبية ولا للحركات الطائفية التي نتج عنها تشريد الملايين».

وسنويا، اعتادت السعودية، قبل موسم الحج، أن تصدر تحذيرا لحجاج إيران من إقامة مراسم «البراءة من المشركين».

وإعلان «البراءة من المشركين» هو شعار ألزم المرشد الإيراني الراحل «الخميني»، الحجاج الإيرانيين بترديده عند أداء الشعيرة، من خلال مسيرات أو مظاهرات تتبرأ ممن يعتبرونهم مشركين.

تحكيم كتاب الله

وفي خطبته أيضا، حث خطيب عرفة الأمة قاطبة على «التمسك بكتاب الله لنيل الهداية والفلاح».

وخاطب قادة الأمة قائلا: «هذا كتاب الله بين أيديكم سيروا على هدية وحكموه وانشروه في الأمة».

كما حث علماء الأمة على «الاستنباط من كتاب الله لحل المشاكل».

ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى اغتنام خيرات هذه الأيام المباركة والإكثار من الدعاء لأنفسهم ولمن لهم حق وللمسلمين عامة بأن يصلح الله أحوالهم ويتولى شؤونهم.

وعقب الاستماع لخطبة عرفة أدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام بمسجد نمرة صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، اقتداء بسنة النبي المصطفى «محمد» صلى الله عليه وسلم.

وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته 110 آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها 8 آلاف متر مربع بضيوف الرحمن، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وصعد، اليوم، نحو مليوني مسلم إلى جبل عرفات، الركن الأعظم للحج.