استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تصدع البيت السعودي أزمة للجميع

الاثنين 13 نوفمبر 2017 07:11 ص

من الصعب ان لا يساور المرء قلق شديد وهو يتابع ما يجري في المنطقة من حوادث لم تكن متوقعة حتى وقت قريب. ففي ضوء التأكيدات الغربية بان مسار الاستخلاف في المملكة العربية السعودية مستقر، وانه يتم وفق تقاليد ثابتة منذ وفاة الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود في العام 1953، لم يكن هناك توقعات بما يجري منذ ان تولى الملك سلمان بن عبد العزيز منصبه قبل أكثر من عامين.

يومها كان هناك احتمال ان يكون آخر الملوك من ابناء عبد العزيز، ولكن ما فات الكثيرين ان الانتقال إلى جيل الأحفاد لن يكون بالسهولة التي صاحبت تداول الأبناء الستة الحكم بعد وفاة المؤسس (سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله وسلمان). بعض حالات التداول لم تكن بالطرق الهادئة، فقد أزيح سعود في 1964 بسبب مرضه، واغتيل فيصل في 1975.

ولكن ما يحدث الآن في المملكة خارج عن المألوف والمتوقع، ويمكن اعتباره زلزالا كبيرا في البيت السعودي. فلم يحدث من قبل ان اعتقل العشرات من أفراد العائلة، من بينهم واحد من اكبر اثرياء العالم.

أكثر من مائتي شخص وجدوا انفسهم تحت رحمة اجهزة الامن والشرطة التي كان جدهم قد أسسها لحماية العائلة من مناوئيها، وليس لاستخدامها في الصراعات الداخلية. برغم ذلك كان واضحا أن ما فعله الأمير الشاب، محمد بن سلمان، منذ استلام والده الحكم بعد رحيل عمه، الملك عبد الله في 2015 كان خارج المألوف من السياسات السعودية.

فقد خرجت تلك السياسة عن أسلوبها الهادئ لتصبح اكثر ضجيجا وإرهاقا للتوازن المحلي والإقليمي. في البداية تظاهر الأمير بانه ملتزم بالاعراف المتبعة، فتم الاعلان عن اسناد ولاية العهد لابن عمه، محمد بن نايف، لكن سرعان ما انقلب عليه وأزاحه وفرض عليه الاقامة الجبرية.

والواضح ان مسألة انتقال الحكم من الاولاد إلى الاحفاد لم يكن موضع توافق مجلس العائلة، فتم استبعاد الامير مقرن بن عبد العزيز الذي كان ينتظر دوره، كما استبعد آخرون من ولاية العهد.

لم يكن التغير في السياسات السعودية، كما أسلفنا، هادئا، بل اتسم بالصخب والتحدي. وتزامن ذلك مع وضوح أمور ثلاثة:

أولا: تقارب المملكة مع «إسرائيل» بشكل غير مسبوق.

ثانيا: دعم المجموعات المسلحة في عدد من البلدان مثل سوريا والعراق.

ثالثا: قيام تحالف جديد داخل مجلس التعاون بين الرياض وابوظبي، وبروز دور كبير لحاكم الامارات (الفعلي)، محمد بن زايد، وتأثير مباشر على محمد بن سلمان. وتوازى مع ذلك انتهاج المملكة سياسات هجومية على كافة الصعدان، لم تكن مألوفة في الجزيرة العربية.

كان إعلان الحرب على اليمن مفاجئا للكثيرين، رغم الصراع على النفوذ الإقليمي مع إيران. اللافت أن تلك التطورات ظهرت بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، الأمر الذي قرأت الرياض فيه بداية تغير في التحالفات الاقليمية والدولية، وان إيران التي عانت من الحصار الشديد اثني عشر عاما، ستتوفر لها امكانات تطوير امكاناتها الاقتصادية والتكنولوجية، بالاضافة لنفوذها الاقليمي.

وكانت حوادث العام 2011 المرتبطة بثورات الربيع العربي، مصدر قلق كبير لدى حكام الدول العربية، خصوصا السعودية التي كادت الثورات تصلها. ورغم ما يقوله البعض عن دوافع تلك الحراكات التي لم تشهد المنطقة لها مثيلا في التاريخ المعاصر، والزعم بوجود أيد خفية حرّكتها، فإنها كانت تعبيرا عن حيوية الشعوب العربية رغم المحاولات المتواصلة لقتل طموحاتها.

والصحيح ان التدخل في تلك الثورات حدث لاحقا، باعادة توجيهها نحو التطرف والعنف والإرهاب والطائفية. وذلك ما فعلته قوى الثورة المضادة التي قادتها «إسرائيل» ودعمت بأموال النفط السعودي، وحظيت بمباركة التحالف الأنكلو-أميركي. ما حدث في العراق وسوريا وليبيا لاحقا إنما كان مآلات خططت لها قوى الثورة المضادة، واتبعتها لاحقا بحرب اليمن.

ويمكن القول إن السعودية أطلقت سياساتها الصاخبة الجديدة بارسال قواتها العسكرية إلى البحرين لقمع ثورتها بعد شهر واحد من انطلاقها في 14 شباط/فبراير 2011. كان ذلك بالون اختبار للجميع، خصوصا للموقف الغربي الذي طالما رفع شعار الديمقراطية وحقوق الانسان.

ولما لم يظهر الغربيون ردة فعل داعمة للتحول الديمقراطي، شعر تحالف قوى الثورة المضادة بحرية مطلقة لاتخاذ ما يشار من اجراءات للحفاظ على الوضع الراهن. أما الدول التي لم تلتزم بذلك فقد استهدفت بشراسة اكبر. فقد تعرضت إيران لحملة بدأتها «اسرائيل» لمنع تبلور الاتفاق النووي.

السعودية رأت في الربيع العربي أحد مظاهر توسع النفوذ الإيراني. ومن المتوقع أن تتصاعد تلك النغمة الآن بعد هزيمة داعش بشكل حاسم في كل من العراق وسوريا. فقد كانت المنظمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش» تحديا كبيرا للامة، وليس لإيران فحسب، ومشروعا بديلا للتحول الديمقراطي.

لذلك فما ان اتضح حجم خسائرها حتى ارتفعت الاصوات مجددا محذرة من «توسع النفوذ الإيراني». من المؤكد ان لإيران نفوذا في المنطقة، ورغبة في توسيع ذلك النفوذ، فهذا شأن الدول الكبيرة.

الوضع السعودي اصبح مؤشرا لمدى استقرار المنطقة واضطرابها، لاعتبارات عديدة:

- فعندما تتحالف الرياض مع تل أبيب فان ذلك يؤدي للمزيد من الاضطراب لأنه يشجع الاحتلال على التمادي وتوسيع مستوطناته والإمعان بإنكار الحقوق الفلسطينية، وتوسيع دائرة نفوذه إلى ما وراء فلسطين.

- وحين تستهدف قوى التغيير فان المنطقة تصبح مهددة بالمزيد من القمع وتوسع دائرته وضمور الحريات وتراجع الحقوق. وحين تجنح الرياض نحو الحرب فان حروبها مدمرة لأنها مدعومة بأسلحة متطورة وإنفاق هائل وصفقات عملاقة.

- وحين تختلف اجنحة الحكم في السعودية فهذا أمر يبعث على القلق أيضا لأنه يضعف الدولة كثيرا، واذا ضعف المركز تلاشت قوة الاطراف وتصاعدت النزعة للانفصال، وطمعت الاقليات في تحدي السلطة المركزية، كما حدث في العراق مؤخرا عندما حاول الاكراد الانفصال عن بغداد.

فالدولة الضعيفة تصبح وبالا على شعبها وجيرانها والأمن الدولي. وهذا ما حدث للعراق عندما استهدف بالإرهاب وضعفت الدولة المركزية وتشجعت الاطراف للتمرد. لكن بعد أن خاضت بغداد معاركها الاخيرة ضد داعش وتمكنت من ذلك أصبح لها شأن آخر.

هكذا ساهمت السعودية في تقوية العراق واستقلاله العسكري بدون علمها. كما انها ساهمت في تقوية اليمن الذي سيخرج من الحرب أقوى منه حين فرضت عليه.

وستكون العراق وسوريا أشد بأسًا بعد دحر المجموعات التي تدعمها السعودية.

أما قطر فهي الاخرى لها قصتها ومحنتها مع السعودية، والحرب عليها من قبل الرياض خاسرة لأن قطر ليست خصما حقيقيا للسعودية، ولا تمثل منافسًا حقيقيًا للحكم السعودي.

صحيح ان للدوحة سياسات خارجية أكثر استقلالا من غيرها، وصداقات مع مجموعات إسلامية وسياسية في العديد من الدول، وقدرة على التفاهم مع كبرى الحركات الإسلامية في العالم، لكنها لم تسع يوما لخلخلة الأمن السعودي.

كما انها ليست عنصر إثارة أو تخريب في المنطقة، وإن كانت شبكة «الجزيرة» التابعة لها قد كسرت حواجز إعلامية كانت الامبراطورية الإعلامية السعودية قد فرضتها على العالم العربي.

السعودية تعاني كذلك من ضعف بنيوي في الوقت الحاضر، ولن تسعفها كثيرا خطة 2030 التي يروجها الغربيون كمشروع اصلاحي واسع، مع ان محتواها ضعيف ولا يعبر عن قراءة دقيقة للوضعين المحلي والدولي.

٭ د. سعيد الشهابي كاتب بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السعودية بن سلمان التوريث اعتقالات الأمراء الإمارات بن زايد حرب اليمن الثورة المضادة