موقف الأزهر من قوانين المرأة بتونس.. تدخل أم توضيح؟

الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 08:10 ص

انتشر جدل واسع واستنكار لتصريحات الأزهر الشريف، التي انتقدت التشريعات التونسية الأخيرة، القاضية بمساواة المرأة بالرجل خلافا للتأويل الشرعي في الميراث، وغيرها من النصوص، التي كان من بينها إجازة زواج المسلمة بغير المسلم.

وطرحت تصريحات الدكتور «أحمد الطيب» شيخ الأزهر الشريف، التي وصف فيها التشريعات التونسية التي أباحت مساواة المرأة بالرجل والسماح بزواج المسلمة من غير المسلم، بأنها «عدوان صريح على القرآن وشريعته»، تساؤلا تمثل فيما إذا كان يُنظر لتلك التصريحات على أنها توضيح لصحيح الدين، أم تعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للدول الأخرى؟

وكان شيخ الأزهر أوضح خلال كلمته في مؤتمر «دور الفتوى في استقرار المجتمعات»، أن دعوات وجوب مساواة المرأة والرجل في الميراث، وزواج المسلمة بغير المسلم، هو فصل جديد من فصول اتفاقية «السيداو» وإزالة أي تمييز للرجل عن المرأة، يراد للعرب والمسلمين الآن أن يلتزموا به ويلغوا تحفظاتهم عليه، مشيدا بموقف مفتي الديار التونسية السابق «حمد سعيد»، وعلماء الزيتونة الذين حذروا المسلمين من الانسياق وراء هذه الدعوات.

من جانبه أكد الدكتور «أيمن أبوعمر»، مدير عام الفتوى وبحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، أن الانتقادات التي وجهها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية للتشريعات التونسية، المتعلقة بمساواة المرأة بالرجل فى الميراث وإجازة زواج المرأة المسلمة من الرجل صاحب ديانة أخرى، يعتبر توضيحا لصحيح الدين وإظهارا لحكم الله تعالى وسنة رسوله فيما هو معلوم من الدين بالضرورة، وليس تدخلا في الشؤون الداخلية لهذه الدولة.

وأضاف في تصريح لموقع «مصر العربية»، أن «من واجب أهل العلم فى كل زمان ومكان أن يردوا عن دين الله ويدافعوا عن أي تعد أو انتهاك أو تغيير لثوابت هذا الدين، فثوابت هذا الدين صالحة لكل زمان ومكان لا تتغير، أما الأمور الفرعية فهي التى يستساغ فيها الخلاف، والخلاف في الفروع أكثر من أن يضبطه أحد، إنما ثوابت الدين ينبغي ألا يكون هناك مساس بها».

وشدد مدير عام الفتوى على ضرورة التفريق بين الفتوى والرأي الشخصى، موضحا أن الفتوى هى «إبلاغ عن الله سبحانه وتعالى، بالتالي لا يجب أن تخضع للأهواء الشخصية والتعصبات، وإنما تخضع لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولما يستنبطه الفقيه أو المفتي في المسألة التي تعرض عليه من الأدلة الشرعية».

من ناحيته، اتفق في هذا الرأي الدكتور «محمد المحمدي» المدرس بجامعة الأزهر، الذي أوضح للموقع ذاته، أن «إبداء رجال الدين آراءهم فى أمور تتعلق بعادات دول أخرى يعتبر تدخلا في شؤون هذه الدول، أما إذا كان الأمر يتعلق بأمور الشرائع المتفق عليها والتي تعد من ثوابت الإسلام، فيجب على العلماء بيان صحيح الدين دون التدخل في مهاترات سياسية أو التعريض بأسماء أشخاص».

وبدورها أكدت الدكتورة «فتحية الحنفي»، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن موقف الأزهر هو «بيان لصحيح الدين ولا يختص بدولة دون أخرى، وإنما يشمل جميع المسلمين في العالم»، موضحة أن «هناك أدلة شرعية ثابته فى مسألة الميراث، وأن زواج المسلمة بغير المسلم، هو مخالفة لقول الله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ».

وأشارت أستاذ الفقه فى تصريح لـ«مصر العربية» أيضا، إلى أنه لا يحق ﻷى شخص سواء كان رئيسا أو ملكا أن يغير في النص القراني القاطع، بحسب تعبيرها.

أما الدكتور «إبراهيم نجم» مستشار مفتي الجمهورية، فقال: «كنا ننأى برجال السياسة في تونس عدم التدخل في الأمور الدينية لأن ذلك يضر بالدين والسياسة معا أشد الضرر، وكان الأولى بهؤلاء الساسة أن يعرضوا جميع المشكلات التي تواجههم فى بعض الأمور الدينية على لجنة مختصة من رجال العلم والاجتهاد؛ فهؤلاء وحدهم جديرون بوضع الحلول الشرعية المناسبة من الكتاب والسنة، وبلاد الإسلام بها من العلماء والمجتهدين المشهود لهم بالعلم والاجتهاد والكفاءة ما يكفي لسد هذا الخلل».

يأتي ذلك بعد أن طالب الرئيس التونسي «الباجي قائد السبسي»، من الحكومة في 13 أغسطس/آب الماضي، سحب الأمر «الترتيبي» الذي يعود إلى 1973 ويمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.

وكان القانون يشدد للاعتراف بزواج التونسية المسلمة برجل غير مسلم على وجوب تقديم شهادة تثبت اعتناق الرجل للإسلام.

وأعلنت دار الإفتاء التونسية تأييدها لمقترحات «السبسي»، وقالت إنها «تدعم مكانة المرأة، وتضمن مبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، التي نادى بها الدين الإسلامي».

وأصدر الأزهر بيانا رفض فيه دعوة الرئيس التونسي، وقال إنه «يرفض رفضا قاطعا تدخل أي سياسة للمساس بعقائد المسلمين وأحكام شريعتهم»، مضيفا «أن رسالة الأزهر خاصة ما يتعلق بحراسة دين الله هي رسالة عالمية لا تحدها حدود جغرافية».

دار الإفتاء المصرية أصدرت بيانا أيدت فيه رأي الأزهر كذلك، وأكدت دار الإفتاء أنه لا اجتهاد فى الأحكام الشرعية قطعية الثبوت والدلالة ولا مجال فيها لوجهات النظر الشخصية والتي منها «أحكام المواريث» لأنها حسمت بنصوص شرعية قطعية وصريحة لا تحتمل أكثر من معنى.

وفي الإثنين 14 أغسطس/آب 2017، وردا على تحفظ الأزهر على تلك المقترحات، قال القيادى في حركة «نداء تونس» وهو حزب الرئيس «السبسي»، «برهان بسيس»، إنه من المفيد «التذكير بأن نقاشنا التونسي الداخلى يظل ظاهرة صحية ومطلوبة مهما بلغ حجم اختلافاتنا تجاه قضايا مثيرة للجدل مثل المساواة في الإرث أو زواج المسلمة بغير المسلم».

ورفض «بسيس» تدخل مؤسسات غير تونسية في هذا الجدل، لافتا الى أن «مقترحات السبسي قضايا تهم مجتمعنا التونسي فقط وليس من حق أحد الدخول فى هذا النقاش».

وأضاف عبر صفحته على «فيس بوك»: «علينا تحصين أجواء الجدل الفكري والثقافي بيننا كتونسيين من أي تشويش خارجي فقط عن طريق جعلها رفيعة المستوى راقية المضامين لا تقع مهما بلغ الاختلاف فيها في مصيدة التكفير المتبادل.. محافظون يكفرون غيرهم دينيا.. وحداثيون يكفرون غيرهم مدنيا».

المصدر | الخليج الجديد + مصر العربية

  كلمات مفتاحية

المرأة المرأة التونسية الأزهر فقه تشريع الأزهر الشريف أحمد الطيب مساواة ميراث