أزمة الدواء تتفاقم في مصر.. منظومة عاجزة وبرلمانيون غاضبون

الخميس 12 أكتوبر 2017 10:10 ص

تحت وطأة إنهاك المرض، تقطع فتاة عشرينية كيلومترات عدة من منزلها في ضاحية شبرا (شمال العاصمة) إلى ضاحية المطرية شرقها، حيث «معهد المطرية» التابع لوزارة الصحة، تنتظم في طابور طويل ينتهي عند منفذ لتوزيع أدوية لأمراض مزمنة وبصحبتها قرار «علاج على نفقة الدولة» يصدر لمرضى الأمراض المزمنة، والتي تتعدى قيمة عقاقيرها آلاف الجنيهات غالبا، وعقب ساعات من الانتظار، تصل أخيرا لدورها أمام الموظف؛ ليرد على الفتاة «لا يوجد. ربما الأسبوع المقبل».

تقول الفتاة العشرينية: «لم يُصرف العلاج لي منذ شهرين بدعوى عدم توافره لدى وزارة الصحة، علما بأن العقاقير التي أتناولها والخاصة بمرضى زرع الكلى تعاني نقصاً لكنها متوافرة في بعض الصيدليات الخاصة ويتجاوز سعر العبوة الواحد 2000 جنيه (111 دولارا)، بحسب ما نقلته عنها صحيفة «الحياة».

ويعاني سوق الدواء في مصر من أزمة في إنتاج العقاقير الطبية، خصوصاً في ظل استيراد نحو 90% من المواد الفاعلة المستخدمة في صناعة تلك العقاقير من الخارج، ما يتسبب في ارتفاع أسعارها لا سيما بعد تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار نهاية العام الماضي.

لكن الأزمة تفاقمت في الشهور الأخيرة، مع زيادة أنواع العقاقير غير المتوافرة في السوق لتتجاوز «45 نوعاً لا يتوافر لها بدائل و1400 نوع آخر يتوافر لها بدائل» وفق عضو نقابة الصيادلة والخبير الدوائي أحمد أبو طالب، علماً بأن «بعض تلك الأدوية لأمراض مزمنة قد يعرض حياة المريض لمضاعفات خطيرة حال تأخر تناولها، وأخرى عقاقير بدائية يعد غيابها عن السوق غير منطقي أو مبرر مثل بعض محاليل الملح، وهي بدائية الصنع ويمكن إنتاجها في مصر بسهولة».

وتخضع منظومة الدواء في مصر لإشراف وزارة الصحة، وتسير وفق منظومة «التسعيرة الجبرية» بحيث تتولى الوزارة مسؤولية تحديد سعر الدواء، وكذلك أي زيادة في أسعاره.

ورغم ما تحققه تلك المنظومة من استقرار أسعار العقاقير ومنع التلاعب فيها من جانب المستثمرين (أصحاب شركات العقاقير)، فإن وزير الصحة «أحمد عماد الدين راضي» يواجه اتهامات برلمانية باعتباره رسخ «احتكاراً في صناعة الدواء لمصلحة شركتين كبريين، فيما لا تجد أكثر من 50 شركة جديدة انضمت حديثا إلى سوق الأدوية ما تنتجه وفق زعيم الغالبية في البرلمان ورئيس اتحاد الصناعات النائب «محمد السويدي».

ويحدد القانون المصري عند منح تراخيص إصدار العقاقير للشركات 15 تصريحاً فقط لـ«البوكس» الواحد، والبوكس مصطلح متعارف عليه بين المتخصصين الصيادلة يعبّر عن «المادة الفعالة» في الدواء، ومن ثم يفترض توافر 15 اسماً مختلفاً لعقاقير تؤدي الغرض الطبي نفسه.

لكن وزارة الصحة، وفق عضو نقابة الصيادلة أحمد أبو طالب، تمنح التراخيص المتعددة لشركتين فقط وهما من «أباطرة» صناعة الدواء في العالم، والأسوأ عدم ممارسة دورها الرقابي، إذ تتقاعس الشركات صاحبة التراخيص عن إنتاج العقاقير دون أن تتدخل الوزارة بسحب التراخيص منها ومنحها لشركات أخرى، ما يخلق أزمات نقص العقاقير.

وأضاف أن وزير الصحة أثبت فشله في إدارة المنظومة الدوائية، واقترحت النقابة تأسيس «هيئة عليا للدواء» مستقلة عن الوزارة شرط أن يترأسها متخصص في الصيدلة، تتولى إدارة كل ما يتعلق بالعقاقير لمواجهة تلك الأزمة من دون استجابة.

وطالب النائب محمد السويدي، خلال بيان عاجل أمام البرلمان قبل يومين بـ «إلغاء منظومة صناديق الأدوية» التي تتبعها وزارة الصحة، بحيث يفتح المجال للمنافسة بين الشركات، بالإضافة إلى إنشاء «هيئة سلامة الدواء» اقتداءً بكل دول العالم التي تفصل بين إدارة الصحة والدواء، وأشار إلى أن ذلك المقترح تقدم به المجلس من قبل لكن لم تعره الوزارة اهتمامًا.

وطالب زعيم الغالبية لجان الصحة والصناعة والتجارة والخطة والموازنة بالشروع في إنشاء هذه الهيئة، على أن تتبع في رئاستها مباشرة رئاسة الجمهورية.

أزمات دوائية

وتعاني مصر أزمات دوائية، للعام الثالث على التوالي، حيث يوجد نقص واختفاء الكثير من الأدوية الضرورية والأساسية من السوق، فضلاً عن اختلاف أسعار النوع الواحد من الدواء من صيدلية إلى أخرى.

وسوق الدواء في مصر متعدد الجنسيات حيث يمثل كبار الموردين نحو 40% من السوق، فيما يمثل الإنتاج المحلي 60% من السوق.

ويتراوح عدد الصيدليات الحكومية على مستوى الجمهورية بين 3 و6 آلاف صيدلية، بجانب الصيدليات الموجودة في المستشفيات الحكومية، بينما يصل عدد الصيدليات الخاصة إلى 71 ألف صيدلية، مغلق منها عشرة آلاف صيدلية.

وتواجه البلاد أزمة اقتصادية خاصة نتيجة تراجع مدخولات البلاد من العملة الصعبة، جراء سوء إدارة البلاد منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، وتفاقمت هذه الأزمة مؤخرا مع قرارات الحكومة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتقليص الدعم، وتحرير سعر صرف الجنيه (العملة المحلية) مقابل الدولار.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

أزمة الدواء الحق في الدواء احتكار الأدوية غلاء الدواء