فشل استراتيجي: العودة إلى غزة

الأربعاء 7 يناير 2015 03:01 ص

حملة "الجرف الصامد" أعادت اسرائيل الى غزة – وبحجم كبير. في الايام القريبة القادمة، حين سيجمل الجيش دروس الحملة، فانه لن يتمكن من تجاهل هذا الانجاز الاستراتيجي البارز، الذي تقدم به الجيش الاسرائيلي والقيادة السياسية الى مواطني الدولة مع حلول 2015.

فالمصريون يبتعدون عن غزة، بينما إسرائيل تعود وترتبط بها بعناق سرعان ما سيعود بنا إلى أيام ما قبل فك الارتباط. عشية الخروج الى الحملة خططت اسرائيل لاضعاف حماس، ولكنها تجد نفسها اليوم تعيلها اقتصاديا وانسانيا، وليس فقط تعيلها – بل وتخشخش ايضا من كل قناص او كل صاروخ يفلته احد ما هناك.

منذ الحملة فعلت مصر كل ما يمكنها كي تفك ارتباطها، ماديا عن غزة. فقد خلقت قاطعا فاصلا من نصف كيلو متر – سيصبح في المستقبل كيلو متر – واغلقت معظم الانفاق.

إضافة الى ذلك، فان الغزيين الذين يخرجون الى مصر ويسعون الى الوصول بشكل غير قانوني، عبر البحر الى اوروبا، يواجهون معاملة متشددة من الاسطول المصري الذي يعيدهم الى الديار. معبر رفح يفتح يوم أو يومين في الشهر، لعدة ساعات، والحلف المصري مع قطر سيفاقم فقط وضع الغزيين.

لقد أغلق المصريون وكل شيء ينصب الينا: من الضغط الدولي وحتى احباط آخر السكان في غزة.

أما السلطة الفلسطينية، بالمقابل، فتدق العصي في عجلات إعمار غزة. عندما علمت بان رجال محمد دحلان وزعوا المال على مواطنين في غزة أصيبوا في الحرب، انفجر غضبها على وزارة الدفاع في تل أبيب. من جهتها، على ما يبدو، فليتخلفوا. فمن هم الاغبياء الذين على اكتافهم بقي واجب مساعدة سكان القطاع وتخليد حكم حماس؟ نحن. السلطة تتوجه الى الامم المتحدة، تتوجه الى لاهاي – ونحن نعالج البنى التحتية المهدمة في غزة.

مؤخرا فقط طلبت من اسرائيل محافل دولية مختلفة – بما في ذلك وزارة الخارجية الامريكية – النظر بالايجاب الى تمرير انبوب غاز الى القطاع لتوفير حل مستقر لضائقة الطاقة. انابيب المياه في غزة تضخ مياها مالحة. وبيع مياه الشرب من سيارات النقل هو عمل مربح في غزة – يوجد هناك بضع عشرات منشآت تحلية بيتية، الى جانب ثلاث منشآت حكومية صغيرة. ولكن اساس مياه الشرب توفره اسرائيل، التي تضخ 5 مليون مكعب من المياه في السنة، ومن المتوقع للكمية ان تتضاعف. الحل هو منشأة تحلية كبيرة، سبق أن خطط لها، غير أن هذه ستحتاج الى الطاقة بكميات هائلة اسرائيل وحدها يمكنها أن تقدمها. وستتفاجأون – هذا ايضا على جدول الاعمال.

منذ اليوم تعطي إسرائيل معظم الكهرباء إلى القطاع – 132 ميغا واط - بما في ذلك في زمن الحرب. أما مصر فتورد 32 ميغا واط في خط متهالك، من محطة توليد طاقة تعمل مرة ولا تعمل مرة اخرى.

والآن يتحدثون عن اقامة محطة توليد طاقة جدية في القطاع تكون اسرائيل موردة الطاقة لها – أي اسرائيل تورد الطاقة لجهة لا تعترف بحقها في الوجود.

ان الضائقة جراء الخراب الذي خلفته الجرف الصامد خلقت ارتفاعا بمعدل 30 في المئة في المسيرات الجماهيرية نحو الجدار والقفز من فوق الجدار لباحثي العمل في اسرائيل.

إضافة الى ذلك، فان اسرائيل تسقط بكلتي يديها سياسة العزل التي أملتها هي نفسها بين القطاع والضفة: فثمة مزيد من التصدير الزراعي من غزة إلى الضفة، مزيد من الحركة لاسباب دينية وانسانية، مزيد من فرق الرياضة التي تسافر للمباريات في الضفة وغيرها. يحاولون تحرير الضغط.

ان جباية ثمن من حماس مقابل زيادة اعتمادها على إسرائيل غير ممكنة – فإسرائيل لا تعترف بحماس. إسرائيل غير قادرة على أن تترجم تعميق دورها في غزة الذي انجرت اليه خلافا لسياستها – الى إنجاز أمني أو سياسي، مثل وقف انتاج السلاح في غزة، أو التزام بعيد المدى بالحفاظ على الهدوء.

بل العكس. المطالبات من اسرائيل في الساحة الدولية آخذة فقط في التعاظم. إذن من هو الذي لا يزال يدعي ان حملة "الجرف الصامد" هي قصة نجاح استراتيجية.

المصدر | أليكس فيشمان | يديعوت العبرية – مقال افتتاحي

  كلمات مفتاحية

مصر غزة إسرائيل فشل استراتيجي الأنفاق