«وورلد بوليتكس ريفيو»: رؤية ولي العهد الإصلاحية.. للأفضل أم للأسوأ؟

الأربعاء 18 أكتوبر 2017 02:10 ص

مثل المرسوم الملكي الذي يسمح للمرأة السعودية بتقديم طلب للحصول على رخصة للقيادة في يونيو/حزيران عام 2018، الصادر في أواخر الشهر الماضي، بيانا واضحا للغاية من ولي العهد «محمد بن سلمان» على أن خططه لتحديث وإصلاح المملكة العربية السعودية لا تزال على المسار الصحيح.

وقد أثيرت أفكار حول عدم اليقين في جدوى خطط ولي العهد لتحويل الاقتصاد السعودي، وذلك بعد التراجع الجزئي عن التدابير التقشفية في أبريل/نيسان الماضي، والتقارير التي خرجت في سبتمبر/أيلول حول مد الموعد النهائي لبرنامج التحول الوطني، وهو سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية مستهدفة حتى عام 2020.

وأدى التقدم البطيء في إعادة هيكلة شركة أرامكو السعودية، شركة النفط الحكومية والأوزة التي تبيض ذهبا، قبل خصخصتها الجزئية، إلى تعزيز مخاوف المتشككين من صعوبة ترجمة «رؤية 2030» إلى واقع ملموس في المملكة.

وبدأت التكهنات حول إمكانية تخلي الأمير، البالغ من العمر 32 عاما، عن خطته الإصلاحية. ومع ذلك، يشير تسارع صعود جيل جديد من أفراد الأسرة المالكة الشباب إلى المواقع القيادية وضخ وجوه جديدة في هياكل صنع القرار، إلى وجود إصلاحات أكثر جوهرية لم تأت بعد.

وكان مرسومان ملكيان، في أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، قد جاءا بالعديد من الوجوه الشابة من الجيل الثالث والرابع من أمراء آل سعود، إلى مناصب المسؤولية، في مواصلة للتحول بعيدا عن أبناء الملك المؤسس «عبدالعزيز»، الذين هيمنوا على الحكم السعودي منذ عام 1953.، وكان صعود «محمد بن سلمان» إلى منصب ولي العهد خطوة متوقعة من قبل العديد من مراقبي الشأن السعودي، لكنه جاء مدعوما بمجموعة من التعيينات الأخرى، التي نقلت المملكة بشكل حاسم بعيدا عن خطر التحول إلى دولة طاعنة في السن.

وبالإضافة إلى ولي العهد الجديد، أصبح لدى السعودية الآن وزير داخلية في عمر 33 عاما، وهو الأمير «عبد العزيز بن سعود»، وسفير يبلغ من العمر 28 عاما في الولايات المتحدة، وهو الأمير «خالد بن سلمان»، وهو شقيق «محمد بن سلمان»، وكان مثل هذا التصور مستبعدا من قبل معظم مراقبي الشأن السعودي قبل 5 أعوام.

وقد تركز معظم الاهتمام الدولي على الطرح العام الأولي لشركة أرامكو السعودية، وإذا نجح ذلك، فإنه سيحول عناصر من الهياكل الاقتصادية السعودية، إن لم يكن السياسية، بما يتماشى مع خارطة الطريق الطموحة التي وضعها «محمد بن سلمان» في ما يسمى «رؤية 2030». ومع ذلك، يتطلب هذا النجاح تنفيذا دقيقا وواقعيا بمستوى تفصيلي يتجاوز ما ورد في الرؤية أو في برنامج التحول الوطني المتزامن.

ويبدو أن المسؤولين في الرياض قد أدركوا الحاجة إلى مراجعة برنامج التحول الوطني والتحول إلى مجموعة من المقترحات العملية الأكثر قابلية للتحقيق وقابلة للقياس. وفد أشارت الأخبار في الشهر الماضي إلى أن الاقتصاد السعودي، الذي تراجع بفعل مزيج من ركود قطاع الطاقة وتراجع النمو غير النفطي، إلى العودة إلى حالة الركود، مما زاد من الحاجة الملحة وأهمية الوصول إلى إصلاحات نهائية سليمة.

ويشير قرار السماح للمرأة أخيرا بالقيادة إلى أن «محمد بن سلمان» ينظر إلى إصلاحاته الاقتصادية كجزء من مشروع أكبر لإصلاح المملكة التي قد يحكمها لـ50 عاما على الأرجح، نظرا لسنه الصغير. وهناك تدابير أخرى، مثل تشجيع الاستثمار في الثقافة والتراث والترفيه، تضيف وزنا إلى حملة التحديث التي يحاول الجيل الجديد من القادة السعوديين القيام بها. وبالإضافة إلى التوجه إلى شريحة كبيرة من الشباب السعودي، الذين عاد العديد منهم من الخارج بتوقعات كبيرة وتطلع متزايد للتغيير الاجتماعي، تم النظر إلى الإصلاحات لتحقيق أرباح اقتصادية أيضا.

ولن يؤدي تمكين المرأة من القيادة فقط إلى تسهيل دخول المزيد من النساء إلى القوة العاملة بما يتماشى مع هدف رؤية 2030، المتمثل في زيادة نسبتهن من 22% إلى 30%، ولكن أيضا تحقيق وفورات كبيرة من المبلغ المقدر بـ3.7 مليارات دولار، الذي ينفق على 800 ألف سائق أجنبي في المملكة، وفقا لأرقام عام 2016.

ومما لا شك فيه، أن الخطاب السياسي الحالي يعطي إشارة هامة للعناصر الأكثر تحفظا في المجتمع السعودي أنه لا عودة إلى الوراء، كما فعلت موجة الاعتقالات التي طالت المعارضين المتشددين قبل إعلان رفع حظر القيادة، والتي مثلت إشارة تحذير لأي شخص يفكر في مقاومة التحديث. وكانت سياسة الجزرة والعصا هذه تتوسع في مجال، بينما كانت تتراجع في آخر، الأمر الذي وضح في الإعلان الذي صدر قبل يوم من صدور القرار بشأن السائقات، والذي تحدث عن إرجاء مجلس الشورى لمناقشة حول الحد من صلاحيات الشرطة الدينية.

التوازن الدقيق

ويوضح القراران محاولة التوازن الدقيق التي يحاول «محمد بن سلمان» إنجازها خلال تحويل المملكة. وهو يدرك دون شك كيف سارت الموجات الرئيسية للتغيير الاجتماعي في الماضي. وفي السبعينات، أثارت التدابير التي اتخذت بسرعة كبيرة جدا، مثل إدخال التلفزيون إلى البلاد وإنشاء المدارس لأول مرة للفتيات، رد فعل ديني بلغ ذروته باغتيال الملك «فيصل» عام 1975، والاستيلاء العنيف على المسجد الحرام في مكة المكرمة من قبل المتطرفين بعد 4 أعوام.

وتتمثل المعضلة التي يواجهها «محمد بن سلمان» في أن الكثير من الثمار القريبة قد تم قطفها، وأن القرارات مثل السماح للمرأة بالقيادة، في حين أنها مهمة في السياق السعودي، فهي في نهاية المطاف لا تخرج عن كونها مجرد تأكيدات مهمة. وجاء التراجع في أبريل/نيسان الماضي عن بعض التخفيضات في الأجور والدعم، التي كانت قد تم الكشف عنها، في سبتمبر/أيلول عام 2016، كجزء من تدابير التقشف الحكومية، ليشير إلى أن الدوائر الحاكمة لا تزال حذرة من أن تتخطى كثيرا من المسائل المثيرة للجدل التي قد تؤدي إلى نتائج عكسية مع الجمهور. ولم يكتسب برنامج التحول الوطني ولا رؤية 2030 زخما بالفعل حتى الآن. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ولي العهد لديه القدرة السياسية لدفع التدابير التي لا تحظى بشعبية من خلال مواجهة المعارضة لحساب المصالح الاقتصادية والسياسية القوية المكتسبة على المدى الأبعد.

ومع ذلك، وبعد عقود من الزمن أصبح فيها حكام البلاد أكبر سنا وأكثر انفصالا عن سكان البلاد الشباب في غالبيتهم، انتقلت القيادة أخيرا إلى جيل يعكس التركيبة الديمغرافية للمجتمع السعودي. ولهذا مزايا كبيرة، لأنه يغرس إحساسا ملموسا بالأمل والإثارة لدى العديد من الشباب السعوديين، في إطار آفاق الإصلاحات التي حددها ولي العهد عبر رؤية 2030. وقد يحكم «محمد بن سلمان» لعقود تسمح له بتنفيذ رؤيته على المدى الطويل، مثلما حكم جده لمدة 51 عاما بين عامي 1902 و1953.

لكن على جانب آخر من التوقعات، كان الشعور السائد هو خيبة الأمل، حيث يشكك البعض في مغزى التغيير. وعلى سبيل المثال، في 5 أعوام، لم يتغير شيء ما بالنسبة للتوقعات المادية للعديد من الشباب السعوديين، الذين يدخلون القوى العاملة ولكنهم يكافحون من أجل إيجاد وظائف جيدة، فهل يتعرض إيمانهم بقدرة النظام على الإصلاح للاهتزاز؟ وخلافا لسلفيه المسنين، فإن ولي العهد، عندما يصبح ملكا، سوف يمتلك الوقت الكافي لعملية الإصلاح، بالشكل الذي سيكشف عن معدنه الحقيقي. وسوف يحدد كيفية المضي قدما في برنامجه الإصلاحي بالتأكيد طبيعة حكمه.

المصدر | كريستيان أولريخسن - وورلد بوليتكس ريفيو

  كلمات مفتاحية

رؤية 2030 محمد بن سلمان قيادة المرأة الإصلاح في السعودية